نخبة بوست – كتب عدلي قندح:

في ظل التطورات السريعة التي يشهدها العالم في مجالات العلم والتكنولوجيا، تتزايد الحاجة إلى الاستفادة من العقول الأردنية المبدعة المنتشرة في جميع أنحاء العالم. هؤلاء العلماء والمبدعون، الذين تركوا بصماتهم الواضحة في مجالات متعددة، هم كنز وطني يجب الاستفادة منه وتوفير منصة تجمعهم مع وطنهم الأم. يدعو كاتب المقال لإنشاء «بيت الحكمة الأردني» كخطوة استراتيجية نحو تحقيق هذا الهدف. هذا المشروع يحمل رؤية طموحة تجمع بين الإرث التاريخي للمؤسسات العلمية الكبرى، مثل بيت الحكمة الذي برز في بغداد خلال العصر العباسي، والاحتياجات الملحة لمجتمعنا في العصر الحديث.

في ظل الاهتمام المتزايد بالشباب والإبداع في الأردن، تبرز فكرة أن يكون «بيت الحكمة الأردني» إحدى مؤسسات مؤسسة ولي العهد. هذه المؤسسة تُعد منصة حيوية لدعم الأفكار والمبادرات الوطنية التي تعزز من الابتكار والتنمية. دمج هذا المشروع تحت مظلة مؤسسة ولي العهد يمنحه قوة إضافية من خلال توفير الدعم المؤسسي والمالي اللازم، فضلاً عن تعزيز فرص التعاون مع الشركاء المحليين والدوليين. هذا التكامل سيسهم في ترسيخ مكانة البيت كمركز وطني للمعرفة والإبداع والابتكار، ويعكس التزامًا عمليًا بتطوير العقول الأردنية وبناء المستقبل.

بيت الحكمة الأردني يمكن أن يصبح مركزًا علميًا وثقافيًا متكاملًا يعزز من مكانة الأردن كمحور إقليمي للمعرفة والإبداع والابتكار. الفكرة ترتكز على إنشاء صرح علمي يجمع بين العلماء الأردنيين في الداخل والخارج، ويعمل على توثيق إنجازاتهم وربطها بمنظومة البحث والتطوير داخل المملكة. الهدف الأساسي من هذا المشروع هو تطوير المعرفة والابداع والابتكار في الأردن، مما يسهم في مواجهة التحديات العالمية ويعزز من قدرته على تقديم حلول مبتكرة في مجالات متعددة.

يمكن لبيت الحكمة الأردني أن يصبح منصة متقدمة لتطوير التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، الحوسبة الكمومية، التكنولوجيا الحيوية، وإنترنت الأشياء، إضافة إلى الطاقة المتجددة والتقنيات الزراعية الذكية. يمكن أن يركز أيضًا على الابتكار في الطب، الهندسة، الاقتصاد الرقمي، والأمن السيبراني، مع دعم الأبحاث المتقدمة في الفضاء والتكنولوجيا النانوية. من خلال التعاون مع الجامعات ومراكز البحث العالمية، يمكن أن يسهم في تعزيز مكانة الأردن على خريطة الابتكار والتكنولوجيا العالمية.

هذه المجالات تشكل قاطرة للتقدم العلمي والاقتصادي، ويمكن للأردن أن يلعب دورًا رياديًا فيها إذا ما تم توجيه الجهود نحو الاستثمار في البحث والتطوير. في الوقت ذاته، يمكن للمركز أن يكون محورًا لترجمة الإنجازات العلمية الأردنية إلى لغات عالمية، ونقل أحدث الأبحاث والتقنيات العالمية إلى اللغة العربية، مما يعزز من دور الأردن في نشر المعرفة وتوسيع آفاقها.

قندح يكتب: دعوة لإنشاء «بيت الحكمة الأردني»
د. عدلي قندح

إن إنشاء هذا المركز لن يقتصر على دوره العلمي فحسب، بل سيعمل على بناء شراكات استراتيجية مع الجامعات والمؤسسات البحثية العالمية. هذه الشراكات يمكن أن تفتح آفاقًا جديدة للتعاون العلمي والتكنولوجي، وتسهم في تطوير مشاريع متقدمة تعود بالنفع على الاقتصاد والمجتمع. كما يمكن لبيت الحكمة الأردني أن يوفر بيئة متميزة تمكن الباحثين الشباب من العمل على مشاريع ريادية، في إطار من التعاون بين مختلف التخصصات العلمية.

لا يقتصر دور بيت الحكمة الأردني على الجانب العلمي فقط، بل يمتد ليشمل توثيق الابتكارات وربطها بقطاعات الاقتصاد والصناعة. هذا الربط بين البحث العلمي والتطبيقات العملية يمكن أن يكون مفتاحًا لتحقيق التنمية المستدامة وبناء اقتصاد معرفي يعتمد على الإبداع والابتكار. إن مثل هذا المشروع يمكن أن يشكل نقطة تحول في مسار الأردن الاقتصادي، حيث يصبح العلم والبحث أساسًا للتنمية الوطنية.

الأردن يتميز بوجود كفاءات علمية كبيرة أثبتت جدارتها على المستوى العالمي. هؤلاء المبدعون يستحقون منصة وطنية تحتضنهم وتبرز إسهاماتهم. بيت الحكمة الأردني يمكن أن يكون هذه المنصة، حيث يجمع بين العلماء والمبدعين ويوفر لهم الفرصة للإسهام في بناء مستقبل وطنهم. إن الاستثمار في هذا المشروع هو استثمار في العقول، وهو ما سيعود بالفائدة على الأجيال القادمة.

من المهم أن يكون بيت الحكمة الأردني جزءًا من رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تعزيز مكانة الأردن العلمية والثقافية. عمّان، كعاصمة للهاشميين، يمكن أن تكون مركزًا للإبداع العلمي والمعرفي في المنطقة. هذا الصرح يمكن أن يصبح منارة تلهم الأجيال القادمة وتؤكد أن الأردن قادر على تحقيق الريادة في مجالات العلم والتكنولوجيا. إن تحويل هذه الرؤية إلى واقع يتطلب التزامًا وطنيًا وإرادة سياسية قوية، لكنه بالتأكيد يستحق الجهد.

إن بيت الحكمة الأردني سيكون شاهدًا على قدرة الأردنيين على مواجهة التحديات وبناء مستقبل أفضل. هذا المشروع يمثل استثمارًا في المستقبل، حيث يصبح العلم والإبداع أساسًا للتنمية الوطنية الشاملة. عمّان تستحق أن تكون منارة للعلم والمعرفة، وبيت الحكمة الأردني سيكون اللبنة الأولى في بناء هذا المستقبل العلمي المزدهر.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version