نخبة بوست – كتب: د. عدلي قندح
اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين المملكة الأردنية الهاشمية ودولة الإمارات العربية المتحدة تمثل نموذجًا جديدًا للتعاون الاقتصادي بين البلدين، حيث تهدف إلى تعزيز الروابط التجارية والاستثمارية والارتقاء بمستوى التعاون في مجموعة واسعة من المجالات.
في هذا التقرير، سنقدم تحليلًا مفصلاً لكل بند من بنود الاتفاقية والآثار المحتملة على الاقتصاد والمجتمع في كلا البلدين.
التجارة في السلع:
الاتفاقية تهدف إلى تسهيل التجارة في السلع بين الأردن والإمارات عبر إزالة الحواجز الجمركية وتبسيط الإجراءات التجارية. هذا سيؤدي إلى عدة فوائد اقتصادية، أبرزها:
- تعزيز حركة التبادل التجاري: إزالة الحواجز الجمركية يجعل السلع الأردنية والإماراتية أكثر تنافسية في الأسواق المحلية لكل منهما، مما يفتح أسواقًا جديدة للشركات ويعزز من قدرتها على النمو.
- تنويع الصادرات: من المتوقع أن تشجع هذه الاتفاقية الصناعات في كلا البلدين على تصدير المزيد من المنتجات، ما يساعد على تنويع القاعدة الاقتصادية وتقليل الاعتماد على عدد قليل من القطاعات التقليدية.
- تقليل تكاليف الاستيراد: بفضل التبسيط الجمركي، يمكن للشركات في البلدين استيراد السلع بتكلفة أقل، ما سيؤدي إلى تخفيض أسعار المنتجات للمستهلكين النهائيين، وهو ما يساهم في تحسين القدرة الشرائية.
الاستثمار:
تشجع الاتفاقية على تعزيز بيئة استثمارية متكاملة، مما يسهل تدفق رأس المال بين البلدين ويحفز على الاستثمار في مشاريع استراتيجية. ومن أهم المكاسب:
- جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة: يمكن لهذه الاتفاقية أن تلعب دورًا كبيرًا في جذب الاستثمارات من الإمارات إلى الأردن والعكس، خاصة في قطاعات الطاقة المتجددة، التكنولوجيا، والسياحة، مما يساهم في تنشيط الاقتصاد.
- تنمية البنية التحتية: ستساهم الاستثمارات المتدفقة من الإمارات في تطوير البنية التحتية في الأردن، ما يعزز من قدرة البلاد على استيعاب المزيد من الاستثمارات الدولية.
- خلق فرص عمل: زيادة الاستثمار تعني زيادة في حجم المشاريع الصناعية والخدمية، مما يوفر فرص عمل جديدة ويساهم في تقليل البطالة، خاصة بين الشباب.
حقوق الملكية الفكرية:
الاهتمام بحماية حقوق الملكية الفكرية يمثل حجر زاوية في تطوير الاقتصاديات الحديثة، حيث:
- تشجيع الابتكار: حماية الملكية الفكرية تخلق بيئة تحفز على الابتكار والبحث العلمي، مما يسهم في تطور التكنولوجيا والصناعات الجديدة في البلدين.
- زيادة الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا: المستثمرون يحتاجون إلى ضمانات قوية لحماية حقوقهم الفكرية، ولذلك فإن تقوية هذه الحقوق سيزيد من جاذبية البلدين للاستثمارات التقنية.
الصحة والصحة النباتية:
الاهتمام بالمعايير الصحية يعد جزءًا مهمًا من الاتفاقية حيث:
- تعزيز سلامة الأغذية: ضمان مطابقة المنتجات الزراعية والغذائية للمعايير الصحية يسهم في حماية صحة المستهلكين في كلا البلدين، ويزيد من الثقة في المنتجات المصدرة والمستوردة.
