حلّ مجلس النواب وشيك والعدّ العكسي بدأ!
* التجربة الحزبية في امتحان صعب، الحكومة باقية والقلق سيّد الموقف
نخبة بوست– المحرر السياسي
تهيمن حالة الترقب على المناخ السياسي في عمان بانتظار قرار حل مجلس النواب وانطلاق مرحلة التسجيل والترشّح للقوائم الوطنية والمحلية وبدء العدّ العكسي للماراثون الانتخابات والأحزاب السياسية في الانتخابات النيابية القادمة، والجميع يدرك أنّ وقت الجدّ والتحدي واختبار التجربة الحزبية الجديدة في الانتخابات القادمة، وفيما إذا ستكون خطوة إلى الأمام نحو تكريس دور الأحزراب السياسية في المشهد السياسي أم نكسة وانتكاسة للعمل الحزبي ورجوع إلى وراء!
التوقعات الرسمية تذهب إلى أنّ سيكون قرار حلّ مجلس النواب بعد انتهاء مدته الدستورية، وعلى الأغلب إما 19 أو 20 تموز الحالي، مما يعني أنّ الحكومة ليست مضطرة إلى تقديم الاستقالة، وهو الأمر الذي رجّحته “نخبة بوست”، بالرغم من التسريبات الإعلامية التي تحدثت عن رحيل الحكومة، فالمنطق السياسي والزمني لا يؤشر على أنّ هنالك وقت كافٍ لحكومة جديدة، كما أنّ انتظار المدة الدستورية للمجلس يعزز من فرص بقاء الحكومة، إلاّ إذا حدثت مفاجأت على خلفية القرارات الجدلية التي اتخذت في الأيام القليلة الماضية وتصاعد الأزمة بين نقابة الأطباء والحكومة، وهو أمر أيضاً مسبتعد.
أكثر من ذلك لا يتوقع أن تجري الحكومة أيّ تعديل سياسي، بخاصة بعد أن حسم وزراء في الحكومة أمرهم وقرروا البقاء، والإشارة هنا بصورة محددة إلى وزير الشؤون السياسية، الذي كان ينتظر قائمة حزب الميثاق (وهو عضو فيه) لحسم موقفه من البقاء أو الاستقالة، ومن الواضح أنّ قوائم الأحزاب السياسية الكبرى تجنبت الوزراء السابقين.
حزب الميثاق، الذي يمثّل لوناً محافظاً في الخارطة الحزبية وكان السبّاق – بعد حزب تقدّم- إلى إعلان قائمته الوطنية، بانتظار القوائم المحلية التي سيشارك فيها أعضاء الحزب، وبانتظار الأحزاب الكبرى الأخرى، مثل حزبي إرادة والحزب الوطني الإسلامي، وبطبيعة الحال الحزب الأكبر في المعارضة جبهة العمل الإسلامي، مع وجود صعوبات لدى أحزاب اليسار في التوافق على قائمة وطنية وعلى الأسماء الأولى في القائمة، إذ يجري الحزب الديمقراطي الاجتماعي تفاوضا مع كل من الحزب المدني الديمقراطي وحزب حشد لتشكيل جبهة من الأحزاب اليسارية.
الانطباعات التي تركتها الانتخابات الجامعية كانت سلبية بدرجة كبيرة حول مدى استعداد الأحزاب السياسية للانتخابات النيابية، وفي ورشات مغلقة تمت مناقشة الموضوع، وجرى تقييم التجربة، ومن الواضح أنّ هنالك إشكاليات تواجه الأحزاب السياسية، بسبب حداثة تجربتها، وأبرز هذه الإشكاليات عدم القدرة على التمايز بين هذه الأحزاب في منظور الرأي العام والشارع، والتنافس فيما بينها على القاعدة الاجتماعية نفسها، بينما ما يزال لدى “المعارضة الإسلامية” قاعدة اجتماعية عريضة ومن المتوقع أن تستثمر سياسياً بصورة كبيرة في حالة التعاطف الشعبي مع غزة وشعبية حماس في المجتمع الأردني بعد عملية طوفان الاقصى.
جرس الإنذار أطلقه رئيس لجنة تحديث المنظومة السياسية، سمير الرفاعي في محاضرة مشهودة له في النادي الأرثذوكسي، بالتعاون مع جمعية الحوار الديمقراطي، لكنّ التعليقات التي جاءت على المحاضرة، كما يلاحظ متابعون ومراقبون، عملت في العديد من الأحيان على حرفها عن الأهداف التي أرادها الرجل، فحاول التيار المشكك بنجاح التجربة الحزبية بأن يقول بأنّ رسالة الرفاعي بأنّها فشلت وأنّنا نسير في الطريق الخاطيء، بينما تؤكد الأوساط القريبة من الرفاعي أن المقصود كان بعيداً تماماً عما ذهب إليه التيار المشكك، وأنّه كان يهدف إلى تحسين أداء الأحزاب والاستدراك قبل الإعلان عن القوائم من خلال الدفع نحو وجوه شابة جديدة والابتعاد عن تحكم “العامل المالي” في الأحزاب والانتخابات، وهو ما ظهرت بعض مؤشراته في انتخابات الجامعات وفي التنافس بين الأحزاب السياسية.
لا توجد أجوبة حاسمة موثوقة، والمعروف أن التجربة الحزبية تتطلب وقتاً وستشهد مراحل صعود وهبوط، وهذه طبيعة كل تجارب التحول التي حدثت في العالم، لكن الخشية هي من سقف توقعات الأحزاب ومن توقعات الشارع، ومن محدودية الوقت الذي تعمل به الأحزاب، مما قد يؤثر سلباً على قدرتها على إحداث تغيير في الانتخابات القادمة.
الأمر الذي يمكن أن تقدمه الأحزاب السياسية هو أن تعمل بصورة قوية وجادة على حملتها الانتخابية وشعاراتها وما ستطرحه من برامج، وعلى أن تكون الانتخابات القادمة نظيفة ونزيهة بصورة مشهودة، حتى تكون رسالة واضحة من مؤسسات الدولة بأنّه لا رجعة عن التجربة الحزبية، بخاصة أن الملك تجاوز كل التحذيرات من إجراء الانتخابات في مرحلة إقليمية حساسة وحرجة، وقرر التأكيد على قوة الدولة في الالتزام بالاستحقاقات الدستورية، والانتخابات القادمة بما تحمله من دلالات ومؤشرات ستكون منعرجاً مهماً في تجربة سياسية جديدة تمرّ بها البلاد.