نخبة بوست – أصدر مكتب نتنياهو في بيان اعتماداً على ما صرح به أمام جلسة مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية الكابينيت، يوم الأحد 8/9/2024 : «أنه لن يكون هناك أي تغيير في الوضع القائم في المسجد الأقصى، وأصدر تعليمات مشددة أن الوزراء لا يجوز لهم الذهاب إلى المسجد إلا بعد الحصول على موافقته المسبقة من خلال سكرتيره العسكري» .
وبذلك يكون نتنياهو قد جمد، أو قلل، أو قنن من قراره السابق يوم 2/7/2018، بالسماح للوزراء والنواب باقتحام ودخول ساحات المسجد الإقصى، حيث كان محظوراً قبل ذلك القيام بهذا الاقتحام، وسبق لشارون أن دخل ساحات المسجد الأقصى عام 2000، وشكلت في حينه استفزازاً ودافعاً لانفجار الانتفاضة الثانية التي أرغمته على الرحيل من قطاع غزة عام 2005، بعد فكفكة المستوطنات وإزالة قواعد جيش الاحتلال.
قرار نتنياهو يعود إلى توصية الجيش والأجهزة الأمنية، بضرورة تخفيف حدة التوتر والتصعيد التي تحمل مقدمات التفجير، حيث إن الاقتحامات الماسة بحرمة المسجد الأقصى كمسجد للمسلمين وللمسلمين فقط، تشكل استفزازاً للفلسطينيين، وتدفع باتجاه مناهضة الاحتلال، ولهذا قدرت الأجهزة الأمنية أن ثمة انتفاضة كامنة بين صفوف الفلسطينيين لعوامل عدة أبرزها تداعيات ما يجري في قطاع غزة من قتل وتدمير وجرائم غير عادية غير مسبوقة بهذه الكمية وبهذه الأشكال الإجرامية المقصودة التي تعبر عن الحقد والكره من قبل الإسرائيليين نحو الفلسطينيين، والإجراءات القمعية المقصودة التي يقودها الوزير بن غفير ضد الفلسطينيين والتحريض المعلن ضد كل ما هو غير يهودي، بما فيها تصريحه الأخير لجعل الضفة الفلسطينية عنواناً للحرب والبطش والقتل كما يفعلوا في قطاع غزة ولبنان، وها هو ينفذ ذلك في القدس ومخيمات الضفة الفلسطينية، وبما يتعارض مع توصيات وسياسات الجيش والأجهزة الأمنية التي تجد ضرورة التهدئة وعدم التصعيد.
قرار نتنياهو لم يلغ قراره السابق الصادر في تموز 2018، ولكنه يحد منه ويقلص حركته ويُقيد تحركات حليفيه بن غفير وسموترتش في الاقتحامات المتكررة ودعَوا إلى إقامة كنيس داخل حرمات المسجد الأقصى.
نتنياهو أسير عاملين: أولهما رغبته في أن يبقى رئيساً للحكومة، لأن رحيله تعني محاكمته في التقصير على خلفية عملية 7 أكتوبر، وفشله في معالجة تداعياتها وخاصة بعد احتلاله لكامل قطاع غزة، ولم يتمكن من إنهاء المقاومة الفلسطينية واجتثاثها وتصفيتها على الرغم من اغتيال العديد من قياداتها وكوادرها داخل وخارج فلسطين، كما لم يتمكن من معرفة أماكن تواجد الأسرى الإسرائيليين، وفشل في إطلاق سراحهم بدون عملية تبادل.
أما العامل الثاني فهو أسير صيغة التحالف مع الأحزاب اليمينية السياسية المتطرفة والأحزاب الدينية اليهودية المتشددة، ولهذا ينصاع لمواقفهما ويستجيب لهم.
قرار نتنياهو حول تقنين دخول المسجد الأقصى قرار يتصادم مع سياسات ورغبات حليفيه بن غفير وسموترتش، ولكن الوقائع السياسية والكفاحية الفلسطينية هي التي أرغمت نتنياهو على قراره المستجد، مما يدلل أن سياسات التفاهم مع المستعمرة والبحث عن القواسم المشتركة معها غير مفيد، بل العمل الكفاحي والنضال هو العنوان الذي يحقق النتائج المطلوبة، كما هي كل تجارب الشعوب الني نالت حريتها واستقلالها من جوف وتفوق وعداء وعنصرية مستعمريها.