نخبة بوست – لستُ شاعراً، ولا أملك من الكلمات التي تُعبّر عمّا يجول الروح من قول، ولكنّني أحاول أن أقول: لا تاريخ قبل غزّة، ولا تاريخ بعدها.
لستُ سوى واحد من أبناء المأساة، وكان البكاء هو الغالب في حياتي، من فقدان أبي يافا إلى فقداني القُدس، إلى وإلى وإلى من دمار القلب المتراكم في الروح، التي ظنّت أنّها لن تفرح في لحظة على نصر يسمح للرئة أن تتنفّس.
ولستُ ضليعاً في علم الأرقام، مع أنّها أشغلتنا مع عدوّنا كثيراً، فخلال ليلة أحتلوا يافا وما بعد بعدها، وخلال ستّة أيام أخذوا ما تبقّي من فلسطين وما بعد بعدها، ولكنّ الأرقام عادت تتحدّث.
تسعة أشهر هي التي تفصلنا عن ذلك الفجر الذي أتى بنصر تاريخي لم نعرف قبله مثله، كان الذليل فيه هو الدخيل، وتسعة أشهر هي التي شهدت أعزّ وقفة عزّ في أيام العرب، وما زال العدّاد يعدّ الأيام والأشهر.
عزّ الدين القسام لم يكن فلسطينياً، مع أنّ الفلسطينيين سمّوا كتائبهم بإسمه، فهم يعرفون أنّ التحرير سيكون من طريقته في الفداء، والشهادة، وقد حمل الإسم والفعل معاني بالغة الأثر، وقد حمل فعل أهل غزّة إضافات لو كان القسام حيّاً لطلب أن يُقدّم قسيمة انضمام إلى كتائبه: كتائب القسّام.
لستُ شاعراً، ولكنّني أحاول القول: إنّ غزّة أكبر من حلم، وأعظم من أن تحتويها كلمات بطولة أو عظمة أو إعجاز، وهي قصّة تُلخّص حكاية شعب أبيّ أبى أن يخضع، وانتصر، وللحديث بقية!