نخبة بوست – لم يعدِ الحديث عن تطبيق قانون الانتخاب غير مضمون النتائج مجدياً في الأردن بعد عثرات ومخاض البيئة السياسية والحزبية نتيجة ممارسات بيروقراطية إدارية “طبقا للقانون” وأيضا مقاربات أمنية على الأغلب فردية متفرقة هنا وهناك وليست منظمة أو ممنهجة، والتي أنتجت بضعة وثلاثين حزبا تتنافس بعد 45 يوما على 41 مقعدا على القوائم الحزبية، عدا الدوائر المحلية.

وقد جرى العام الماضي لدى مطبخ القرار مراجعات وتقييم للتجربة؛ وهذا شيء إيجابي.

إذ بات ضروريا بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية وعلى مجلسة الأمة الجديد أن يعكف على مناقشة والبحث عن إعداد وإصدار نظام انتخابي للقانون يعالج الثغرات، ويتناسب مع الحالة والتجربة ضمن هذا العدد الكبير من الأحزاب، والتي من المتوقع في الانتخابات المقبلة، أن تتفتت أصواتها، ولن تحصل في معظمها على مقعد أو مقعدين، باستثناء حزب أو حزبين، وهذا يعاكس ويناقض خطة الاصلاح السياسي – في التجربة الأولى، حصول الأحزاب على مقاعد تشكل كتل وازنة في البرلمان، تتنافس بينها سياسيا وبرامجيا.

ومعظم الأحزاب الحالية، ما زالت خداج بالمعنى المعنوي، ومن حيث عمرها والعمل الفردي فيها وليس المؤسسي – رغم بعض المحاولات الجادة – لكن تحتاج وقتا للنضوج، ومن حيث تكدس النخب في بعضها، وتعقيدات هذه الظاهرة المقلقة، وأيضا طبيعة التفكير النظري غير المنهجي لمعظم هذه الأحزاب والقوى المشاركة بها؛ ولأنَّ السياسة هي فنُّ الممكن، والانتخابات جزء لا يتجزأ من العملية السياسية، ممَّا يحتِّم التعامل مع العملية الانتخابية، وكل ما يتعلق بها، بما في ذلك قانونها بواقعية بعيداً عن المثالية غير المنتجة، أو التشاؤم المفرط.

لا بدَّ في المستقبل من إيجاد قواعد انتخابية لتيارات سياسية راشدة قادرة على الذهاب بالأردن نحو الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، حين البحث عن النظام الانتخابي الأنسب، وإن كان بصورة تدريجية لما تمتلكه الانتخابات من تأثير في العملية السياسية؛ لأنَّ القوى والأحزاب ستتفاعل مع مخرجات العملية الانتخابية في حال كان هناك نظام انتخابي مقنع، وإن كان بصورة نسبية.

إنَّ تكيُّف الأحزاب مع أي نظام انتخابي جديد أمر في غاية الأهمية؛ لأنَّ ذلك يمكن أن يضمن استقراراً سياسياً يعقب أي: إنَّتخابات ومن ثَمَّ عدم تكرار تجربة “عدم الاستقرار النسبي” الذي أعقب انتخابات 2020 وأيضا المتوقع في الانتخابات الحالية 2024. وأجواء عدم الثقة بمؤسسات الدولة.

اتجاه التفكير بإعادة النظر قي قانون الانتخاب وثغراته يحتم على مطبخ القرار – وسريعا، وضع تصور لنظام انتخابي مستند للقانون بالإبقاء على محاسنه، وتلافي سيئاته؛ للوصول إلى نظام يحتوي على معايير النزاهة، والعدالة، والشفافية، ويتناسب مع أوضاع الأردن السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ولا بدَّ من الإشارة هنا إلى النصائح الثلاث التي قدَّمها روبرت دال في كتابه (عن الديمقراطية) للدول التي تعاني من عدم استقرار نظمها الانتخابية، أولها، الإسراع في استبدال النظام الانتخابي في حال وجدت هذه الدول أنَّ نظامها الانتخابي لا يلبِّي احتياجاتها، والثانية، تتمثَّل بالبحث عن نظام انتخابي يتناسب مع خصوصيات هذه الدول التاريخية، والفكرية، والاجتماعية، أمَّا النصيحة الثالثة فتشير إلى ضرورة دراسة جميع البدائل المتوفرة بعناية عن طريق الاستعانة بخبراء في مجال النظم الانتخابية، داعياً إلى أن يكون النظام الانتخابي يسيراً ومفهوماً من قبل الجميع، وغير بعيد عن الابتكار، ويفسح المجال للجميع والأفضل والأصلح؛ للوصول إلى السلطة التشريعية.
والنصيحة الأخرى من كاتب هذا المقال أن عودة الحرس القديم بثوب ملائكي حزبي جديد يسيء للدولة والمجتمع ويسيء أكثر للنظام.

ونجد أن النظام الانتخابي الأنسب للأردن بحاجة للأخذ بالنصائح الثلاث في ظل وجود رغبة لاستبدال النظام الانتخابي الذي يتناسب مع الخصوصيات والرؤى، ومع دراسة جميع البدائل المتوفرة.

والتصور المبدئي – بعد الانتخابات القادمة – أن تجري الانتخابات ضمن قانون الانتخاب الحالي ضمن قوائم حزبية ب41 عضوة أو عضو على الأقل للقائمة الحزبية، لكن بتعديل طفيف – قد يصدر بنظام وتعليمات – أن يكون داخل القائمة الواحدة كتل حزبية لتيارات سياسية متقاربة، لحل مشكلة ومعضلة الإتلافات الحزبية المتقاربة؛ ويكون للناخب حق التصويت للقائمة ككل وأيضا حق التصويت مرة ثانية للكتلة أو التيار داخل هذه القائمة، ويتم احتساب النتائج حسب الأصوات حسب حصول كل كتلة داخل القائمة نسبيا، وأيضا حسب حصول القائمة نفسها على العتبة المفترضة بالقانون، وأيضا على مستوى الدوائر المحلية يكون هناك صوتان للناخب للقائمة ولشخص أو أكثر داخل القائمة.

وهذا النظام يتيح الائتلاف بين الأحزاب المتقاربة فكريا وسياسيا، ما لم تتحه الحوارات والمحاولات لاندماج الأحزاب ما قبل التصويب، وأيضا للخروج من معضلة “رقم 1 في القائمة” التي ينتجها تزاحم النخب في الأحزاب.
من الطبيعي يحتاج هذا النظام الانتخابي إلى مشاروارات وخبراء في الأنظمة الانتخابية لتوضيح الفكرة ولقرارات جريئة تسرع في اصداره ونحن قاب قوسين أو أدنى من الانتخابات القادمة.


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version