- دعم التجارة الزراعية: تحسين المعايير الصحية النباتية يمكن أن يعزز من تصدير المنتجات الزراعية الأردنية إلى الأسواق الإماراتية والعكس، خاصة في ظل الطلب المتزايد على الأغذية الصحية.
تسهيل التجارة:
إحدى أكبر المزايا الاقتصادية التي توفرها هذه الاتفاقية هي تبسيط الإجراءات التجارية:
- تسريع عمليات النقل والتسليم: من خلال إزالة العوائق الفنية، يمكن تقليل الوقت والتكلفة المطلوبة لنقل السلع بين البلدين، ما يعزز من الكفاءة التشغيلية للشركات.
- تعزيز القدرة التنافسية: الشركات التي تستطيع تبسيط إجراءاتها التجارية يمكنها منافسة الشركات الأخرى بشكل أفضل، ما يزيد من حصتها في الأسواق الإقليمية والعالمية.
التجارة في الخدمات:
إلى جانب السلع، تركز الاتفاقية على تعزيز التجارة في الخدمات، خاصة في القطاعات الحديثة:
- توسيع القطاع المالي والتكنولوجي: الشراكة في تقديم الخدمات المالية والتكنولوجيا المالية يمكن أن تفتح فرصًا جديدة للنمو، خاصة في ظل التحول نحو الاقتصاد الرقمي.
- دعم السياحة: الاتفاقية يمكن أن تساهم في تعزيز القطاع السياحي عبر تبادل الخبرات وتنشيط السياحة بين البلدين، مما سيعود بالفائدة على الاقتصادات المحلية ويخلق المزيد من الوظائف.
إدارة الاتفاقية:
تأسيس لجنة مشتركة لإدارة الاتفاقية يضمن المتابعة الدقيقة لتنفيذها، ومن أهم الفوائد:
- مراقبة تنفيذ الاتفاقية: تساهم اللجنة في حل أي عوائق قد تعترض تنفيذ الاتفاقية، مما يضمن تحقيق الفوائد الاقتصادية والاجتماعية المرجوة.
- تحقيق التنمية المستدامة: هذه المتابعة المستمرة تضمن توجيه الاستثمارات والمشاريع نحو القطاعات التي تساهم في التنمية المستدامة طويلة الأجل.
التجارة الرقمية:
التحول الرقمي أصبح عاملًا رئيسيًا في التجارة الدولية، والاتفاقية تعزز هذا التحول:
- تحسين كفاءة العمليات التجارية: من خلال تبني التجارة الرقمية، يمكن للشركات تقليل التكاليف الزمنية والمالية المتعلقة بالتجارة التقليدية، مما يجعلها أكثر قدرة على المنافسة.
- حماية البيانات: تعزيز التعاون في مجال حماية البيانات يخلق بيئة أكثر أمانًا للتجارة الإلكترونية، مما يسهم في زيادة ثقة الشركات والمستهلكين في المعاملات التجارية عبر الإنترنت.
المساعدة الإدارية المتبادلة في الشؤون الجمركية:
التعاون الجمركي بين الأردن والإمارات سيسهم في تعزيز شفافية الإجراءات التجارية:
- مكافحة الغش التجاري: التعاون في مكافحة التهرب الجمركي والغش التجاري سيؤدي إلى زيادة الإيرادات الحكومية وتعزيز الثقة في جودة السلع المتداولة.
- تسهيل التبادل التجاري: تبسيط الإجراءات الجمركية يجعل العمليات التجارية أكثر سلاسة ويقلل من العقبات التي تواجه الشركات.
الخلاصة:
تعد اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الأردن والإمارات فرصة واعدة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، حيث ستسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام، خلق فرص عمل جديدة، تحسين كفاءة العمليات التجارية، وتعزيز الصحة والابتكار. يتوقع أن تشكل هذه الاتفاقية نموذجًا يحتذى به في التعاون الإقليمي، بما يعزز من مكانة البلدين في الاقتصاد العالمي.