* حتى يخرج الناس الى الصناديق ويعطوا أحسن ما عندهم؛ يجب أن تبادر الدولة، وتقدم أحسن ما عندها

* استنساخ تجارب التسعينيات شبه الحزبية شبه الشخصية ستهوي بثقة الأردنيين

* المسار الفلسطيني انفصل عن المسار الأردني منذ أوسلو 93. ولكن، تبعات الملفات المتداخلة ستظل قائمة، وتضطر معها عيون الدولة الأردنية أن تبقى، يقظة، تتابع تفصيليا، كل ما يتعلق بملفات الحل النهائي

نخبة بوست – كتب: بساط أحمدي

هل الأردن على أبواب مرحلة جديدة؟ أي؛ مرحلة نوعية، مختلفة، تجسّد انتقالة سياسية، واثقة، ومتوافق عليها، نحو أداء جديد، يمثل استجابة للتحديات الماثلة، داخليا وخارجيا، كما يلبّي طموحات الأردنيين، بحياة سياسية أكثر فعالية وعصرية، تدعم تحسين الواقع الاقتصادي، وتضمن توفير مستوى حياة أفضل؟

داخلياً؛

التحدي الأول والملحّ، هو تحدي البطالة.
ومع تزايد أعداد الواقفين على عتبات الخدمة المدنية، بغض النظر عن اسم الجهة المعنية، ديوان أم هيئة، ومع استمرار الجامعات بضخ خريجي التخصصات الراكدة أو حتى المتحركة، ومع ضعف مساهمة القطاع الخاص في توفير فرص العمل وتنمية المحافظات، سيستمر التحدي ويتدحرج تماما كما كرة الثلج..
وستكون كلفة التأخير في التعامل المسؤول معه، وإيجاد الحلول، مرتفعة جدا، وباهظة لا قدر الله.
الاقتصاد والإدارة والمياه والطاقة وتنمية المحافظات والجامعات، ملفات كبرى، تحتاج إلى مقاربات وإصلاحات تنسجم مع الأهداف الوطنية وتحصّن الجبهة الداخلية، بالتنمية والعمل وسيادة القانون وقوة مؤسسات الدولة وكفاءة أدائها وخدماتها.

الأسئلة الكبرى

خارجيا؛

السؤال الأبرز؛ “ما بعد العدوان على غزة”، اليوم الثاني أو التالي أو الذي يليه؛ هل نحن جاهزون للتعامل مع كافة الاحتمالات، وفي مقدمتها سؤال الضفة الغربية الكبير، وسؤال مستقبل السلطة الفلسطينية؛ يضاف إليها احتمال عودة الجمهوريين للبيت الأبيض، وقد أصبحت مرجحة..!
ما هو شكل العلاقة الأردنية الفلسطينية القادم، سواء أقامت الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية بموجب مبدأ حل الدولتين، أم لم تقم.. وفي كلا الاحتمالين لدينا حسابات معقدة ومصالح عليا، لا يمكن التهاون فيها.. لأن المساس بها، لا قدر الله، سيدخل حينها، ضمن حسابات الأمن الوطني الأردني، لا ضمن حسابات السياسة ولا الدبلوماسية ولا العمل الحزبي البرامجي.
وهل يمكن أن نعزل أنفسنا عن تطورات الملف الفلسطيني المحتملة، أم “ننغمس” فيها، وما هي كُلف كلا الاحتمالين علينا وعلى مصالحنا العليا واعتباراتنا الداخلية..؟
المسار الفلسطيني انفصل عن المسار الأردني منذ أوسلو 93.. هذا صحيح. ولكن، تبعات الملفات المتداخلة ستظل قائمة، وتضطر معها عيون الدولة الأردنية أن تبقى مفتوحة، يقظة ومتأهبة، وأن نتابع تفصيليا، كل ما يتعلق بملفات اللاجئين والقدس والمياه والحدود والأمن، وهي ملفات “الحل النهائي”، التي يتوقف عليها مستقبل الأردن نفسه..

**
الأسئلة الكبرى، وأعلاه نموذج عنها، تحتاج لا لإجابات كبرى، فهذا غير ممكن حالياّ، ولكنها تحتاج لاستعدادات كبرى، وشخصيات وازنة في مراكز صنع القرار، وأحزاب حقيقية لديها رؤى وبرامج وخطط تنفيذ، وتحتاج إلى مجلس نواب قوي، نتجاوز به “وهم” مجلس 89، مجلس نواب، يشرع ويراقب ويقترح ويتابع، يفكر بمصلحة الأردن أولا ودائما، ويعليها على أي اعتبار..


يريد الملك ويريد الأردنيون من الأحزاب أن تدخل الانتخابات النيابية المقبلة، الوشيكة، مدججة بالبرامج، والخطط، وأن تطرح تصورها للتحديات ورؤاها للتعامل معها، وأن تمتلك إجابات، أو أقلها؛ اقتراحات، على الأسئلة الكبرى، تطرحها على الناس، وتنال ثقة القاعدة الانتخابية على أساس من تنافس الأفكار، لا تناحر الشعارات ولا صراع النفوذ والمال والمصالح..
وكما قيل قديما؛ البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير.. وحتى الآن، وعلى مشارف إجراء الانتخابات؛ لا أثر ولا بعر..
صحيح، أن مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، نجحت إلى حد بعيد، بتحقيق توافق القوى السياسية والتيارات الفكرية على أجندة التحديث وتطوير النموذج الديمقراطي الأردني، وأفضت إلى تعديلات دستورية وتشريعات وضمانات تكفل كلها توفير البيئة الأنسب لانطلاقة قوية للعمل الحزبي البرامجي؛ إلا أن النتيجة، حتى الآن، ما زالت أقرب إلى تجربة أحزاب التسعينيات الوسطية ومآلاتها المحزنة؛ فالعبرة، كما واضح، ليست بوجود تشريعات وبيئة وضمانات من الدولة، على أهميتها؛ العبرة هي بوجود برامج حزبية تستطيع أن تخاطب آمال الأردنيين وأحلامهم، وقيادات تنظيمية وكوادر قادرة على كسب ثقة الأردنيين، وبالذات؛ شبابهم.
استنساخ تجارب التسعينيات شبه الحزبية شبه الشخصية، يعني أن النهاية ستكون مشابهة في الحالتين، باستثناء أنها هذه المرة ستهوي بثقة الأردنيين، بعد أن ارتفعت سقوف توقعاتهم.
**
حتى يخرج الناس الى الصناديق ويعطوا أحسن ما عندهم؛ يجب أن تسبقهم الدولة، وتبادر بأن تقدم أحسن ما عندها؛ رجال حكم وسياسة وإدارة، يكونون عوناً للملك، وأهلا لثقته وعلى قدر المسؤولية وعلى قدر الأسئلة الصعبة..


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version