نخبة بوست– كتب: بساط أحمدي
بالشعر والغناء ورقصة الحرب والنصر، “الدحية“، يعبّر الأردنيون، منذ عهود طويلة، عن انتصاراتهم وأفراحهم وتضحياتهم.
تُنسب “الدحية”، (رقصة زئير الأسود)، وبحسب بعض الروايات، إلى اسم الصحابي الجليل سيدنا دحية بن خليفة الكلبي، أوسم العرب وأجمل العرب، ابن صحراء شرق الأردن، الخبير ببلاد الشام وعشائرها و”لغاتها”.
روى الطبراني عن أنس قول رسول الله: “كان جبريل يأتيني على صورة دحية الكلبي”. وقالوا إنه كان أجمل العرب، و”يوسف العرب”.
قال إبن عبّاس: “كان دحية إذا قدم المدينة لم تبق مُعْصِر (أي فى سن المراهقة) إلا خرجت تنظر إليه”.
وفي الروايات؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعث دحية الكلبي سنة 7 هـ، فى سرية، وحده، بكتاب إلى قيصر ملك الروم يدعوه إلى الإسلام.
وتأخرت عودته إلى قومه في بلقاء الأردن، حتى أشيع أن قيصر قتله؛ وعندما أطل على قومه بعد غياب، وتيقنوا أنه دحية، تجمعوا يهتفون باسمه، ويلحقونه بأهازيجهم. ومن هنا كانت بداية الدحية؛ أهزوجة النصر والفرح والحياة..
واستمرت الدحية الأردنية، يخلد فيها الأردنيون أحداثهم التاريخية وتضحياتهم وأبطالهم، ممزوجة بالإصرار على ارتباط الحياة بالفرح والعطاء، يرتفع صوت شبابهم في الدبكات، وهم يهتفون:
“شباب قوموا العبوا والموت ما عنه
والعمر شبه القمر ما ينشبع منه”..
الدفاع عن الأردن، بالنسبة للأردنيين، حالة فرح وحالة زهو، لا حالة ندب ولا لطم ولا اكتئاب..
بالفرح والأمل والصبر بنينا الأردن، و”برموش الأعين سيجناه”.
لم يعرف الأردنيون، حتى في أصعب أوقاتهم، طعم الاكتئاب، ولا نكهة الهزيمة.. بل، كانوا، وسيبقون؛ أهل الكيف والسيف وإكرام الضيف، أهل الهيل والخيل “مطوّقين الليل”..
الأردنيون يعرفون كيف يعشقون وكيف يفرحون وكيف يدافعون عن الوطن وكيف يكون البناء، وكيف تكون أهازيج النصر وتقاليد الصمود وكيف يكون الفرح جميلاً والحزن جميلا والصبر جميلا، والنصر جميلاً.
عام 2011، وفي ذروة استهداف الأردن، في حمأة ما يسمى “الربيع العربي”، تضمّن البيان الوزاري لحكومة معروف البخيت، رحمه الله، بنداً خاصاً، حول استعادة مهرجان جرش. وكانت الرسالة السياسية واضحة وبقوة؛ لن نسمح أن يتعطل أو يؤجل فرح الأردنيين. والأردن سيبقى رغم الاستهداف منيعاً بقوّتيه؛ الناعمة والخشنة، معاً، وبالتوازي.
كانت استعادة رمزية مهرجان جرش، موضع ترحيب واطمئنان الأردنيين والقوى الوطنية، دفاعاً عن الأردن ودفاعاً عن تراث الأردنيين وهويتهم.. “ويستمر الفرح”.