نخبة بوست – شذى العودات
شهدت التشريعات الضريبية في الأردن خلال السنوات الأخيرة تعديلات متلاحقة استهدفت بشكل أساسي القطاع الصناعي، هذه التعديلات انعكست بشكل كبير على الصادرات والقدرة التنافسية للصناعة المحلية، مما أثار جدلاً واسعاً بين الخبراء الاقتصاديين وممثلي القطاع الصناعي.
في هذا التقرير، نستعرض أبرز هذه التعديلات، تأثيراتها، والتحديات التي يواجهها القطاع إضافة إلى تسليط الضوء عن كثب على آراء خبراء اقتصاديين.
الساكت: التشريعات الضريبية الحالية تعاني من “الخلل”
في هذا الصدد، أشار موسى الساكت؛ عضو غرفة صناعة عمان إلى أن التشريعات الضريبية الحالية تعاني من خلل واضح، خاصة فيما يتعلق بضريبة المبيعات.
وأكد أن هذه الضريبة غير تصاعدية وغير دستورية، مما يجعلها عبئاً ثقيلاً على المستهلكين، لا سيما أصحاب الدخل المنخفض. وأوضح الساكت أن ضريبة المبيعات تزداد مع انخفاض دخل الفرد، ما يزيد من الأعباء على الفئات ذات الدخل المحدود ويضعف القوة الشرائية لهم.
وأكد أن هذه التحديات تضعف المنتج الأردني، وتدفع المستهلكين إلى البحث عن بدائل مستوردة أقل تكلفة، لذلك، دعا الساكت إلى ضرورة إعادة هيكلة ضريبة المبيعات لتخفيف العبء عن المستهلكين ودعم المنتجات المحلية.
إلغاء إعفاءات الصادرات؛ والقطاع الصناعي يدفع الثمن ..
وفيما يتعلق بالتعديلات الأخيرة على ضريبة الدخل، أوضح الساكت أن إلغاء الإعفاءات الضريبية على أرباح الصادرات كان من أكبر التغييرات التي أثرت على القطاع الصناعي، لافتا إلى أن هذه الإعفاءات كانت تساعد في تعزيز تنافسية المنتجات الأردنية في الأسواق العالمية، لكن مع إلغائها التدريجي خلال السنوات الخمس الأخيرة وفرض ضريبة بنسبة 20% على أرباح الصادرات في عام 2024، ارتفعت أسعار المنتجات المصدرة بنحو 10-12%.
نتيجة لذلك، شهدت الصادرات الصناعية تراجعاً مستمراً، ما يتناقض مع رؤية التحديث الاقتصادي التي تهدف إلى تعزيز حجم الصادرات.
وأضاف الساكت أن تراجع الصادرات له تأثير مباشر على الناتج المحلي الإجمالي، حيث تساهم الصادرات بشكل كبير في دعم الاقتصاد الوطني. وأعرب عن قلقه من أن التعديلات الضريبية الأخيرة تعيق القدرة التنافسية للمنتجات الأردنية، خاصة في ظل تقديم العديد من الدول حوافز وإعفاءات لدعم صادراتها.
المناطق التنموية والإعفاءات الضريبية.. هل تكفي لتحفيز الصناعة؟
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي منير دية أن التشريعات الضريبية في الأردن تعتبر تنافسية مقارنة بدول الجوار وتخدم القطاع الصناعي، خاصة تلك المصانع الموجودة في المناطق التنموية التي تحظى بإعفاءات ضريبية على مدخلات الإنتاج. ومع ذلك، أشار دية إلى وجود ثغرات في هذه التشريعات، خاصة في بعض القطاعات مثل التعدين، التي لم تُعالج تحدياتها بالشكل الكافي.
دية: الضرائب غير المباشرة العائق الخفيّ أمام التنافسية
وأوضح دية أن الضرائب غير المباشرة المفروضة على القطاع الصناعي، خاصة تلك المتعلقة بالمحروقات والطاقة، تزيد من تكاليف الإنتاج وتنعكس على أسعار المنتجات النهائية.
وأشار إلى أن الشركات الصناعية تتحمل هذه التكاليف الإضافية، مما يجعل المنتجات المحلية أقل تنافسية مقارنة بالسلع المستوردة.
وأكد دية أن الحل يكمن في إعادة النظر في الضرائب غير المباشرة، مع تقديم حوافز للصناعات المحلية لدعم قدرتها التنافسية، كما أشار إلى أن الضرائب المباشرة المفروضة على القطاع تعتبر تنافسية ومحفزة، لكن الضرائب غير المباشرة هي التي ترفع تكاليف الإنتاج وتؤثر على قدرة المنتجات الأردنية على المنافسة.
واختتم دية حديثه بقوله إن إعادة هيكلة الضرائب، خاصة ضريبة المبيعات، تشكل أولوية قصوى لتحسين الوضع الاقتصادي ودعم الصناعة المحلية، كما دعا إلى تخفيف العبء الضريبي عن المستهلكين ذوي الدخل المنخفض لتعزيز الطلب على المنتجات المحلية وزيادة قدرتها التنافسية.
خلاصة القول: إعادة تقييم شاملة لدعم القطاع الصناعي وتعزيز قدرته التنافسية
من الواضح أن التشريعات الضريبية الحالية، على الرغم من بعض جوانبها المحفزة، تحتاج إلى إعادة تقييم شاملة لدعم القطاع الصناعي وتعزيز قدرته التنافسية.
لذا يجب أن تكون الأولوية في الوضع الراهن نحو تخفيف الضرائب غير المباشرة وتقليل تكاليف الإنتاج، مع تقديم حوافز للصادرات والصناعات المحلية لضمان استمرار النمو الاقتصادي وتحقيق الأهداف المرجوة من رؤية التحديث الاقتصادي.