الأردن والمرحلة الجديدة
نخبة بوست – الانتخابات الحالية ليست معزولة عن سياقات الانتخابات السابقة، فمجالات التشابه والتقاطع أكثر من الاختلاف والتمايز، لكن حجم وشدة “الوجع العام” هذه المرة أكثر بكثير من السابقات، فالوضع الاقتصادي أسوأ من أي مرحلة سابقة، ونسبة البطالة غير مسبوقة، والعدوان على غزة ترك جرحًا عميقًا في الذات الإنسانية والكرامة العربية والوطنية على حد سواء.
ما ينبغي التنبيه له ان كثير من مفردات الخطاب الانتخابي السابقة لم تعد تلقى قبولا، فلا عبارة ” أبشر بالفزعة” ستكون حقيقة، ولا الوعود بالتوظيف والتنفيع ستكون صادقة، ولا شعارات ” السمن والعسل” أصبحت تفتح شهية الناخبين، وبالتاكيد حجم المقاطعة سيكون واضحا.
إذا أراد المرشحون إقناع الناخبين بالمشاركة والاقتراع والتصويت لهم، فلا بد من خطاب يلمس أوجاع الناس وينحاز لهم، ولا بد من إظهار التزام أخلاقي شخصي بالقيم التي يؤمن بها الناخبون. فلا بذخ الولائم ينفع، ولا سيارات المرشحين الفارهة ستعزز قناعة انتخابهم بهم، ولن تكون كلمات المجاملات في الدواوين أصواتًا في فنادق الصناديق.
ما ننصح به – والنصيحة بالمجان – أن يتواضع المرشحون في سلوكياتهم، وأن ينحوا للبسطاء والفقراء، وأن يستشعروا هم الشباب العاطلون عن العمل، وأن يتحدثوا بالشأن الوطني العام وليس بالشأن المصلحي الخاص مهما توسع. فلا بد من طروحات جريئة تتناول إدارة الملفات للشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
إن الناخبين لم يعدوا يقبلون بوصف “نائب الخدمات” للتصويت له، ولا يقدرون من لا يسمع له رأيًا بالشأن العام، فلغة “احنا قرايب ونسايب” لا تجد أذانًا صاغية، فحجم الخرق أكبر من رقعته بهكذا خطاب. وأن الشباب الذين ذهب من استطاع منهم للمخاطرة والهجرة إلى بلاد الغرب وأمريكا يتطلعون إلى من يحاكي حالهم ويسير مع أبسط حقوقهم بالعيش الكريم والعمل الشريف، الذي لم يعد ممكنًا أن تكون الوظيفة في القطاع العام هي الحل لهم في ظل سياسة تقليل الوظائف كشروط دولية و/أو مصلحة وطنية.
دعوة مختصرة نوجهها للناخبين؛ أن مايزوا بين المرشحين وزنوهم بطموحاتكم وليس بجمال خطاباتهم او شعاراتهم فحسب، واعطوا الثقة لمن يقدم اراءً ممكنة بالشأن العام.