نخبة بوست – على الرغم من التحديثات التي شهدتها المنظومة السياسية في المملكة، فإن التركيز كان إلى حد كبير على التغييرات الهيكلية “Hardware” دون الاهتمام الكافي بالـ “Software” المتمثل بالجوانب المتعلقة بالوعي السياسي والفهم العميق للدور الجديد للأحزاب. صحيح أن التجربة في مراحلها الأولى، وقد تكون غير ناضجة في هذه المرحلة، إلا أن هذا لا يجب أن يكون عذرًا للتراخي أو عدم الجدية في التعامل مع هذه التحديات.

فقد اعتاد الأردنيون عبر برلمانات متعاقبة على أن البرلمان ليس له تأثير يذكر على السياسات العامة، مما يجعل من الصعب على الأحزاب السياسية أو الشخصيات السياسية أن تكون بديلًا مقنعًا للناخب في اختيار مرشحه، فضلا عن المشاركة في الانتخابات.

فالناخب يسعى دائمًا لمن يمثل مصلحته بأفضل طريقة ممكنة، مدركًا أن صوته يجب ألا يُهدر لصالح مرشح لا يمتلك القدرة على التأثير في السياسات العامة و حتى القضايا الخاصة. هذه “المعضلة” الانتخابية هي ما ينبغي العمل عليه في المجلس القادم بإزالة الدور الخدماتي والمصلحي للنائب. فالخدمات والواسطات التي يقدمها النواب لقواعدهم الانتخابية تعيق عمل المجلس، وتكرّس ثقافة الابتزاز على حساب الدورين التشريعي والرقابي للمجلس .

على الأحزاب بمختلف توجهاتها أن تدرك أن التحدي الأكبر أمامها هو استعادة ثقة الناخب بالبرلمان ودوره، وعليها أن تقدم نفسها بصورة تنافس بل تفوق ابن العشيرة أو المنطقة، الذي يطرح نفسه كبديل واقعي لتمثيل مصالح الفرد الشخصية؟
الدعايات الانتخابية للأحزاب اليوم تركز بشكل أساسي على حصد أصوات الناخبين، دون تقديم رؤية واضحة وعملية لسياساتها.

في هذا السياق، ما زال الـ ” Software ” الحزبي لم يتفعل بعد، فالأحزاب تقدم نفسها كشريك للدولة بمؤسساتها المختلفة وليس بأنها هي الدولة في حال فوزها بالأغلبية في مجلس النواب.

يجب على الأحزاب أن تفهم أن المطلوب منها ليس فقط برامج سياسية نظرية، بل برامج واقعية تمثل وتحقق مصالح الناخبين الشخصية، وتطرح نفسها كبديل قوي وموثوق لتمثيل هذه المصالح. ويبقى أداء المجلس القادم هو العتبة الحقيقية لتغيير الصورة السلبية عن المجالس النيابية، والتي هي بحق فرصتنا الأخيرة.


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version