لاعبون ينتقدون سوء البنية التحتية للملاعب ويطالبون بتحسين جودة أرضياتها من خلال استخدام العشب الطبيعي أو تقنيات العشب الهجين

نخبة بوست – شذى العودات

شهدت كرة القدم الأردنية تطورًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة، حيث وصلت إلى وصافة كأس آسيا، هذا الإنجاز يبرز الحاجة الملحة لوجود بنية تحتية متطورة تتناسب مع هذه الإنجازات، على غرار ما تمتلكه الدول العالمية، بغض النظر عن كونها فقيرة أو غنية.

وعند متابعة بطولات الدول الفقيرة مثل كأس إفريقيا، نجد أن جودة ملاعبها والاستادات المخصصة لكرة القدم فيها تبهر المتابع. وفي المقابل، نجد أن دولة متقدمة مثل الأردن، رغم تقدمها وتحضرها، لا تزال تعاني من استخدام العشب الصناعي في بعض الملاعب أو من أرضيات مهترئة في عدد من الاستادات.

تطوير الملاعب الأردنية.. ضرورة ملحة لتعزيز المنافسة الإقليمية

ومع تزايد الاهتمام بالرياضة وتطور مستوى المنتخبات الوطنية، باتت الحاجة إلى ملاعب جديدة بمواصفات عالمية أمرًا ملحًا في الأردن. فالملاعب الحالية، رغم التحسينات التي شهدتها، تحتاج إلى إعادة النظر في بعض جوانبها لضمان توفير بيئة رياضية تتناسب مع المعايير الدولية.

نحتاج إلى التفكير الجدي في بناء ملاعب جديدة تكون قادرة على استقبال البطولات الكبرى وتقديم تجربة مثالية للاعبين والجماهير على حد سواء، مما يعزز مكانة الأردن على الخارطة الرياضية الإقليمية والدولية

اللاعب المعتزل بهاء عبد الرحمن

وبحسب تصريحات اللاعب المعتزل بهاء عبد الرحمن، ولاعب المنتخب الوطني الأردني سابقًا، لـ “نخبة بوست”، فإن الملاعب الحالية في الأردن تحتاج إلى تطوير جذري.

ودعا عبد الرحمن إلى هدم ستاد عمان الدولي، الذي تم افتتاحه عام 1966، وبناء ملعب جديد بمواصفات عالمية في نفس الموقع.

الموقع الحالي للاستاد في قلب العاصمة يجعله مثاليًا لاستقبال الجماهير والسياح على حد سواء، مما يعزز من صورة الأردن الرياضية على المستوى الإقليمي والدولي

اللاعب المعتزل بهاء عبد الرحمن

وأشار إلى أهمية تحسين المرافق في الملاعب، مثل إنشاء جلسات ومقاهي داخل المدينة الرياضية، كما هو الحال في دول الخليج المجاورة، لافتا إلى ضرورة الإسراع في تنفيذ هذه المشاريع، حيث أن المنتخب الأردني في أفضل حالاته حاليًا؛ مما يعزز من فرصه للتأهل إلى كأس العالم.

كما طالب اللاعب المعتزل بالتحول إلى العشب الطبيعي في الملاعب الأردنية، مؤكدًا أن العشب الاصطناعي لم يعد يستخدم في دول الخليج والدول المجاورة.

ولفت عبد الرحمن إلى أن المرافق العامة، مثل غرف تغيير الملابس والمرافق الصحية في الملاعب الأردنية، بحاجة إلى تحسين جذري، فعلى الرغم من الجهود التي تبذلها وزارة الشباب واتحاد كرة القدم لتطوير الملاعب، إلا أن ضعف المرافق يؤثر سلبًا على تجربة اللاعبين والجماهير على حد سواء؛ فإن المرافق العامة تشكل جزءًا أساسيًا من جاهزية الملاعب، ويجب أن تكون على مستوى عالٍ من الجودة لتتناسب مع المعايير الدولية وتلبي احتياجات الفرق والمنتخبات الوطنية.

ملاعب جديدة .. التحديات التقنية والحاجة إلى تحسين شامل

إلى جانب الدعوات لبناء ملاعب جديدة، تعاني الملاعب الأردنية الحالية من مشكلات تقنية وفنية تؤثر على مستوى الأداء الرياضي.

وفي هذا الصدد، أشار المحلل الرياضي معتصم الخطيب إلى أن عدد الملاعب الرئيسة في الأردن قليل جدًا مقارنة بالحاجة الفعلية، حيث لا يوجد سوى عدد محدود من الملاعب القادرة على استضافة المباريات المهمة، وهي: ملعب عمان الدولي، ملعب الحسن في إربد، ملعب الملك عبدالله الثاني في القويسمة، وملعب الأمير محمد في الزرقاء، ومع ذلك، تواجه بعض هذه الملاعب تحديات كبيرة فيما يتعلق بجودة أرضياتها ومرافقها.

