نخبة بوست – (نرد الريح يوم الريح، تقرب سورك العالي.
ونثبّت شاردات الخيل، يوم يطّبَها جفالِ).
حبيب الزيودي شاعر الأردن وعازفها العذب، يطاول عرارًا شاعرنا الكبير، يوازيه ويبازيه، ومن الصدف أن هذين الشاعرين العملاقين، رحلا في سن 49 و 50 عامًا.
لقد برهن عرار وحبيب على أن الشعر الوطني- الاجتماعي- الغنائي يحمل صاحبه إلى مرتقيات أعلى مما يحمل الشعر عامة.
الحوارات المسجلة الطويلة التي لديّ مع حبيب الزيودي، تكشف عمق معاناته، فحبيب مغوار، متعجل، منهمك، منهك، معتد بالشعر وبالعالوك، وبالفرسان الأردنيين التراجيديين.
وشيئًا فشيئًا أخذ حبيب يتأهب للطفيلة.
كان يقول لي: «يا أميري أنا أعد العدة لأبلغ قامتها ولأُبلِّغها السلام والرضى».
ضرب لي عشرات المواعيد وكان ضنينًا في تلبيتها.
– سأزورك في جاكرتا وسأحلُّ ضيفًا عليك لمدة 10 أيام، أروي خلالها ظمأ روحك إلى الشعر والشجر والقصيد.
– سأزور الطفيلة معك لأُلقي أجمل القصائد في بلد تيسير السبول.
– سأحضر معك لقاء أصدقاء الفيسبوك في منزلك أو في المركز الثقافي الملكي، وسألقي قصيدة وسأُحضِر عازفًا.
– سأبني صيوانًا في العالوك وسأرتب مع أصدقائنا أمجد القهيوي وماجد القطارنة «الوقائع».
حُرِم شاعرُ الأردن من جائزة الدولة، في حين منحت لبعض من لا يطاولونه.
ولم يحصل على الدرجة العليا، في حين نالها بعض المدعومين.
خنقته الغصة على ذلك النكران، فأوشك أن يتمرد تمردًا، لا قدرة لأحد على احتماله.
باح لي بأدق التفاصيل عن حياته وعن طيشه وعن مغامراته وصبواته ومعاركه وأحلامه وآلامه.
كتب حبيب الزيودي مقالة في الرأي بعنوان «رسالة إلى محمد داودية» بتاريخ 31/5/2012 جاء فيها:
(… أكثر ما كان يوجعني بعد الاتصالات الهاتفية القليلة معك، صوتك الواجد الذي لا يشبه أصوات السفراء، هذا الحرير المنساب من اللهجة الأردنية التي تختلف عن رطن السفراء. وهذا الشوق وتلك الانفعالات التي تجعلني أشعر وأنا استمع لك أنك تعانقني …).
حبيب الزيودي الذي تصادف هذه الأيام ذكرى رحيله السنوية، تسرّب من بين أيدينا، لكنه استقر في قلوبنا وأغانينا.
كتب أجمل قصائده لوصفي التل وصايل الشهوان وفرسان الأردن.
سلامٌ على وصفي و منه أزفّه،
إلى شجر الأردن إذ مات واقفا.
سلامٌ على شيحان فوق جبينه،
وفي قلبه حوران والقمح هفهفا.
سلامٌ على دمع العذارى يزفّه،
شهيدًا يلاقي الله ظمآن نازفا.
سلامٌ على دمع البنات بكينه،
بدمع تأبّى أن يجف وينشفا.