نخبة بوست – كتب: المحامي سائد كراجة
سندا للمادة 2008 من قانون عرف بقانون “غزو لاهاي “، أجازت امريكا لنفسها استخدام القوة العسكرية لتحرير اي من أعضاء الخدمة العسكرية الأمريكية إذا ما أُحتجزوا للمحاكمة في لاهاي/ هولاندا مقر المحكمة الجنائية الدولية ونشير إليها لاحقا ب ” مجد”.
هذا القانون الذي صدر عام ٢٠٠٢ عن الكونغرس الأمريكي ” قانون حماية أفراد الخدمة الأمريكية”، بسط حمايته على حلفاء امريكا وخاصة أفراد الخدمة الإسرائيلية حيث يذكرهم صراحة في متن القانون !
امريكا نفسها ليست عضوا في برتوكول روما المؤسس ل ” مجد ” ، ولكنها كرست مواردها وفريقًا قانونياً للمساهمة في استصدار قرار اعتقال للرئيس الروسي بوتين على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، واحتفت امريكا وأوروبا بالقرار، واعتبرته معيارا للعدالة!!
كريم خان مدعي عام في ” مجد” – ولست معجبا بادائه بخصوص الحرب علّى غزة – تعرض للتهديد، وتحركت ضده في أكتوبر الماضي تهم ” تحرش جنسي ” اعتبرها في تصريحات صحفية انها ضمن حملة تهديد المحكمة و الضغط عليها لمنع استصدار مذكرات إعتقال بحق نتنياهو وغالانت!، قبل إصدار القرار أرسلت دزينة من نواب الكونجرس الأمريكي الجمهورين رسالة تهديد خطية إلى المدعي العام خان جاء فيها ” إذا استهدفت إسرائيل فسنستهدفك!”، جلسة إصدار القرار تأجلت أكثر من ١١ مرة، وقدمت إسرائيل طعون شكلية لمحاولة منع صدور مذكرات الاعتقال! ولكن من جانب آخر أعلنت اغلب الدول انها ستنفذ القرار وهذا الإعلان ضغط دولي مهم، وانجاز للقضية الفلسطينية!
القرار ليس قرار إدانة ولكنه قرار تمهيدي للمحاكمة، لا تستطيع إسرائيل الطعن به والطريق الوحيد لتحدي القرار هو أن يذهب نتنياهو، ويسلم نفسه للمحكمة ويطعن بالقرار!، وعمليا قد لا ينفذ هذا القرار، او ينفذ ولو بعد حين فان بعض قرارات ” مجد ” انتظرت عشرات السنين لإتمام القبض على المشتبه بهم! ولكن المهم في متن القرار ان المحكمة وفي ردها على الطعون الإسرائيلية قررت انه لا حاجة لان تكون إسرائيل عضواً في “مجد” لمحاكمة تنياهو وغالانت، كما قررت أيضا بشكل واضح أن غزة تقع ضمن حماية المحكمة ومن ثم فان مذكرات قد تتبع لجلب مسؤولين إسرائيلين آخرين ! والأهم أنها قررت مبدئيا ان هناك استهداف ممنهج للمدنيين واستخدام التجويع لحصارهم وابادتهم وهو ما قد يسهم – برأيي الخاص – بتدعيم ادانة إسرائيل بجريمة الإبادة الجماعية امام محكمة العدل الدولية !
سبع دول حركت الشكوى امام المحكمة، وكانت جنوب أفريقا على رأسهم، ومن جامعة الدول العربية -يرحمها الله- جزر القمر وجيبوتي!، أما الدول العربية الفاعلة والعالم الإسلامي فصمت مطبق، مخجل ومدان وصغير امام الدم والعذاب الفلسطيني!
بعد إعلان المحكمة عن إصدار مذكرات الإعتقال لنتنياهو وغالانت، عنونت أهم صحفية أيرلندية صفحتها الأولى تحت صورة لنتنياهو بعبارة مطلوب للعدالة “ Wanted “, هذه المذكرة أراها تصدر قريبا بحق رؤساء امريكا وأفراد الخدمة الأمريكية والأوروبية المشتركين مباشرة في جريمة الإبادة الجماعية الجارية الآن وحتى هذه اللحظة في غزة ، لقد كشّرت الإدارات الأمريكية- جمهوريون وديمقراطيون – عن أنياب داعشية، وانهار الغرب أخلاقيا وسياسيا.
شتاء آخر وموت مستمر وخزي وعار يسجله التاريخ على شعوب العرب ودولها، وأطفال غزة يصدرون بتضحياتهم مذكرات إعتقال للجميع، كلنا Wanted جنابك!