“بناء الانطباع”.. هل حسم المعادلة السورية ؟

نخبة بوست – محرر الشؤون السياسية

مذيعة تلبس الأسود؛ مع ضيف يغلب على كلامه (التأتأة)، يجلسون لساعات طويلة في استوديو التلفزيون السوري الرسميّ؛ يعيدون نفس الرسائل، ويطلقون بين كل فترة وأخرى لقطات ميدانية محدودة من جديدة عرطوز كما وكأنها صورت بكاميرا خفية لتثبت عدم دقة رواية المعارضة بتقدم قواتهم؛ تليها أغاني وطنية مستهلكة تُبث منذ تسعينات القرن الماضي.

يقابل ذلك ماكينة إعلامية أقوى من الأسلحة الفتاكة؛ بدءًا بالجزيرة، مرورًا بالعربية، وصولًا إلى تلفزيون المعارضة السورية الذي يبث من إسطنبول؛ يبثون من عدة نوافذ تلفزيونية صورًا وفيديوهات متعددة لمناطق مختلفة من سوريا ومن ريف دمشق. صور ليست عبثية؛ معظمها يحمل رسائل سياسية تهدف إلى رفع معنويات المعارضة السورية، وإحباط الموالين، وتطمين الأبرياء الذين لا يعرفون ماذا يفعلون.

هذا هو حال التنقل بين الفضائيات ذات العلاقة؛ وصولًا إلى سؤال مذيعة فضائية المعارضة السورية لأحد ضيوفها المتعددين :(كل يوم نضع خلفيتنا في الاستوديو مدينة محررة؛ هل سنضع صورة دمشق غدًا؟) فأجابها بكل ثقة: (جهزوا خارطة كل سوريا غدًا).

من بيوتنا وأمام المدافئ وبيدنا الريموت، لا نعلم من الأصدق؛ لكن كمختصين في الصحافة والإعلام نعلم أننا أمام فريق محبط خائف لا يعلم ماذا يقول، وبين فريق أعد درسه ومحاوره وحاملي رسائله من مختصين، ووزع كاميراته، وتواصل مع نشطاء لأخذ مواد خاصة، وفرق رصد لما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

بل إن المحاور تعدّت ما الذي يحدث إلى أسئلة (الحفاظ على الممتلكات) و(شكل العقد الاجتماعي الجديد).

سقوط تمثال الأسد في جرمانا: هل يعيد التاريخ نفسه؟

تركيز على فيديو سقوط أو إسقاط تمثال حافظ الأسد في منطقة جرمانا في ريف دمشق (لاس فيغاس سوريا) أعاد إلى الأذهان سقوط تمثال صدام حسين لحظة دخول القوات الأمريكية. فهل تصبح هذه الحركة أيقونة أم أن دخول ساحة الأمويين والمسجد الأموي في الخطة؟

شكل قوات المعارضة

بشكل واضح، فقد اختلف شكل القوات المعارضة السورية من لبس الدشاديش وطوال اللحى إلى هندام عسكري وقوات عسكرية مدربة، واختلفت “البيك-أبات” إلى مدرعات.

ليس هذا هو المهم؛ بل ما تقدمه المعارضة من صورة تحرص فيها على أمن المواطنين وعدم ترويعهم بدلًا من قطع الرؤوس السابق لمن يسمع الأغاني. وفي رواية شاهدة العيان لـ(نخبة بوست)، فإن المواد التموينية في حلب، أولى المدن (المحررة)، والمشتقات النفطية عادت، ويتم التعامل بالدولار؛ مما يعني أن حياة رغيدة تُقدَّم للجمهور في حال تسليم الدولة.

ظهور الجولاني: من إرهابي إلى محرر متحدث “لبق”

كل هذا ما كان ليحدث بين ليلة وضحاها. التخطيط الاستراتيجي واضح من خلال الوقوف على وجع الشعب السوري في البنى التحتية والغذاء والأمن؛ والأهم تغيير الصورة السابقة عن المعارضة. في فترة عانت فيها الحكومة السورية من الترهل والفساد؛ ليبقى السؤال: ما بعد سقوط النظام السوري؟ وما هو النموذج الذي سيقدَّم؟ وهل كان الإعداد لهذه المعركة قد شمل ما بعدها أم أنها تذهب نحو المجهول؟