* الشوبكي: تصريحات وزارة الطاقة “متناقضة” ولا مرجعية لها و ورطت نفسها
* عقل: تصريحات الحكومة “صحيحة” واحتياطي الغاز “موجود” بالفعل
* الدرعاوي: تصريحات الحكومة واقعية، والمفاوضات في ملف الطاقة ما زالت جارية
ما إن أعلنت وزارة الطاقة عن استكشاف كميات من الغاز في حقل الريشة الغازي والتي بلغت 9.4 تريليون قدم مكعب؛ مما أجج الصراع بين الخبراء الاقتصاد والطاقة، منهم من رأى فيها تحولًا نحو انعكاسات اقتصادية إيجابية واسعة؛ من خلال الاستغناء عن استيراد الغاز من الاحتلال الإسرائيلي أو من الجانب المصري أو من الغاز المسال في العقبة الذي يكلف خزينة الدولة ما يقارب 1 مليار دولار سنويا، عوضًا عن تلبيته احتياجات القطاعات الصناعية ووتقليص كلف الإنتاج، ومنهم من شكك بصحة هذه الأرقام.
الشوبكي: تصريحات وزارة الطاقة “متناقضة” ولا مرجعية لها و ورطت نفسها
تساءل الخبير الاقتصادي عامر الشوبكي عبر صفحته على منصة (X) عن كيفية حصول الوزارة على هذه الأرقام في ظل عدم وجود دلائل ودراسات وأبحاث في منطقة الريشة تستند عليها، واصفًا إياها بـ “المتناقضة“.
وأفاد الشوبكي بأنه حتى نتمكن من احتساب ما يمتلكه الأردن من احتياطي الغاز لا بد أن تمر العملية في مراحلها الثلاث: الاستكشاف والتطوير والإنتاج.
في حين أن الأردن ما زال في مرحلة الاستكشاف ولم يتجاوزها، حيث إن الاحتياطي يُحسب في حال تم الانتهاء من مرحلتي الاستكشاف والتطوير.
وفي السياق ذاته، تابع الشوبكي حديثه مستذكراً تصريحات سابقة من قبل شركة البترول الوطنية حول إنتاج نفط بمقدار 2000 برميل، إلا أنه ثبت العكس؛مما أعاد المشهد من جديد بعد تصريحات الوزارة الأخيرة حول استكشاف كميات تجارية من الغاز في حقل الريشة.
ووصف الشوبكي هذه التصريحات بالخاطئة وشراء الوهم للمواطن، متسائلاً عن الغاية من إصدارها؛ مشيرًا إلى أن هذه التصريحات تصب في باب واحد وهو “سوء الإدارة في ملف ثروات الأردن“.
وقال الشوبكي: “ما دام يوجد لدينا في الأردن كميات تجارية من الغاز، ما فائدة الاستمرار في مشروع الأردني- المصري لربط حقل الريشة الغازي شمال شرقي الأردن بخط الغاز العربي من خلال خط طول 300 كيلومتر؟”
وما فائدة سريان مفعول اتفاقيات الغاز مع الاحتلال التي وُقعت عام 2020؟ واستئجار السفينة العائمة في العقبة التي تكلف سنويًا من 50-55 مليون دينار، إضافة إلى استئجار سفينة غاز جديدة في ميناء العقبة لاستيراد الغاز المسال؛ حيث إن هذه الأرقام التي صرحت بها الوزارة، وفقًا للشوبكي، تعني أن الأردن لديه غاز يكفي لسد حاجاته لـ 100 سنة قادمة ولا داعي لاستيراد الغاز.
وطالب بضرورة مراجعة هذه التصريحات، التزامً بالشفافية والمصداقية عند الإدلاء بأي تصريح؛ لما لها من آثار سياسية واقتصادية حساسة، وانعكاسات على مصداقية الدولة وثقة المواطنين، فضلًا عن تأثيرها في تقليص فرص الحصول على المساعدات والمنح والدعم الدولي.
عقل: تصريحات الحكومة “صحيحة” واحتياطي الغاز “موجود” بالفعل
من جانبه، أكد الخبير في مجال الطاقة والنفط هاشم عقل أن هذه التصريحات الحكومية “صحيحة“، وأن الاحتياطي الغازي بكميات تجارية “موجود بالفعل” و”إيجابي” للاقتصاد الأردني، إلا أن البيان الذي أُصدر حوله لم يكن مفصلًا بوضوح.
