نخبة بوست – ينص الدستور الأردني في مادته السادسة على أن الأردنيين أمام القانون سواء، لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات، وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين. هذا النص يمثل حجر الأساس لفكرة المواطنة المتساوية التي يجب أن تكون الركيزة الأساسية لأي نظام ديمقراطي. ولكن، مع بدء تطبيق نظام المقاعد المخصصة (الكوتا) في قانون الانتخاب، يظهر لنا أن هذه المبادئ الدستورية تواجه تحديًا حقيقيًا.

الكوتا في قانون الانتخاب لسنة 2022 خصصت 30 مقعدًا في البرلمان للمرأة، والمسيحيين، والشركس، والشيشان، تحت ذريعة “التمييز الإيجابي” لتعزيز التعددية وضمان تمثيل الفئات المهمشة. وهذا يتناقض مع مبدأ المساواة أمام القانون، إذ يتم تمييز بعض المواطنين على حساب آخرين، مما يُحدث فوارق لا تتماشى مع روح الدستور.

بالعودة إلى نتائج الانتخابات النيابية السابقة، يتضح أن العديد من المرشحين المسيحيين والشركس والشيشان الذين حصلوا على مقاعد ضمن الكوتا كانوا قادرين على الفوز بأعلى الأصوات، حتى دون الحاجة لهذا النظام. وهذا يُظهر أن الناخب الأردني قد بدأ يتجاوز التوجه العشائري، وبدأ يصوّت بناءً على المصالح الشخصية أو العامة، دون النظر إلى دين أو عرق أو جنس المرشح.

بالنسبة للكوتا المخصصة للمرأة، فرغم مرور حوالي 20 عامًا منذ تطبيقها، إلا أن النساء لم يستطعن الوصول إلى البرلمان خارج إطار الكوتا، إلا في حالات نادرة، بالرغم من أن المرأة والتي تشكل 53% من العدد الكلي للناخبين في الانتخابية النيابية السابقة 2020. هذا الواقع يعكس إرادة الأردنيين والأردنيات، ويطرح تساؤلاً حول ما إذا كان من الضروري فرض استثناءات مخالفة للدستور.

إن مفهوم المواطنة يقوم على المساواة بين جميع المواطنين، ذكورًا وإناثًا، ومن أي عرق أو دين. أما تطبيق الكوتا فهو اعتراف ضمني بأن المشرّع اختار الحل السهل للتعامل مع قضايا التمييز بدلاً من العمل على تغيير البعد الثقافي وترسيخ مفهوم المواطنة والمساواة.

يمكن القول إن الكوتا، رغم نواياها الحسنة، قد تكون عائقًا أمام تحقيق المساواة الحقيقية وتعزيز مفهوم المواطنة. ولكن المطلوب هو العمل على بناء ثقافة مجتمعية تؤمن بالمساواة وسيادة القانون، وليس فرض استثناءات قد تنتهك الدستور وتكرس التمييز بدلاً من القضاء عليه.


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version