نخبة بوست – شهدت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن حركة داخلية نشطة خلال فترة ما قبل الإعلان عن إجراء الانتخابات النيابية؛ حيث شهدت انتخاب مراقب عام جديد؛ أدى إلى انتخاب المهندس مراد العضايله (أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي سابقا، الذراع السياسية للجماعة) بفارق صوت واحد على أحد الرموز التاريخيين للجماعة، الشيخ المخضرم حمزة منصور؛ وقد لفت هذا الأمر انتباه المراقبين والمتابعين وأبناء الجماعة نفسهم حسب التعبيرات التي صدرت عنهم.

يجد المتابعون أن انتخاب العضايله على رأس أكبر تيار سياسي واجتماعي في البلاد كان مفاجئاً، حيث لم يظهر اسمه كمرشح للمنصب إلا في الأيام الأخيرة لهذه الانتخابات الداخلية؛ ودفع به للمنافسة ضد تيار الصقوري كواحد من أبرز رموزه، وهو منافس لخيارات تحالف تياري الحمائم والوسط الذي كان يتعامل بشكل تقليدي مع المرحلة؛ كان يشعر بثقته في قدرته على حسم النتيجة لصالحه مع تجاهله لوجود حالة جديدة تتشكل داخل الجماعة، ظهرت بنتائج فرز انتخابات أعضاء مجلس الشورى الجديد، الذي حمل لأول مرة تياراً شبابياً صاعداً بواقع (5) مقاعد تم التنسيق والإعداد لها مسبقاً، بالإضافة إلى وجود ما يقارب من نصف عدد مقاعد المجلس ينتخب لأول مرة، بما في ذلك كتلة “مستقلة” بالكامل تعمل خارج الاستقطابات التاريخية، وقد بلغ عدد مقاعدها (8).

هنا برزت قدرات المراقب العام المنتخب المهندس مراد العضايله في استغلال الفرصة للانتقال من رئاسة الحزب إلى رئاسة الجماعة، محمولاً على قوة كامنة في عمق الجماعة التي ترى ضرورة التغيير

اليوم، وبعد انتخاب المهندس العضايلة مراقباً عاماً، تظهر ديناميكية الجماعة الداخلية في تشكيل المشهد القيادي الجديد؛ لم يقتصر هذا التشكيل على مكتب تنفيذي الجماعة فقط، بل فتح المكتب السياسي للحزب للتعديل وضخ دماء جديدة، وإعادة فك وتركيب من نوع معين على قاعدة انتقال بعض الأسماء من قيادة الحزب إلى قيادة الجماعة، لخلق مشهد ممثل ومتجانس في ذات الوقت، وهو التحدي الأكبر الذي يواجه المراقب العام الجديد في أول استحقاق يتعلق بترتيب وتنظيم البيت الداخلي الإخواني.

التغييرات المنشودة في الجماعة

يرى هذا الطيف الواسع من أعضاء مجلس الشورى أن قيادة الجماعة في المرحلة التي سبقتها لم تكن على المستوى المطلوب في النهوض بالصف الداخلي للجماعة؛ وكذلك في الأداء المأمول الذي رافق معركة طوفان الأقصى، التي ينظر إليها أبناء الجماعة بكل شرائحهم أنها ذات أهمية كبيرة وستدشن مرحلة جديدة من عمر المنطقة وحركة النضال الفلسطيني، وستؤثر على تموضع الجماعة في المشهد الداخلي الأردني نفسه، بالإضافة إلى عدم قدرة القيادة السابقة للجماعة على إحداث حالة اختراق ملحوظة في العلاقة مع النظام السياسي، واكتفائها بالمراوحة في تلك العلاقة في محلها. رفع العضايلة “شعار التغيير”، ويبدو أنه تمكن من خلاله في استقطاب كتلة “المستقلين” وتيار الشباب، بالإضافة إلى الكتلة الصقورية التي انطلق منها الأمر، مما أدى إلى تحقيق النتيجة التي أرادها.

هل سيؤدي وجود قيادة صقورية إلى حالة استقطاب جديد داخل الجماعة ؟

هذا السؤال لطالما راود الكثير من المراقبين والمهتمين بالشأن الإخواني منذ اللحظة الأولى لإعلان فوز العضايلة على رأس الجماعة، والإجابة الموضوعية على هذا السؤال تكمن في معرفة طبيعة ميكانيزميات الجماعة حيث تقوم على المؤسسية العريقة واحترام شرعية افرازات صندوق الانتخاب الذي يعطي الشرعية الكاملة لأي فرد داخل الجماعة عندما يكون خيارًا في الممارسة الديمقراطية داخل أروقة الجماعة؛ وهي مسألة متفق عليها ومسلم بها وتشكل في ضمير أبناء الجماعة إحدى أهم ضمانات قوتها وتماسكها. من هنا تأتي الإجابة على السؤال بأن وجود قيادة بخلفية صقورية لا يتوقع فعليًا وعمليًا من أن تكون سببًا في عودة الاستقطابات داخل الجماعة الأكبر في البلاد.

العلاقة مع النظام السياسي

بحسب قيادات الإخوان، فإنه بالرغم من وجود قيادة صقورية على رأس الجماعة، فإنه ليس من المتوقع أن تشهد العلاقة بين الجماعة والنظام السياسي أي تدهور في العلاقة خلال هذه الفترة المنظورة على أقل تقدير؛ نظراً لطبيعة المراقب العام الجديد الذي يتسم بالبراغماتية العالية والمرونة الكافية لإدارة العلاقة وإدامتها على مستويات لا تنقل العلاقة إلى مربعات التأزيم؛ وذلك قياساً على أدائه السابق على رأس الحزب، كما أن انتخاب العضايلة مراقباً عاماً للجماعة جاء في سياق التحضير للانتخابات النيابية القادمة المزمع إجراؤها في 10 من سبتمبر القادم، الأمر الذي لا يحتمل توتير الأجواء العامة في البلاد قبيل الاستحقاق الدستوري الذي يوصف بالأهم نظراً لكونها الانتخابات الأولى في عهد منظومة التحديث السياسي.


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version