وقال عقل إن هذا الاكتشاف من الأمور الإيجابية جدًا للحكومة الأردنية وللمواطن الأردني؛ لأنه سوف يوفر الكثير من الأموال التي تُستنزف لاستيراد مادة الغاز من المواطن ومن خزينة الدولة، مضيفًا إلى أن هذا الغاز سيخدم القطاعات الصناعية في الأردن.
وأضاف أن القطاع الصناعي من أهم القطاعات، كونه يشكل تقريبًا 90% من حجم الصادرات الأردنية، واعتماد القطاع الصناعي على الغاز الطبيعي سيخفض بدوره من تكلفة الإنتاج بحدود 45-50%، كما سيساهم في تعزيز المنافسة محليًا وعالميًا، وهذا كله من شأنه أن يزيد من نسبة النمو الاقتصادي ويزيد من حجم الإيرادات ويدخل العملات الصعبة إلى خزينة الدولة، مما سيوسع الاستثمار ويخلق فرص العمل.
وتابع عقل حديثه بأن الاعتماد الكلي على الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء سيؤدي إلى انخفاض تكلفة الطاقة الكهربائية على المواطن وعلى القطاعات الأخرى التي تعتمد على الطاقة الكهربائية.
وأكد أن ما قامت به وزارة الطاقة حول إجراء مشاورات مع وزارة الطاقة المصرية لربط حقل الريشة مع الغاز العربي الذي يصل إلى عدد من الدول هو إجراء “احتياطي“، و”النقطة الإيجابية الأخرى“.
وختم حديثه بأن علينا أن ننتظر حتى نفهم البيان التفصيلي لوزارة الطاقة لكي نتمكن من وضع النقاط على الحروف قبل إصدار أي تكهنات حوله، كون أن الاستخراج والتعدين والتصدير ليست بقضية سهلة، لأنها بحاجة إلى فترات زمنية لا تقل عن سنتين أو 3 سنوات، وتحتاج إلى استثمارات مالية ضخمة ومعدات وتجهيزات فنية وكوادر بشرية، وكل هذه الاستعدادات والمتطلبات اللازمة لاستخراج الغاز تحتاج إلى فترة زمنية طويلة.
الدرعاوي: تصريحات الحكومة واقعية، والمفاوضات في ملف الطاقة ما زالت جارية
فيما أكد الباحث والخبير الاقتصادي سلامة الدرعاوي أن هذه التصريحات “واقعية”، حيث إن قطاع الطاقة في الأردن يشهد تطورات استراتيجية لزيادة الاعتماد على الغاز الطبيعي وتقليل تكاليف الطاقة.
ولفت إلى المشاريع في مجال الطاقة التي تسهم في توفير طاقة منخفضة التكلفة للمصانع، مثل افتتاح محطة الغاز في القسطل الصناعية، مما يعزز الإنتاج ويوفر فرص عمل.
إضافة إلى تطوير حقل الريشة لزيادة الإنتاج، وتوسيع شبكة الغاز إلى مناطق صناعية مهمة، تشمل المشاريع أيضًا تحسين البنية التحتية للغاز الطبيعي وتوسيع قدرة الأنابيب؛ مؤكدًا أن هذه المبادرات تهدف إلى تحقيق استقلالية أكبر في الطاقة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
ولفت الدرعاوي إلى المفاوضات التي تجريها وزارة الطاقة مع 27 شركة طاقة متجددة لخفض تكاليف الإنتاج وتحقيق استدامة مالية للنظام الكهربائي، ولا سيما أن هذه المفاوضات تهدف إلى تخفيض الأعباء المالية على الخزينة وتعزيز كفاءة التشغيل. ففي عام 2023، تم توفير 60 مليون دينار مع توقعات بزيادة المبلغ إلى 90 مليون دينار في 2024.
الخلاصة: هل تنقلب موازين الطاقة في الأردن؟
ما إن كانت هذه التصريحات صحيحة، ستكون الخطوة نحو الاستقرار في مجال الطاقة وزيادة القدرة الاستيعابية في الطاقة المتجددة الأردنية، كما تهدف إلى تحسين التوازن بين شركات الكهرباء الوطنية والخاصة لضمان استدامة المشاريع، وحصول الأردن على موقع ريادي في العالم. في خلاف ذلك، سيستمر الاقتصاد الأردني على حاله. هذا كله ستثبته الأيام القادمة في ضوء التصريحات الحكومية الإيضاحية حول الموضوع.