نخبة بوست – محرر المحليات
أكد اللواء المتقاعد د. عمار القضاة أن تعاطي المخدرات ليس مجرد سلوك انفعالي عابر، بل هو جزء من منظومة إجرامية أكبر تمتد آثارها إلى زيادة معدلات الجرائم الخطيرة.
ووصف القضاة المخدرات بأنها “جائحة” متنامية تواجه المجتمعات بتحديات متعددة، منها تزايد أعداد المتعاطين وتنوع المواد المخدرة، إلى جانب تفاقم الأزمة العلاجية وغياب الحلول الفعّالة، جاء ذلك خلال لقائه في برنامج “اللقاء المفتوح” على الإذاعة الأردنية.
وأوضح القضاة أن المخدرات باتت تمثل جائحة مستمرة، مشيرًا إلى أن أعداد المتعاطين والمروجين والتجار في ازدياد، إلى جانب تطور أساليب التعاطي وتنوع خطورة المواد المستخدمة.
وأشار إلى أن المخدرات لم تعد تقتصر على المواد التقليدية وحسب، بل أصبحت تعتمد بشكل كبير على المواد الكيميائية الصناعية مثل الكريستال ميث (المعروف أيضًا باسم الآيس أو الجوكر)، التي كانت تُستخدم في الحروب من قبل الجنود، والتي تُعدّ اليوم من أكثر المواد خطورة بسبب شدة الإدمان عليها وسرعة انتشارها.
المواد المخدرة: أنواعها وخطورتها
على صعيد متصل، أشار القضاة إلى أن الأردن يشهد انتشارًا لمواد مخدرة صناعية وطبيعية على حد سواء، حيث يعتبر الحشيش الأكثر شيوعًا بين المتعاطين، يليه الكحول والكبتاجون، ثم الأدوية الطبية مثل الليريكا، وأخيرًا المواد الصناعية شديدة الخطورة مثل الكريستال ميث. كما أكد القضاة أن المواد المصنعة تنقسم إلى مواد مثبطة للجهاز العصبي وأخرى منشطة، وكل منها يحمل مخاطر كبيرة سواء تم تعاطيها ليلاً أو نهارًا.
وأضاف أن المخدرات الصناعية تؤدي إلى زيادة هائلة في مستوى الدوبامين في الدماغ، مما يسبب حالات من الهلوسة والتصرفات غير المقبولة، وقد تصل في بعض الأحيان إلى حالات من الجنون الارتيابي، مما يزيد من خطورة ارتكاب الجرائم.
العلاقة بين المخدرات والجريمة
وفي ذات االصدد، أكد القضاة أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين تعاطي المخدرات وارتكاب الجرائم الخطيرة، مستشهداً بإحصاءات من الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تُظهر أن 98% من مرتكبي جرائم القتل كانوا تحت تأثير المخدرات، وأن 92% من جرائم الاغتصاب والسطو ارتكبها متعاطون. وأضاف أن المخدرات تمنح المتعاطي شجاعة زائفة تدفعه لارتكاب جرائم ضد المقربين منه، سواء كانوا من الأصدقاء أو أفراد العائلة.
وشدد القضاة على أن المخدرات تشبه الفيروسات في انتشارها وتأثيرها على المجتمع، مما يتطلب تضافر جهود كافة الأطراف للحد من آثارها المدمرة.
التحديات العلاجية في مواجهة الإدمان
وأشار القضاة إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه العالم اليوم هو غياب الحلول العلاجية الفعّالة لمعالجة الإدمان على المخدرات الصناعية.
وأوضح أن الأبحاث الحالية لم تنجح في إيجاد بدائل علاجية لهذه المواد، وأن الحلول المتوفرة إما غير كافية أو مكلفة للغاية. كما أشار إلى أن خلط المواد المخدرة من قبل التجار لزيادة الربح يشكل تحديًا إضافيًا يزيد من تعقيد المشكلة.
وأكد القضاة أن علاج إدمان المخدرات، خاصة الصناعية منها، يعتبر من أصعب التحديات التي تواجه المجتمعات، وأن الأضرار الناتجة عن تعاطي هذه المواد قد تكون دائمة، مما يجعل من الصعب إعادة تأهيل المدمن ليعود إلى حياته الطبيعية.
دور الأسرة والمجتمع في مواجهة الإدمان
وفي الجانب الآخر، أشاد القضاة بالجهود الأمنية الكبيرة في مواجهة انتشار المخدرات، لكنه دعا إلى دور أكبر من قبل الأسر والمجتمع في مراقبة سلوك أبنائهم، مؤكدا أن التغيرات السلوكية هي أولى علامات الإدمان، وأنه من غير المقبول أن يغفل الأهل عن ملاحظة هذه التغيرات كما وشدد على أن الرقابة الأسرية هي الخط الأول في الوقاية من المخدرات.
وأضاف أن الإدمان يؤدي إلى ضمور في الدماغ وأمراض نفسية تجعل من الصعب على المدمن العودة إلى طبيعته. لذلك دعا الأسر إلى تقديم المساعدة لأبنائهم قبل فوات الأوان، وتفعيل دور الرقابة الأسرية والاجتماعية لحماية الشباب من الوقوع في هذا الفخ.
واختتم القضاة حديثه بالتأكيد على ضرورة إجراء دراسة وطنية شاملة لتحديد نسب المتعاطين في الأردن، مع التركيز على الفئات العمرية المختلفة والتمييز بين الجنسين، كما دعا إلى تكثيف الجهود المشتركة بين الجهات الحكومية والمجتمع لمكافحة جائحة المخدرات والحد من تأثيراتها السلبية على الأفراد والأسر والمجتمع ككل.