نخبة بوست – خاص
شكّل إعلان وزارة الداخلية الإيرانية أمس عن فوز المرشح الإصلاحي للرئاسة مسعود بزشكيان على منافسه المحافظ سعيد جليلي مزيجا من التساؤلات حول مدى تأثير فوز مرشح الحزب الإصلاحي على آلية تعامل الجمهورية الإسلامية مع العديد من الملفات الداخلية والخارجية، لا سيما أن سياسة الحزب الخارجية تؤكد على ضرورة الانفتاح على الغرب.
وفي هذا الصدد، قال مدير مركز القدس للدراسات السياسية المحلل السياسي عريب الرنتاوي في تصريح خاص لـ “نخبة بوست” إن وجود رئيس إصلاحي على رأس السلطة الإيرانية يحمل في طياته بوادر انفتاح على المحيط، لاسيما أن انعكاساتها لا تقتصر على الإصلاحيين فقط، بل على الدولة بأكملها، لافتًا إلى أن الرئيس المحافظ السابق إبراهيم رئيسي كان قد اتبع الاستراتيجية ذاتها، حيث عمل على توطيد العلاقات الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج، بالإضافة إلى رفعه لواء سياسة حسن الجوار مع الدول العربية والدول المحيطة بإيران.
وأشار الرنتاوي إلى أن الرئيس رئيسي لقي حتفه أثناء زيارته لمنطقة حدودية وهي منطقة السد المشترك بين إيران وجارتها أذربيجان، والتي لطالما سادت بينهما حالة من التوتر الشديد. وعلى الرغم من ذلك، فقد اتجه رئيسي إلى تلك المنطقة في محاولة منه لتعميق العلاقات الثنائية في هذا المجال. ومن المتوقع أن يكمل بزشكيان ما بدأه رئيسي من انفتاح على الجوار العربي، بل سيذهب باتجاه سيناريو ذو زخم جديد يعمل به على توطيد العلاقات مع الخارج.
وفي ما يتعلق بسياسات الرئيس بزشكيان؛ بين الرنتاوي أنها ستكون أكثر انفتاحية على الغرب، وقد نشهد انفراجًا ونوايا تصالحية تدير مشهد الملف النووي الإيراني، لا سيما أن هذا التوجه هو من الأسباب التي حدت بالدولة العميقة في إيران لتزكية هذا الترشيح، وذهبت باتجاه السماح لعدد كبير من مرشحي التيار المحافظ للترشح، الأمر الذي أدى بدوره إلى تشتت الناخبين، وعمق الانقسام فيما بينهم، والنتيجة كانت بأن يصبح بزشكيان رئيسًا.
ولفت الرنتاوي إلى ترحيب القيادات العربية بتولي رئيس إصلاحي رئاسة البلاد، كما حدث في السابق بعهد العديد من الرؤساء الإصلاحيين مثل علي رفسنجاني، ومحمد خاتمي، وحسن روحاني، مضيفا بقوله “لا بد من القول إن السياسات الكبرى في إيران لا تخضع لتغيير والتبديل وفقًا لتغير الرئاسات بين التيارين الإصلاحي والمحافظ”.
وبشأن تأثير فوز مرشح إصلاحي بالرئاسة على العلاقات مع الحلفاء، أشار الرنتاوي إلى أن السياسة الاستراتيجية الكبرى ستطالها تغييرات طفيفة وليست جوهرية، خصوصا وأن سلطة اتخاذ القرار ليست من صلاحيات الرئيس فقط، ومن تناط به تلك القرارات هو المرشد الأعلى علي خامنئي وما يحيط به من مستشارين وخبراء، بالإضافة إلى بعض مؤسسات الدولة كالحرس الثوري، ومجلس صيانة الدستور، ومجلس تشخيص مصلحة النظام، ومجلس الشورى، وغيرها من المؤسسات التي يديرها مجلس التيار المحافظ، مما يعني أن هناك ليس هناك أي تغيير يُذكر على العلاقات مع أطراف محور الممانعة.
ونوه الرنتاوي إلى أن المجيء ببزشكيان هو بمثابة اختبار الفرصة الأخيرة لإنجاز الاتفاق النووي مع الغرب، والذي بدوره سيفضي بإخراج إيران من لائحة العقوبات، لا سيما أن هذا الملف شديد التعقيد، ولا يتعلق بإيران وحدها، بل منوط بالكثير من التفاعلات الدولية في هذا المجال.
واختتم بقوله ” إن الأثر الأكبر الذي قد يحدثه انتخاب بزشكيان سيكون على الصعيد الداخلي لإيران، فقد يذهب باتجاه المصالحة الداخلية والانفراج في العلاقات مع التيارات المختلفة، وبالأخص مع حركات المعارضة التي نشأت خلال السنوات السابقة، بعد حادثة مهسا أميني، والجدل الذي رافقها حول دور المرأة وحقوقها”.