نخبة بوست – رغم أن الولايات المتحدة ليست وسيطاً، وإذا كانت كذلك فهي ليست نزيهة، لأنها هي التي تُقدم للمستعمرة الغطاءات السياسية والقانونية، والحجج والذرائع حسب الادعاء: «حق إسرائيل- المستعمرة للدفاع عن نفسها»، لأن المستعمرة يا حرام تتعرض للأذى والعدوان والمس والقتل، ولأن أراضيها محتلة من المعتدين الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين، وهي ملتزمة أشد الالتزام بقرارات الأمم المتحدة: 181 و194، و242، وآخره 2735، بينما الدول المجاورة تضرب القرارات الأممية بعرض الحائط، كما أن توجهات محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية لا تملك الحق أو الدلالة أو المعطيات لمحاكمة مجرمي المستعمرة، لأنهم يا حرام أبرياء من كل تُهم: الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتدمير للمدارس والمستشفيات ودور العبادة والمباني السكنية ومواقع الخدمات.
الولايات المتحدة هي التي تُزود قوات المستعمرة بكل احتياجاتها العسكرية التدميرية، وتقدم لها التغطية المالية، كما فعلت إلى الآن بتغطية أغلبية تكاليف حربها على قطاع غزة، ولهذا تملك الولايات المتحدة المقدرة على لجم قوات المستعمرة ولجم سياساتها، وعزلها، إذا لم تستعمل نفوذها المعلن لصالح المستعمرة، وتُفشل المستعمرة في برنامجها وقتلها وقصفها واستهدافاتها لقيادات المقاومة، تستطيع الولايات المتحدة أن تفعل ذلك إذا لم تقدم لقوات الاحتلال المعلومات الاستخبارية نتاج التقنيات الالكترونية الأكثر حداثة وتطوراً.
البيان الرئاسي الثلاثي يحث الأطراف على قبول مشروع الاتفاق المقدم من الرؤساء الثلاثة: بايدن والسيسي وآل ثاني، ولكن بدون «دهلزة»، قيادة المستعمرة هي التي ترفض وقف إطلاق النار، وهي التي أحبطت ولا تزال جهود الوسطاء لتحقيق اتفاق وقف إطلاق النار، وتمارس «الدلال» على ربيبتها واشنطن، وخطاب نتنياهو أمام الكونغرس، دلالة على مدى ما يتمتع به من «دلال» فاقع لدى معلميه وداعميه وأستاذته، وكأنه صاحب الفضل عليهم.
لذلك المطلوب ممارسة الضغط على قيادة المستعمرة وفريق نتنياهو الائتلافي لقبول الاتفاق، فقد رفضه وزير المالية سموترتش، ووصفه على أنه «اتفاق استسلام» يجب أن لا تقبله المستعمرة، وترفضه، والولايات المتحدة لو أرادت، لو قررت، تملك القدرة والقرار والعصى لوقف قيادات المستعمرة ولجمهم، كما فعلت عام 1956، حينما أرغمت القوات الإسرائيلية على الانسحاب من سيناء بدون أي شروط، وأرغمت اسحق شامير للذهاب إلى مؤتمر مدريد صاغراً يوم 30/10/1991.
الولايات المتحدة تُمارس سياسة مزدوجة، أغلبيتها لصالح المستعمرة، وقليل منها في الدعوة لوقف إطلاق النار، والتعاطف الشكلي غير الفاعل مع معاناة الفلسطينيين في غزة، وستبقى هذه الازدواجية قائمة متواصلة حتى ينتهي دور تل أبيب، وتتحول إلى عبء على المواطن الأميركي الذي بدأ قليلاً يعي حقيقة المستعمرة وتنكشف عوراتها السياسية العدوانية المخجلة.