نخبة بوست – خلال عام 1991، نجحت في عقد اللقاءات بين الأحزاب اليسارية والقومية، بعد حوار مع الراحل الملك حسين واستجابته إلى “المصالحة الوطنية” بين القصر وقوى المعارضة وفتح صفحة جديدة بانتهاء الأحكام العرفية، وبدء العمل بحرية العمل الحزبي وإزالة العوائق أمام الترخيص وعلنية النشاط، إستضفتُ في منزلي قيادات الأحزاب اليسارية والقومية الخمسة: الحزب الشيوعي، حزب الشعب الديمقراطي حشد، حزب الوحدة الشعبية، حزب البعث العربي الاشتراكي، حزب البعث التقدمي، مع عدنان أبو عودة رئيس الديوان الملكي، وخالد محادين مدير الإعلام في الديوان الملكي بتكليف من قبل الملك الراحل.
تم التوصل إلى التفاهمات والأتفاق على المشاركة في اللجنة الملكية لصياغة الميثاق الوطني الأردني، قدمت الاقتراح بتشكيل اللجنة الملكية، وسلمت القائمة لكل من: 1-الملك، 2- عدمان أبو عودة، 3- مضر بدران رئيس الوزراء.
في الحوار مع الملك الراحل، عبر عن استحسانه لتشكيلة القائمة كما إقترحتُها، بعد أن أجرى عليها بعض التعديلات، و”نقلني” البدائل لبعض الأشخاص، حيث كان يعرف كل شخصية من الأسماء المقترحة الستين، سألني وقال لي: “كم واحد من جماعتك”، أجبت من هم جماعتي قال اليساريين، فعددتهم: إبراهيم بكر، تيسير الزبري، ذيب مرجي، عيسى مدانات وحمادة فراعنة، قلت خمسة، فسألني وكم واحد من الإخوان المسلمين قلت إثنان: المراقب العام محمد عبد الرحمن خليفة، والنائب يوسف العظم، فسألني “من هم الأكبر أنتم أم الإخوان المسلمين”، قلت الصراحة لا أعرف، فرد علي بقوله: “هم الأكبر ولذلك طالما أن جماعتك خمسة، إقترح خمسة للإخوان المسلمين”، قلت له: “سيدي أنت صاحب القرار، ضع العدد الذي تريد”، فقال لي: “لا أنت صاحب الاقتراح”، وأنا أقترح عليك ما يلي: الأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة شخص كبير في السن، فضع مكانه إبنه ماجد خليفة، وأبقى على يوسف العظم، ونقلني باقي الأسماء: “عبد اللطيف عربيات، إسحق الفرحان، وأحمد قطيش الأزايدة”، وبذلك وضع خمسة أسماء للإخوان المسلمين مقابل خمسة من اليساريين.
أذكر هذه الوقائع لأدلل على: 1- مدى تواضع الملك حسين واحترامه للأخر مهما كان كمواطن مثلي، و2- مدى المكانة التي كان يتمتع بها الإخوان المسلمين لدى الدولة، والاحترام لدى رأس الدولة، والتي كانت تعكس التوافق والانسجام بينهم وبين الدولة في مواجهة سياسات الأحزاب اليسارية والقومية، والأنظمة العربية المحيطة المتصادمة، وضد الفلسطنة وسياسات منظمة التحرير وتطلعاتها الاستقلالية في تمثيل الشعب الفلسطيني.
بقيت العلاقات حميمة بين الدولة وأجهزتها من طرف والإخوان المسلمين من طرف آخر، ودلالاتها البارزة نتائج انتخابات المجلس النيابي الحادي عشر عام 1989، حيث حقق الإخوان المسلمين فوزاً بارزاً، اعتماداً على نظافة نتائج صناديق الاقتراع، وعدم التدخل الرسمي بهندستها.
في عام 1994، حينما وقعت اتفاقية وادي عربة، وقف الإخوان المسلمون ضد الاتفاقية وصوتوا رافضين لها، وكانت تلك بداية التحول وبروز ثغرة أو فجوة في التعامل بين الطرفين: بين الدولة والإخوان المسلمين، ومع ذلك حينما وقعت أحداث الربيع العربي عام 2011، على وقع نظرية كونداليزارايس وزيرة الخارجية الإميركية المسمى “الفوضى الخلاقة” عام 2007، التي عصفت بعدد من البلدان العربية، ومن قبلها طلبت أطراف رسمية عربية من الأردن، بالإطاحة بالإخوان المسلمين، وإخراجهم عن القانون كما حصل لدى العديد من البلدن العربية المحافظة، رفض الأردن المس بمكانة الإخوان المسلمين باعتبارهم على حد وصف الرد الرسمي على مطالب تلك البلدان وهو: “إن الإخوان المسلمين جزء من الطيف السياسي الأردني”