* تراجعً حاد في الحركة السياحية بالمملكة بجميع أنواعها وانخفاض الدخل السياحي بنسبة 5%

نخبة بوست – أماني الخماش 

في ظل التحولات الاقتصادية العالمية وتزايد الاعتماد على السياحة كركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، يحتل القطاع السياحي في الأردن مكانة بارزة في تعزيز الاقتصاد الوطني.

ويُعدّ الأردن بموقعه الجغرافي الاستراتيجي وتنوعه الطبيعي والثقافي، واحداً من الوجهات السياحية الأكثر تميزاً في المنطقة، حيث يزخر بمواقع أثرية عالمية مثل البتراء وجبال وادي رم والبحر الميت، مما يجعله محط أنظار السياح من مختلف أنحاء العالم.

كما ساهم القطاع السياحي الأردني على مدى السنوات الماضية في دعم الاقتصاد الوطني من خلال توفير فرص العمل، وزيادة الإيرادات الحكومية، وتعزيز الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالسياحة مثل الضيافة، والنقل، والخدمات، كما يلعب دوراً محورياً في تحسين البنية التحتية، وتعزيز التبادل الثقافي بين الأردن والدول الأخرى.

الأحداث الساخنة بالمنطقة انعكست على القطاع السياحي بالمملكة

أمام مشهد الأحداث الجارية التي تركت أثرها على القطاع السياحي، ومنذ بداية الحرب على غزة، تراجع عدد الوفود السياحية القادمة إلى المملكة بشكل ملحوظ، ومع احتمال توجه المنطقة نحو سيناريو الحرب الشاملة، بدأ عدد الفنادق المغلقة والموظفين المسرحين في الارتفاع.

وبالرغم من تمكن القطاع السياحي في الأردن العام الماضي من احتلال المركز التاسع في تصنيف الوجهات السياحية ضمن الدول الأكثر نمواً في أعداد السياح، إلا أن هذا العام يشهد تراجعًا حادًا في الحركة السياحية بجميع أنواعها، مما أدى بدوره إلى انخفاض الدخل السياحي بنسبة 5% .

انتعاش السياحة الداخلية وانخفاض السياحة الوافدة

وفي هذا الصدد، أظهر تقرير البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي أن منحنى الوفود السياحية القادمة إلى الأردن شهد انخفاضًا ملحوظًا خلال النصف الأول من العام الحالي، حيث بلغ عدد السياح 2.79 مليون سائح.

كما أوضح التقرير أن عدد القادمين إلى الأردن عبر الطيران منخفض التكاليف والمنظم بلغ 138 ألف راكب، وهو فارق كبير مقارنة بالأرقام المسجلة في الأشهر السبعة الأولى من عام 2023، حيث شهد الطيران منخفض التكاليف نموًا بنسبة 154% في عدد الركاب.

وفيما يتعلق بالسياحة الداخلية، شهد برنامج “أردننا جنة” تحسنًا كبيرًا، حيث أظهرت الأرقام أن البرنامج حقق نسبة نمو بلغت 122% في النصف الأول من العام الحالي.

تمكن البرنامج من خلال الاستراتيجية المتبعة والدعم الحكومي الموجه إليه من تحقيق أرقام مميزة، حيث تعاون مع 130 مكتبًا سياحيًا و93 مطعمًا، بالإضافة إلى 48 فندقًا ومخيمًا، ويُقدر عدد المشاركين في البرنامج بحوالي 150 ألف شخص

عمان .. كان لها النصيب الأكبر من عدد السياح

وفي هذا السياق، بين نائب رئيس جمعية الفنادق الأردنية، حسين هلالات، أن نجاح الموسم السياحي في الأردن يعتمد على توفر ركائز معينة، ابتداءً من درجة الاستقرار الأمني التي تنعم بها المنطقة، مرورًا بوضع الاقتصاد العالمي، وانتهاءً بالقدرة على الترويج السياحي للأردن والسبل المتبعة لذلك.

وأشار هلالات إلى أن الموسم السياحي الأكثر نشاطًا في المملكة كان من نصيب العاصمة عمان، حيث شهدت المدينة نشاطًا كبيرًا من حيث تنظيم العديد من المؤتمرات والأعراس خلال صيف 2024، خاصة في شهري حزيران وتموز.