هذا الواقع يفرض ضرورة تحسين جودة الأرضيات في جميع الملاعب الأردنية، سواء من خلال استخدام العشب الطبيعي أو تقنيات العشب الهجين التي تجمع بين العشب الطبيعي والاصطناعي

المحلل الرياضي معتصم الخطيب

وركز الخطيب بشكل خاص على ملعب الأمير محمد في الزرقاء، حيث يعاني من أرضية عشبية صناعية سيئة تجعل منه “كابوسًا” للاعبين بسبب المخاوف من التعرض للإصابات، خصوصا وأن هذا الملعب واجه العديد من الانتقادات وذلك بعد تعرض لاعب الفيصلي فضل هيكل لإصابة عضلية خطيرة بسبب الأرضية.

إصابة فضل هيكل

 التعمري : المياه مقطوعة عن الملعب!

على صعيد متصل، لم يكن لاعب المنتخب الأردني موسى التعمري أقل انتقادًا من زملائه، حيث عبّر عن غضبه من سوء أرضية ستاد عمان الدولي بعد مباراة المنتخب الأردني ضد باكستان في تصفيات كأس العالم 2026.

 ووصف التعمري الملعب بأنه “الأسوأ في مسيرته الرياضية“، منتقدًا وزارة الشباب لعدم تجهيز الملعب بشكل مناسب.

 كما أشار إلى رفض رش أرضية الملعب بالمياه، مما جعلها أكثر صلابة وصعوبة للعب، وتساءل ساخرًا عما إذا كانت المياه مقطوعة عن الملعب!

هذه التصريحات تعكس حالة الإحباط بين اللاعبين والجماهير على حد سواء بسبب تدهور حالة الملاعب، وخاصة الملاعب التي تستضيف المباريات الدولية.

كما تبرز تصريحات التعمري نقطة مهمة تتعلق بتأثير جودة الأرضيات على أداء اللاعبين وعلى نتائج المباريات؛ إذ الأرضيات السيئة لا تؤدي فقط إلى زيادة احتمالية الإصابة، بل تؤثر أيضًا على سرعة حركة الكرة وتكتيكات اللعب، مما يضع الأندية في مواقف صعبة خلال المباريات.

 خطط وزارة الشباب واتحاد كرة القدم .. هل هي كافية ؟

في ظل هذه التحديات، أكدت وزارة الشباب على لسان وزيرها محمد النابلسي أن الوزارة تسعى لإنشاء ملعب دولي جديد بمواصفات عالمية بالتعاون مع الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA)  .

وزير الشباب محمد النابلسي

هذا المشروع يأتي ضمن جهود الحكومة لتطوير البنية التحتية الرياضية واستقطاب استثمارات تساعد في بناء ملاعب حديثة تلبي احتياجات المنتخبات الوطنية والأندية.

كما عقد اتحاد كرة القدم بالتعاون مع وزارة الشباب ورشة عمل تناولت إنشاء وصيانة الملاعب، و تم خلال الورشة استعراض تجارب دولية في استخدام تقنيات العشب الهجين، كحلول وسطية لتحسين جودة الملاعب دون تكبد تكاليف باهظة.

وشارك في تقديم الورشة ممثل عن شركة “دومو جراس” البلجيكية، بحضور ممثلين من الاتحاد ووزارة الشباب وأمانة عمان الكبرى، إلى جانب عدد من المؤسسات الخاصة المهتمة بإنشاء وصيانة الملاعب.

وفي نفس الصدد ، قامت وزارة الشباب بالتعاون مع الاتحاد الأردني لكرة القدم بإجراء صيانة شاملة  لملعب الملك عبدالله الثاني في القويسمة، وشملت تجديد أرضيته ومقاعد المدرجات والمرافق الصحية، مع توقعات بإعادة افتتاحه خلال الأشهر المقبلة، وفقاً للصحفي الرياضي يحيى قطيشات.

من ورشة عمل عقدت بين اتحاد كرة القدم بالتعاون و وزارة الشباب تناولت إنشاء وصيانة الملاعب

وفي هذا السياق، تواصلت “نخبة بوست” مع وزارة الشباب لسؤالهم حول خططهم الرامية إلى تطوير البنية التحتيى للملاعب، إلا أنه لم يتم الحصول على أي رد من الوزارة حتى اللحظة


جودة أرضية الملاعب ..  دعوات متزايدة لاستبدال العشب الصناعي بالطبيعي

أظهرت الدراسات الحديثة أن جودة أرضية الملاعب لها تأثير مباشر على أداء اللاعبين وسلامتهم، وفقًا لدراسة أجراها الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) لعام 2023، فإن الملاعب ذات الأرضيات السيئة تزيد من احتمالية تعرض اللاعبين للإصابات بنسبة تصل إلى 25%.

