نخبة بوست – أماني خماش

أثار إعلان نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير الدولة لتحديث القطاع العام، ناصر الشريدة، عن بدء العمل في نظامي الموارد البشرية في القطاع العام ونظام الخدمة المدنية المعدل، تباينات واضحة في ردود الفعل حوله.

وجاء الإعلان عن نظام الخدمة المدنية المعدل خلال إطلاق هيئة الخدمة والإدارة العامة لاستراتيجيتها للأعوام 2024-2027، بعد أن دخل حيز التنفيذ يوم الاثنين الماضي، ووفقًا لتصريح الوزارة، يأتي ذلك في إطار السعي لتحقيق التوازن بين تطوير الأداء في المؤسسات العامة من جهة ورفع سوية القدرات الفردية للموظفين من جهة أخرى.

وفي هذا الجانب، ترى فئة أن التعديلات الجديدة تعتبر نهجًا للإصلاح يهدف إلى رفع سوية أداء الموظفين، في حين تعارض فئة لا بأس بها هذه التعديلات وتصفها بأنها محاولة لتضييق الخناق على موظفي القطاع العام.. مما أثار تساؤلات عديدة حول مدى انعكاس هذه التعديلات على المسار الوظيفي في المؤسسات العامة.

شديفات : “مادة الإجازة” على وجه التحديد لدراسة واقعية عميقة

وفي هذا الصدد قال النائب يزن شديفات إن التعديلات الجديدة جاءت في وقت تزامن مع إطلاق خارطة تحديث القطاع العام والتي أعلنت عنها الحكومة منذ سنتين، وأضاف بقوله ” لكن لا بد من القول إن الذي فاجأ الموظف هو حجم التعديلات التي طرأت على النظام”.

وبحسب رأيه يجب أن تخضع “مادة الإجازة” على وجه التحديد لدراسة واقعية عميقة، تتناول عدد المجازين وماهي طبيعة مهامهم ووظائفهم، لا سيما أن التحليل يجب أن يبنى على أسس قادرة لتفنيد الوظائف تبعا لأهميتها، ومدى الحاجة إليها، وتحديد مبررات منحها.

واضاف يجدر الإشارة إلى أن أكثر الوظائف التي يجب أن تخضع إجازاتها إلى آلية ضبط معينة هي الوظائف التقنية، نظرا لمدى حاجة المؤسسات لهذه المهارات، وأن ترفق هذه الدراسة بكيفية منحهم فرص استثنائية، أما القطاعات الأخرى كالصحة والتعليم، فالأردن لديه فائض كبير من العاملين في هذه المجالات، ويجدر بالحكومة العمل على تسهيل إمكانية توظيفهم في الخارج.

القدرة الاستيعابية للتوظيف في القطاع العام لا تتجاوز 10 آلاف وظيفة سنويا، لذا لا يملك القطاع العام منهجية قادرة على معالجة البطالة، ولا يمكن التعويل عليه بخلق فرص عمل جديدة

ولفت شديفات إلى أن الترهل المتواجد في القطاع العام لم يكن حديث اللحظة، إنما هو نتيجة سنوات من التراكم، والحل لن يكون بين “ليلة وضحاها” ، بل يحتاج إلى استراتيجية طويلة الأمد تعمل على معالجة نقاط الخلل في القطاع.

واشار إلى أن الحكومة تتجه لتطبيق الآلية المتبعة في القطاع الخاص للعمل بها في القطاع العام، والذي برأيه يحتاج إلى “حزم وجزم”، فمن الجيد الذهاب باتجاه نظام العقود، لكن يجب أن تكون في حدها الأدنى، وبعد أن تعدل الفترة الزمنية بتمديدها من سنة إلى ثلاث سنوات، لمنح الموظف مساحة زمنية يتمكن من خلالها تطوير مهاراته الإنتاجية وتسهيل اندماجه في بيئة العمل.

وبشأن حظر عمل موظف القطاع العام خارج أوقات الدوام الرسمي، أوضح شديفات أنه يجب مراعاة الوضع الاقتصادي الذي يمر به المواطن، لذلك أن أي تعديل يطرأ يجب أن يتزامن مع منحه امتيازات تسهل على الموظف عمله، كتوفير التأمين الصحي له، وامتيازات تتعلق بجانب قطاع النقل، والعمل على دراسة عدد ساعات العمل، ولا من الإشارة إلى أن ذهاب الوزارة بهذا الاتجاه، كان لحرصها على الإسهام في تطوير الموارد البشرية بالقطاع العام ورفع سوية الإنتاج، ولن يتحقق ذلك إلا بالتفرغ الكامل للوظيفة.

