نخبة بوست محرر الشؤون المحلية

يُعتبر الطلاق من الظواهر الاجتماعية التي ترتبط بتحولات جذرية في البنية الاجتماعية والثقافية للمجتمع ككل، ومع أن الطلاق يمثل حلاً نهائيًا لبعض المشاكل الزوجية التي قد تكون مستعصية، إلا أنه يأتي بتبعات نفسية، اجتماعية، واقتصادية على جميع الأطراف المعنية.

وفي الأردن، يتباين الطلاق من حيث أسبابه وظروفه بين المناطق الحضرية والريفية، وبين مختلف الطبقات الاجتماعية، ما يعكس تأثير عوامل متعددة مثل التعليم، الوضع الاقتصادي، وضغوط الحياة العصرية.

وبالرغم من الجهود المبذولة من قبل الدولة والمجتمع المدني للتخفيف من هذه الظاهرة من خلال التوعية والتدخلات الأسرية، إلا أن الطلاق لا يزال يشكل تحديًا كبيرًا يتطلب فهمًا أعمق وعلاجًا شاملاً يراعي كافة جوانب المشكلة.

قاضي القضاة: العام الماضي شهد 26 الف حالة طلاق بالمملكة

وفي هذا الصدد، قال قاضي القضاة سماحة د. عبد الحافظ الربطة أن العام 2023 شهد تسجيل 25464 حالة طلاق في الأردن، مؤكدًا على أهمية الدور الذي تلعبه مكاتب الإصلاح الأسري في معالجة النزاعات الزوجية قبل وصولها إلى المحاكم.

وأوضح الربطة أن مكاتب الإصلاح الأسري تعاملت مع أكثر من 80 ألف حالة خلال العام الماضي، حيث تمكنت من إصلاح 9 آلاف حالة بشكل ناجح، كما تم تنظيم أكثر من 40 ألف اتفاق رضائي بين الأطراف المتنازعة، ما أسهم في تقليص نسبة القضايا التي تصل إلى المحاكم بنسبة تصل إلى 40%.

السعود: الدورات التثقيفية قبل الزواج ضرورة لتقليل نسب الطلاق

بدورها، أكدت د. أدب السعود من معهد “تضامن”، في تعليقها على هذه الإحصاءات، أن مصطلح “العنوسة” يحتاج إلى تعريف أكثر دقة، مشيرةً إلى أن مفهومه العلمي يرتبط بسن اليأس وعدم الإنجاب، بينما يُتَعامل معه اجتماعيًا كارتفاع في سن الزواج.

وأضافت السعود أن ارتفاع حالات الطلاق يعود إلى عدة أسباب رئيسية، من بينها الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المجتمع، مما ينعكس على ارتفاع عدد قضايا النفقة. وقد بلغ عدد المحكومين بقضايا النفقة في عام 2023 حوالي 10 آلاف شخص، في حين وصل العدد التراكمي لآخر خمس سنوات إلى 60 ألف شخص.

وفي سياق الإصلاح الأسري، أبدت السعود قلقها بشأن عدم إلزامية الدورات التثقيفية ما قبل الزواج في الأردن، مشيرةً إلى أن هذه الدورات اختيارية، على عكس العديد من الدول الأخرى التي تفرضها بشكل إلزامي.

وعللت السعود ذلك بطبيعة المجتمع الأردني العشائرية التي تؤثر في اتخاذ مثل هذه القرارات. كما أكدت أن إلزامية هذه الدورات قد تسهم بشكل كبير في تقليل نسب الطلاق، مشيرةً إلى أن التركيز يجب أن يكون على ما وراء الأرقام، وليس فقط على الأرقام بحد ذاتها.

الرمحي: يجب تحسين منظومة الزواج في الأردن

من جهتها، أوضحت المحامية أريج الرمحي أن دائرة قاضي القضاة تقدم تقارير سنوية مفصلة تتعلق بحالات الزواج والطلاق في الأردن. وتشمل هذه التقارير تفاصيل الفئات العمرية وأنواع القضايا التي وصلت إلى المحاكم، سواء كانت طلاقًا بسبب حجج شرعية أو تفريق قضائي أو خلع.

وأكدت الرمحي أن الأرقام المسجلة للطلاق ليست جميعها حالات فعلية، بل تتنوع حسب طبيعة القضية، مشيرةً إلى أن الرقم المعلن لعام 2023 ليس كبيرًا مقارنةً بالأعوام السابقة، لكنها حذرت من أن الطلاق يبقى مشكلة تؤثر على الأسرة والمجتمع بشكل عام، حيث يتسبب في ظهور العديد من التحديات الاجتماعية والنفسية.

وشددت الرمحي على أهمية تحسين منظومة الزواج في الأردن، ودعت إلى التركيز على الأسباب الجذرية التي تؤدي إلى ارتفاع نسب الطلاق، مثل البطالة وعدم التوافق في التعليم أو أسلوب الحياة، والتي قد تسهم في تفاقم هذه الظاهرة بشكل أكبر في المستقبل.


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version