أكدت هذه الإحصائية على ضرورة تحسين البنية التحتية الرياضية في الأردن لضمان سلامة اللاعبين وتحقيق نتائج إيجابية على المستوى الدولي.

وفي هذا السياق ، صدرت دراسة أخرى عن الاتحاد الآسيوي لكرة القدم لعام 2022 ، أظهرت أن 75% من اللاعبين في دوريات الدرجة الأولى في الدول الآسيوية يفضلون اللعب على ملاعب مزودة بعشب طبيعي، حيث أشاروا إلى أن العشب الطبيعي يوفر مرونة أكبر وسهولة في التحكم بالكرة، ما يعزز من الأداء العام خلال المباريات.

هذه النتائج تدعم الدعوات المتزايدة في الأردن لاستبدال العشب الصناعي بالعشب الطبيعي في الملاعب المحلية.

أظهر تقرير صادر عن وزارة الشباب الأردنية لعام 2024 انه تم تخصيص ميزانية تقدر بحوالي مليون دينار لتحديث وصيانة الملاعب الرئيسة، بما في ذلك ستاد عمان الدولي وملعب الأمير محمد بالزرقاء.

ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أن هذه المبالغ قد لا تكون كافية لتلبية الاحتياجات الفعلية للملاعب، مؤكدين على أهمية استقطاب استثمارات أكبر من القطاع الخاص والحكومة لتطوير الملاعب بشكل شامل.

الاستثمار في الملاعب ..  تعزيز مكانة الأردن وزيادة العائدات

وفي هذا الجانب، تجدر الإشارة إلى أن التحديات التي تواجه تطوير الملاعب في الأردن ليست فقط تقنية، بل أيضًا مالية، فالإستثمار في بناء أو تطوير ملاعب جديدة يتطلب تمويلًا كبيرًا، وهو ما يمثل تحديًا في ظل الميزانيات المحدودة المتاحة للقطاع الرياضي.

من جانبه،  شدَّد  الصحفي الرياضي يحيى قطيشات أنه يمكن للإستثمار في تطوير الملاعب أن يعزز من مكانة الأردن كوجهة رياضية، حيث يمكن استضافة بطولات دولية وإقليمية تجذب فرقًا وجماهير من مختلف أنحاء العالم، وهذا يمكن أن يسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال زيادة السياحة الرياضية وزيادة الإيرادات الناتجة عن التذاكر والمبيعات المتعلقة بالمباريات.

كرة القدم أصبحت تتحدث بلغة المال، والاستثمار في البنية التحتية الرياضية يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية كبيرة للأردن، بما في ذلك تعزيز السياحة الرياضية وزيادة عائدات المباريات المحلية والدولية

الصحفي الرياضي يحيى قطيشات

التكنولوجيا والشراكات ..  مفتاح تطوير الملاعب

وإلى جانب التحديات المالية والفنية، تلعب التكنولوجيا دورًا محوريًا في تطوير الملاعب وتحسين تجربة اللاعبين والجماهير على حد سواء؛ فإن تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR)، التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من كرة القدم العالمية، لم يتم إدخالها بعد في جميع الملاعب الأردنية.

وهنا أكد قطيشات على أن هذا التطوير يتطلب شراكات فعالة بين الحكومة والقطاع الخاص؛ فـالشراكة بين شركات البناء والتكنولوجيا والمؤسسات الرياضية تلعب دورًا رئيسيًا في تمويل وإنشاء ملاعب جديدة وتحديث القائمة، و تعزز هذه الشراكات من العائدات الاقتصادية من خلال تقديم خدمات إضافية ؛ مما يدعم رؤية الأردن في تطوير البنية التحتية الرياضية ورفع مستوى المنافسة إقليميًا ودوليًا.

الخلاصة : آفاق مستقبلية لتطوير الملاعب في الأردن

ختاما، وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه تطوير الملاعب في الأردن، هناك آفاق مستقبلية واعدة لتحقيق نقلة نوعية في البنية التحتية الرياضية، إذ يمكن للتعاون بين الحكومة، اتحاد كرة القدم، والقطاع الخاص أن يساهم في بناء ملاعب حديثة تستوعب جماهير كبيرة وتجذب مباريات دولية، مما يعزز مكانة الأردن الرياضية.

وبالمحصلة؛ يلعب الإعلام الرياضي دورًا هامًا في تسليط الضوء على هذه القضايا وزيادة الضغط على الجهات المسؤولة لاتخاذ إجراءات فعالة، ولتحقيق ذلك، يجب الاستمرار في الصيانة والتطوير واستخدام التكنولوجيا، وتشجيع القطاع الخاص على المشاركة.


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version