سيناريوهات الرد الإيراني؛ حرب شاملة أم رد محدود؟
نخبة بوست – أماني الخماش
في خطوة وُصِفت بالجنونية وضربة قاسية لمحور الممانعة، نفّذت إسرائيل سلسلة اغتيالات في ليلة واحدة، حيث تمكنت من اغتيال الرجل الثاني في حزب الله، فؤاد شكر المعروف بـ “المحسن”، في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، ثم وجهت صواريخها إلى طهران لتغتال قائد الجناح السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية.
وبعد مضي ساعات قليلة على الحادثتين، رفعت الجمهورية الإيرانية الرايات الحمراء إشارة منها للثأر لدماء هنية وشكر، ثم صدر إعلان من قبل المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، يوجه فيه الحرس الثوري الإيراني بشن هجوم مباشر على إسرائيل.
اغتيال محمل برسائل سياسية وعسكرية
جاء اغتيال هنية الذي حضر إلى إيران للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان محملاً برسائل سياسية وعسكرية أرسلتها إسرائيل إلى إيران، مفادها دخول المنطقة إلى مرحلة جديدة من الصراع لا تخضع لقواعد الاشتباك السابقة، وأنها قادرة على تخطي حدود رقعة الحرب الجغرافية.
وفي إجراءات احترازية للرد على هذه الاغتيالات، أغلقت إسرائيل مجالها الجوي لمدة 24 ساعة ورفعت مستوى جاهزيتها للتعامل مع سيناريو المواجهة الشاملة.
وفي خضم ذلك، طلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من وزراء حكومته عدم الإدلاء بأي تصريح مرتبط بما حدث من اغتيالات، وطلب منهم التزام الصمت.
العبادي: الرد الإيراني محدود وغير مباشر
وفي هذا الصدد، بيّن خبير الشؤون الاستراتيجية والأمنية د. ابراهيم العبادي أن الرد الإيراني لا يزال غامضًا وينتابه شيء من عدم الوضوح بملف اغتيال إسماعيل هنية في طهران، خاصة أن الموقف الرسمي الإيراني لا يزال غير واضح، بالرغم من تداول بعض الوكالات الدولية خبرًا مفاده أن المرشد الأعلى لإيران أعطى تعليماته بتوجيه ضربة مباشرة لإسرائيل، ولكن لا بد من الإشارة إلى أن الضربة لن تكون شاملة على غرار الضربة السابقة وإن كانت محدودة التأثير.
وعن السيناريو المتوقع للرد الإيراني المحتمل، أشار العبادي إلى أن المتوقع هو قيام إيران بالرد من خلال أذرعها في المنطقة، وتحديدًا جماعة أنصار الله، وذلك لحساسية الوضع بالنسبة لحزب الله، وقد يأتي ذلك في إطار اشتباكات محدودة تحت سقف محدود، خاصة أن جميع الأطراف لا تسعى إلى حرب مفتوحة في المرحلة الحالية، بالرغم من محاولة إسرائيل لتوسيع رقعة الحرب في محاولة منها لتحقيق أهداف سياسية.
ولفت العبادي إلى أن الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان هو من التيار الإصلاحي، وقد صرّح سابقًا عقب استلامه منصبه كرئيس للبلاد أنه غير معني بالتصعيد، وأن الجهود ستنصب في الفترة القادمة باتجاه البدء بفتح قنوات حوار مع الغرب والقوى الإقليمية، وتعزيز آلية الحوار مع أمريكا على وجه التحديد لتخفيف حجم العقوبات الواقعة على طهران، بالإضافة إلى الإسهام في التنمية الشاملة وخفض الصراع في منطقة الشرق الأوسط.
ماضي: رد متفق عليه ما بين الأطراف
من جهته، بيّن أستاذ العلاقات الدولية د. بدر ماضي أن الرد الإيراني سيأتي ضمن إطار الرد السابق الذي أتى عقب اغتيال مجموعة من الضباط الإيرانيين في السفارة الإيرانية بدمشق، ولن يتجاوز هذا السقف.
وعن احتمال انجرار المنطقة إلى حرب شاملة، أوضح ماضي أن إيران ستذهب باتجاه عدم توجه الجمهورية الإيرانية وحلفائها إلى سيناريو الحرب الشاملة، فحزب الله يمثل أداة لا يمكن تعويضها في المنطقة لتنفيذ المصالح والسياسات الإيرانية، وإذا ما أراد الإيرانيون التضحية بحزب الله، فستكون الفترة التي يستغرقها لخلق أداة جديدة في المنطقة طويلة، مما سيكون له تداعيات تؤدي إلى وجود فراغات كبيرة ستسهم في إضعاف قوة إيران مقارنة مع وضعها الحالي في المنطقة.
وفيما يتعلق بالخروقات الإسرائيلية للمجال الإيراني، بيّن ماضي أنها ليست المرة الأولى، فقد سبق وأن فعلها الإسرائيلي واغتال الكثير من العلماء وضباط إيرانيين على الأراضي الإيرانية، مما يعني أن إيران لا تشعر بالحرج إزاء ما حدث كما شعرت في حادثة اغتيال القادة العسكريين في دمشق. ولا بد من القول إن إسماعيل هنية وفؤاد شكر ليسا إيرانيين، وبذلك إيران ليست معنية بنشوب حرب لأجل ذلك.
وأشار ماضي إلى أن إيران ستعمل على احتواء المشهد، وستذهب باتجاه شراء الوقت بتكتيك معهود لكي ينسى حلفاء إيران أنها لم ترد على إسرائيل، ومن هذا المنطلق لن يكون هناك ردود فعل قوية من الإيرانيين تجاه اغتيال هنية.