هذا النشاط أسهم في جذب أعداد كبيرة من الزوار، وعزز من الإقبال على الفنادق ومرافقها مثل قاعات الاجتماعات والاحتفالات والمؤتمرات، معظم زوار العاصمة في هذه الفترة كانوا من دول الخليج كافة، بالإضافة إلى سياح من عرب 48

ولفت هلالات إلى أن المشهد السياحي في منطقة البحر الميت غير مستقر، والنسب متفاوتة، حيث يزداد عدد السياح في أيام العطل ونهاية الأسبوع والإجازات الصيفية الطويلة فقط. ويقصد المنطقة سياح من دول أوروبية عديدة بالإضافة إلى سياح من دول الخليج، فضلاً عن الزوار المحليين.

ووفقا للارقام الصادرة عن جميعة الفنادق الأردنية حول نسب اشغال الفنادق الاردنية استحوذت العاصمة عمان على 56% من هذه الحجوزات خلال تموز الماضي يليها البحرالميت بنسبة 44% .

الأزمة الاقتصادية وحرب غزة: انعكاسات مزدوجة على السياحة في المملكة

انخفاض السياحة في إقليم البتراء

وفيما يتعلق بالنشاط السياحي في إقليم البتراء، أوضح هلالات أن المنطقة تشهد انخفاضًا ملموسًا في نسب الإشغال نتيجة الحرب على قطاع غزة، حيث انخفضت أعداد الزوار بسبب القلق الأمني وتوجيهات السفر الاحترازية. ومن التداعيات السلبية التي خلفتها الحرب، شهدت البتراء إغلاقات عدة في المنشآت الفندقية نتيجة عدم إقبال السياح على زيارة المنطقة.

وأضاف “مدينة البتراء تعتمد على الزوار الأجانب أكثر من اعتمادها على الزوار المحليين، أما المحافظات الأخرى مثل جرش وعجلون ومأدبا والعقبة فالحركة السياحية فيها كانت محدودة.”

تحديات القطاع السياحي

وأكد هلالات أن القطاع السياحي في الأردن يواجه تحديات عديدة، أبرزها: ارتفاع تكاليف التشغيل من مياه وكهرباء وطاقة، وصعوبة دفع المستحقات المالية وأجور العاملين في القطاع الفندقي. كما يعاني القطاع من موسمية السياحة، والتي تعتمد على مواسم محددة، مما يؤدي إلى الركود السياحي خارج تلك الفترة.

هلسة: انخفاض السياحة الوافدة بنسبة 90%

من جهته، بين المدير السابق لجمعية وكلاء السياحة والسفر، سهيل هلسة، أن الواقع السياحي بجميع أنواعه يمر بمنعطف صعب، خاصة السياحة الوافدة.

وأشار إلى أن النسب المتعلقة بالتذاكر والسياحة الصادرة والحج والعمرة غير مستقرة، ويرجع ذلك أساسًا إلى الظروف الاقتصادية السيئة للأفراد والوضع الاقتصادي العام في البلاد، فضلاً عن العامل النفسي الذي يعيشه المواطنون والذي لا يحفزهم بشكل كبير على القيام برحلات خارجية.

وفيما يتعلق بالرحلات السياحية داخل المملكة، أوضح هلسة أن برنامج “أردننا جنة” لا يزال يعمل بشكل جيد بفضل الدعم الحكومي الموجه إليه، وذلك في محاولة لتحفيز المواطن الأردني على القيام بمثل هذا النوع من الرحلات الداخلية.

الانخفاض الحاصل في السياحة الوافدة هذا العام قد تجاوز 90% جراء الحرب على غزة، التي ألقت بتداعياتها السلبية على السياحة في الأردن، مما أدى إلى انخفاض ملموس في أعداد السياح

وأكد هلسة أن القطاع السياحي هو “نفط الأردن الذي لا ينضب”، ومن هذا المنطلق يجب بذل الجهود للحفاظ عليه. يمكن تحقيق ذلك من خلال تنفيذ استراتيجيات تسهم في تحسين الوضع السياحي، مثل توسيع الأسواق الخارجية وإعداد خطط شاملة، وإنشاء مركز أزمات دائم للسياحة في الأردن لمواجهة أي تحديات قد تطرأ في المستقبل والحد من تأثر القطاع السياحي بأي أزمة أو حدث سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي.


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version