ولفت شديفات إلى أن الشد العكسي الذي أعقب إعلان دخول النظام المعدل حيز التنفيذ، سببه الأول أن الحكومة لم تعمل على الترويج التمهيدي لهذا النظام، ولم تستعرض رؤيتها قبيل إصداره في الجريدة الرسمية، فالأجدر كان أن تذهب باتجاهين الأول، هو استثمار الوقت الذي أعقب صدور قرار يفضي بوقف العمل بآلية منح الإجازات بدون راتب، وتبدأ من خلاله بناء مرحلة تمهيدية للإعلان عن النظام وتوضيح حيثياته، دون أن تضع المواطن تحت الأمر الواقع.

أما الاتجاه الثاني، فبحسب شديفات كان يجب أن تقدم التعديلات ضمن جزء من خارطة القطاع العام التي تروج الدولة له منذ سنتين، وكحلقة من سلسلة المنظومات الثلاث الخاضعة للتطوير وهي: الاقتصاد، السياسة والقطاع العام.

 أبو نجمة: نظام إدارة الموارد البشرية الجديد لا يحقق أهدافه ويفرض قيودًا غير مبررة على الموظفين

بدوره حذر مدير المركز الأردني لحقوق العمل “بيت العمال” المحامي حمادة أبو نجمة، من أن نظام إدارة الموارد البشرية الجديد في الأردن لن يحقق أهدافه في تحفيز الموظفين وتحسين الخدمات الحكومية، وذلك لافتقاره إلى الدراسة والتوافق مع متطلبات الواقع، وقد تم إصداره دون إخضاعه لدراسة معمقة أو تشاور مع الخبراء والمختصين، مما أدى إلى وجود ثغرات كبيرة تعيق تطبيقه الفعال.

وأشار أبو نجمة إلى أن النظام الجديد لا يضع ضوابط فعالة للحد من تأثير الواسطة والمحسوبية في تعيين الموظفين وترقيتهم، مما يُعيق تحقيق العدالة والمساواة في العمل.

وأضاف أن التعديلات الجديدة فرضت قيودًا غير مبررة على الموظفين، مثل وقف الإجازة بدون راتب، في الوقت الذي تشير المعلومات إلى وجود ما يقرب من 12 ألف موظف مجازون بدون راتب يعملون خارج الأردن ويدرون على الأردن دخلا ماليا جيدا ليس من مبرر لحرمان البلد منه، أو لحرمانهم من تحسين ظروف معيشتهم من خلاله.

كما انتقد أبو نجمة حرمان الموظفين من العمل خارج أوقات الدوام الرسمي، دون الأخذ بعين الاعتبار احتياجاتهم وظروفهم المعيشية، معتبراً أن ذلك لا يخدم بأي شكل من الأشكال عملية التطوير الإداري، في وقت يعيق فرصهم في تحسين دخلهم ومعيشة أسرهم خاصة أصحاب الدخول المتدنية.

وإلى جانب ذلك، انتقد أبو نجمة نية الحكومة تحويل جميع الموظفين إلى عقود، معتبراً أن ذلك سيؤدي إلى عدم الاستقرار الوظيفي، وانخفاض جودة الخدمات، وزيادة التكاليف على الحكومة.

وأشار إلى أن هناك العديد من البدائل الأفضل لتحسين كفاءة الخدمة المدنية دون الحاجة إلى تحويل جميع الموظفين إلى عقود. على سبيل المثال، يمكن للحكومة تطوير نظام تقييم أداء الموظفين عادل وشفاف بما يساعد على تحديد الموظفين ذوي الأداء العالي وتقديم الحوافز لهم، كما يمكن توفير فرص التدريب والتطوير للموظفين لمساعدتهم على تطوير مهاراتهم وتحسين كفاءتهم.

تحويل جميع الموظفين إلى عقود سوف يؤدي حتما إلى عدم الاستقرار الوظيفي وشعور الموظفين بعدم الأمان الوظيفي، ممّا سيقلل من دوافعهم للعمل والإبداع

كما سيصعب على الحكومة جذب كفاءات عالية والاحتفاظ بها، كما قد يؤدي عدم الاستقرار الوظيفي إلى انخفاض جودة الخدمات المقدمة من قبل القطاع العام، وذلك لأن الموظفين المؤقتين قد لا يكون لديهم نفس الحافز على تقديم أفضل ما لديهم.

مضيفا بأن تحويل الموظفين إلى عقود سيكون أكثر كلفة من نظام التوظيف الدائم، نظرا للرواتب والمزايا التي سيفرضها نظام العرض والطلب للوظائف، كما أنه نظام العقود سيخلق تفاوتا في المعاملة بين الموظفين الدائمين والمؤقتين

ودعا أبو نجمة الحكومة إلى مراجعة نظام إدارة الموارد البشرية الجديد بشكل شامل وإشراك جميع المعنيين في عملية إصلاحه، لضمان تحقيق أهدافه في تحسين كفاءة الخدمة المدنية وتحقيق العدالة للموظفين.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version