نخبة بوست – شذى العودات
تشهد الساحة الدولية تصعيداً متزايداً في التوترات حول الملف النووي الإيراني، وسط أنباء عن اقتراب ضربة عسكرية ضد طهران؛ في الوقت الذي تتزايد فيه التسريبات الإعلامية عن نية الولايات المتحدة وإسرائيل التحرك عسكرياً، يبقى الجدل قائماً حول كيفية تنفيذ هذه الضربة والأهداف المحتملة.
وبينما تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق ردع دون التورط في تصعيد واسع، فإن إسرائيل تدفع باتجاه ضربة شاملة تستهدف المنشآت النووية الإيرانية ومراكز القوة التابعة للحرس الثوري؛ وهذا التصعيد يأتي في ظل تجاذبات سياسية وإقليمية قد تؤثر على أمن واستقرار المنطقة.
وفي هذا الصدد، أشار الخبير الاستراتيجي والعسكري الدكتور عمر الرداد، في تصريح خاص لـ”نخبة بوست” ، أن التسريبات الإعلامية المتداولة من قبل الإعلام الإسرائيلي والأمريكي تشير إلى قرب موعد الرد العسكري على إيران، مع وجود خلافات واضحة بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول حدود الضربة وأهدافها.
وأوضح الرداد أن السيناريوهات المتعددة تشير إلى أن أمريكا تميل إلى توجيه ضربة محدودة لا تشمل المنشآت النووية الإيرانية، بينما تسعى إسرائيل إلى تنفيذ ضربة شاملة بما في ذلك استهداف المفاعلات النووية.
ونوه إلى أنه وفي المقابل، تسعى إسرائيل إلى استعادة التفوق العسكري الذي تضرر عقب اغتيال حسن نصر الله، من خلال ضربة تشمل المنشآت النووية الإيرانية.
وأضاف الرداد أن المؤكد هو أن الرد الإسرائيلي قادم، والمؤشرات على ذلك تزداد مع مرور الوقت. يُرجح أن تركز الضربة على أهداف استراتيجية مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، بما في ذلك مراكز القيادة والتحكم، مجمعات الصناعات العسكرية، ومستودعات الطائرات المسيرة والصواريخ.
وفي سياق الحديث عن احتمالية استهداف المنشآت النفطية الإيرانية ضمن الضربة المحتملة، استبعد الرداد هذا الخيار، مشيراً إلى أن الإدارة الأمريكية تخشى من تأثير ذلك على أسعار النفط العالمية، مما قد يؤدي إلى ارتفاعات كبيرة قد تؤثر على الاقتصاد الأمريكي بشكل سلبي.
وأكمل أن هذه المخاوف ترتبط أيضاً بالانتخابات الرئاسية القادمة، حيث تسعى الإدارة الحالية، برئاسة كاميلا هاريس، لتجنب أي اضطرابات اقتصادية قد تقلل من فرص فوزها في الانتخابات.
وأشار الرداد إلى أن الرئيس السابق دونالد ترامب قد يستغل أي أزمة اقتصادية ناتجة عن ارتفاع أسعار النفط لتوجيه انتقادات لسياسات الإدارة الحالية وإثبات فشلها.
كما تابع إلى أنه من المحتمل أن يتم استهداف قادة بارزين في الحرس الثوري، وربما شخصيات رمزية لها ارتباط وثيق بالثورة الإسلامية والمشروع الإيراني.
وعلى صعيد مراكز انطلاق الضربات الإسرائيلية، رجح الرداد أن تستخدم إسرائيل قواعد عسكرية في أذربيجان، بالإضافة إلى الغواصات الإسرائيلية المتمركزة في البحر، التي قد تكون موجودة في بحر العرب وخليج عمان.
وفي ختام حديثه، لفت الرداد إلى أن الملف النووي الإيراني، الذي كان موضوع تفاوض في السابق، قد تحول إلى سؤال رئيسي حول ما إذا كانت المنشآت النووية الإيرانية ستتعرض لضربة عسكرية أم لا؛ هذا التحول يعكس الخلافات العميقة بين واشنطن وتل أبيب حول كيفية التعامل مع الملف الإيراني، ما يثير تساؤلات حول مستقبل المنطقة في حال تنفيذ الضربة.
ختاماً، مع تزايد الحديث عن ضربة عسكرية محتملة لإيران، يقف العالم على أعتاب مرحلة جديدة قد تعيد رسم موازين القوى في الشرق الأوسط.
الضربة، إذا نُفذت، لن تكون مجرد حدث عابر، بل قد تفتح الباب أمام سلسلة من التداعيات الإقليمية والدولية غير المحسوبة؛ فالخلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول طبيعة الضربة وأهدافها تعكس عمق التحديات التي تواجه التحالفات التقليدية في التعامل مع الملف الإيراني.
في ظل هذا التصعيد المتسارع، يبقى السؤال المحوري: هل ستشهد المنطقة مواجهة كبرى تغير معالم الصراع، أم سيتمكن الفاعلون الدوليون من تفادي الأسوأ؟