الأردنيون بجيوب “خاوية”.. تراكم المصاريف والمناسبات يثقل كاهلهم

نخبة بوستوفاء صبيح

على الرغم من أجواء الفرح والبهجة التي يضفيها العيد على الصغار والكبار على حد سواء، إلا أن شبح تراكم الديون وكثرة الالتزامات المالية يطارد معظم العائلات الأردنية، لاسيما وأن الكثيرين منهم من ذوي الدخل المحدود وتترتب عليهم لائحة طويلة من المصاريف والفواتير التي تستنزف “الراتب” بلمح البصر.

وفي ظل تزاحم النفقات بين الملابس والعيديات، يجد المواطن الأردني نفسه في ضائقة مادية بسبب صرف راتبه أو معظمه خلال العيد، الأمر الذي يتسبب له بضغوطات مادية ومعنوية.

وعند سؤال المواطنين عن أوضاعهم وكيف سيتدبرون أمورهم بعد العيد نجد لسان حالهم يقول أن “الحال يغني عن السؤال”.. فالجيوب فارغة من بداية الشهر ومصاريف فاقت التوقعات، مما يضطرهم إلى الاستدانة أو البحث عن خطة طوارئ إنقاذية لتغطية مصاريف ما تبقى من الشهر.

مواطنون.. “الراتب يتبخر” و “السلف” حل عاجل

ولدى سؤال المواطنين عن أحوالهم بعد العيد، أجمعوا على أن مظاهر البهجة والاحتفال غابت عن هذا العيد بسبب حزنهم وتعاطفهم مع أهل غزة، لكن ذلك لم يمنعهم بالطبع من شراء الحلوى وملابس العيد للأطفال لمنحهم فرحة العيد.

المواطن أحمد مصطفى قال إن راتبه التقاعدي “يتبخر” حال استلامه بسبب لائحة طويلة من المصاريف والالتزامات، مضيفًا أن شراء حاجيات العيد يشكل أعباء إضافية على كاهل رب الأسرة الذي لا يعرف حقيقة كيف سيتدبر أمره بقية الشهر لحين استلام الراتب المقبل.

من جانبها أكدت أماني عصام، وهي موظفة لدى القطاع العام، أن دخلها الشهري لا يكفي أساسًا لتغطية نفقاتها الأساسية مثل إيجار المنزل، فواتير الماء والكهرباء، أقساط المدارس.. وغيرها الكثير من قائمة المصاريف التي تطول. وأضافت أن مصاريف العيد تأتي لتلتهم الجزء البسيط المتبقي من الراتب مما يضطرها إلى طلب “سلفة” من الراتب أو عمل “جمعيات” مع زميلاتها بالعمل كي تتمكن من دفع ما تبقى من مصاريفها.

زوانه: الأنماط الاستهلاكية تتحكم بالمواطن

الخبير الاقتصادي زيان زوانه

المواطن الأردني يرزح بطبيعة الحال تحت وطأة الضغوطات المعيشية والاقتصادية سواء كان ذلك خلال فترة العيد أو من بعده، أو بسبب المناسبات باختلافها؛ وذلك وفق الخبير الاقتصادي زيان زوانه.

مؤكداً وجود العديد من الأسباب لهذه الضغوطات أبرزها الوضع الاقتصادي العام ببعض تفاصيله ذات العلاقة مثل تدني حجم الدخل سواء للعاملين أو لمعظم المتقاعدين – لاسيما وأن الأجور ثابتة منذ سنوات -، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة بأرقامها المعلنة رسميًا أو غير المعلنة رسميًا.

وأشار زوانة في تصريحه لنخبة بوست إلى عوامل أخرى أسهمت بشكل أو بآخر بتفاقم الأزمات المالية للأسر، وفي مقدمتها غلاء الأسعار، الأنماط الاستهلاكية التي تتحكم بالمواطن، المناسبات الاجتماعية التي يعتقد الأردنيون أنه لا انفكاك لهم عنها، بالإضافة إلى عدم الرشد والعقلانية في إدارة ميزانية الأسرة. لذا يواجه الأردنيون مناسباتهم الدينية والاجتماعية بجيوب شبه خاوية، مما يضطرهم إلى “الاستدانة” باختلاف مصادرها وتكاليفها والتي ستزيد بالطبع من الضغوطات عليهم.

وحول كيفية تجاوز الأزمات المالية للأسر، أكد زوانه أنه في ظل الأسباب الاقتصادية العامة والتي تخرج بالطبع عن سيطرتهم يفضل تحسين آلية إدارتهم لميزانياتهم الشهرية وترشيد إنفاقهم، فضلاً عن ضرورة تخلصهم من الضغوط المجتمعية وتبعاتها عليهم، عدا ذلك سترتفع مديونيتهم سواء من البنوك بكل مخاطر ذلك أو من دائرتهم الاجتماعية بضغوطاتها المعروفة أيضًا.

علان: الضرائب تفرغ “جيب” المواطن

سلطان علان نقيب تجار الألبسة والأحذية والأقمشة

الضرائب هي من تفرغ جيب المواطن الأردني بحسب سلطان علان، نقيب تجار الألبسة والأحذية والأقمشة.

وقال علان إن من يفرغ جيب المواطن هي الضرائب المرتفعة وليست أسعار الملابس والأحذية، وشدد على أن ضريبة الدخل والمبيعات والرسوم الجمركية لا تتناسب مع واقع الدخل في المملكة. وإذا ما تحدثنا بلغة الأرقام، قال علان إن معدل إنفاق الأسرة الأردنية على مجموعة الملابس والأحذية يبلغ نحو 109 دنانير للفرد في السنة، مما يشكل قرابة 560 دينار سنوياً من متوسط دخل الأسرة سنوياً، وهو مقدار ضئيل نوعاً ما.

وأشار إلى أن هناك العديد من الفواتير الأخرى التي تستنزف دخل المواطن، لافتاً إلى أن الإنفاق على الألبسة يتراجع إلى المرتبة الخامسة في أولويات دخل الأسرة والتي يأتي في مقدمتها السكن، النقل، الصحة بالإضافة إلى الأقساط التعليمية.

الخزاعي: الأردني يتعايش مع كافة الظروف

د. حسين الخزاعي الأستاذ المتخصص في علم الاجتماع

الأردني يتعايش مع كافة الظروف؛ بحسب د. حسين الخزاعي، الأستاذ المتخصص في علم الاجتماع، فكثرة النفقات والالتزامات المالية أرهقت كاهل المواطنين وأفرغت جيوبهم بالكامل، لذا لجأت معظم الأسر للتأقلم مع الوضع الراهن من خلال الاستغناء عن الحاجات الضرورية والاكتفاء بالأشياء الأساسية فقط.

وأضاف أن الالتزامات والمصاريف لا تقتصر على العيد وحسب، إنما هناك أيضًا المناسبات الاجتماعية التي تأتي بعد العيد وسنشهدها خلال فصل الصيف كحفلات الزفاف، التوجيهي والتخرج من الجامعات.. وغيرها الكثير من النفقات الإضافية.

وفي هذا الصدد، قال الخزاعي إن الطبقة الوسطى بالأردن اختفت بالكامل والأوضاع الاقتصادية الصعبة تخيم على غالبية الشعب الأردني، لاسيما وأن 75% من المتقاعدين والموظفين دخلهم أقل من 500 دينار شهريًا ويصنفون تحت خط الفقر. وأشار الخزاعي إلى أنه في ظل تدني الدخل الشهري للأسر الأردنية يواجه معظمهم صعوبة فائقة في وضع موازنة للأسرة مما يضطرهم إلى طرق باب البنوك لطلب القروض أو أخذ “سلفة” من الراتب لسداد مصاريفهم ونفقاتهم، لافتًا إلى أن أكثر من مليون و250 ألف مواطن مقترض من البنوك، مما يؤشر على أن معظم الشعب الأردني يعيش ضائقة ويعاني من أزمة مادية.

بين “مطرقة” غلاء الاسعار و “سندان” المناسبات والأعياد ..

ووسط هذه الآراء مجتمعة نجد أن المواطن الأردني يعيش بين “مطرقة” غلاء الأسعار و”سندان” المناسبات والأعياد، فالمعاناة تزداد يومًا بعد يوم في ظل اضمحلال الراتب من بداية الشهر وعدم قدرة غالبية الأسر على تغطية نفقاتها الأساسية، في حين أصبحت مظاهر بهجة العيد من الملابس والعيديات والضيافات من “الكماليات” التي يمكن للكثيرين الاستغناء عنها.


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version