نخبة بوست – انطلقت اليوم أعمال الندوة التي يقيمها مركز دراسات الشرق الأوسط بعنوان “اتجاهات التحولات في العالم العربي 2025-2035” بمشاركة شخصيات سياسية وأكاديمية من الأردن وثمان دول عربية تبحث أهم وأخطر التحولات في العالم العربي خلال العشر سنوات القادمة لا سيما بعد الحرب على غزة وتزايد تهديدات الامن العربي من طرف إسرائيل في حرب الإبادة على غزة واختراقات المنطقة ودور النظام الدولي الجديد والنظام الاقليمي في رسم مستقبل العالم العربي، وما هي أكبر التحديات التي تواجه العالم العربي ومستقبل العمل العربي المشترك في جامعة الدول العربية والاتحاد المغاربي ومجلس التعاون الخليجي.
وأكد المتحدثون في الجلسة الافتتاحية للندوة التي أدارها الدكتور بيان العمري رئيس اللجنة التحضيرية للندوة على ما تشكله معركة طوفان الأقصى من تحول في العالم العربي سيكون له ما بعده، واهمية بحث الفرص والتحديات والمهددات والمخاطر، ومصادر التهديد ، والديناميكيات والمحركات الممكنة والاستراتيجيات والسياسات اللازمة لاستثمار التحولات الإقليمية والدولية ، والتحولات في داخل كل قطر عربي وفي الصراع العربي-الإسرائيلي، وذلك لصالح تحقيق تطلعات الامة بمختلف جوانبها وابعادها المحلية والعربية وعلى مستوى العالم مع نهاية العقد القادم في نهاية عام 2035 .
وأشار رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد في كلمة له خلال جلسة الافتتاح إلى ما يمر بالعالم العربي من تحولات كبرى على صعيد كافة مكوناته من الحكومات والقوى السياسية والاجتماعية وبناه الداخلية بما في ذلك الحراك السياسي والانتخابات من جهة، والحروب الأهلية البينية وفي مواجهة المجموعات الإرهابية المصنوعة من جهة أخرى، وفي ظل انقسامات مجتمعية عمودية وأفقية في عدة دول عربية، إضافة إلى الحرب الإسرائيلية على غزة والضفة الغربية ولبنان التي كشفت عن عمق العجز والضعف وسوء التقدير لدى الكثير من النخب الحاكمة العربية في التعامل مع الصراع العربي- الإسرائيلي والقضية الفلسطينية واستراتيجياته، وكذلك في قصور برنامج الدعم المفترض لصمود الشعب الفلسطيني المناضل ضد الاحتلال وفي ظل انقسام الحكومات العربية في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد الحمد أن عملية طوفان الأقصى منذ 7 أكتوبر 2023 فتحت الآفاق على تحولات مهمة فلسطينيا وعربيا وإقليميا ودوليا، نحو تحولات استراتيجية جوهرية في إعادة تركيب النظام الدولي، وفي احداث ديناميكيات جديدة في العالم العربي وتشمل التحالفات الإقليمية والدولية بل والداخلية، والتحولات في مجالات الإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، بل وإعادة التموضع النسبي للصراع العربي-الإسرائيلي والقضية الفلسطينية بوصفها القضية المركزية، وان الاحتلال الاسرائيلي هو مصدر الخطر الاستراتيجي على المصالح العليا للعرب قطريا وقوميا، كما أشار إلى التجربة الأردنية في التحديث في المنظومة السياسية والتي تهدف الى زيادة منعة الأردن، والدفع بمشروع الدولة والمجتمع نحو المستقبل الواعد، والتي أنجزت الخطوة الأولى فيها بانتخاب أعضاء مجلس النواب العشرين بقوائم حزبية متنوعة وبمشاركة شبابية ونسائية نوعية لأول مرة، والتي تشكل مثالاً لتعددية حزبية وسياسية عربية، ليكون الأردن نموذجا تعدديا ديمقراطيا بحياة حزبية برامجية محمية بالقانون والدستور، ويرقب الأردنيون تطبيقها بمراقبة دقيقة ومتابعة حثيثة.
فيما أشار وزير الصحة والتربية البحريني الأسبق الدكتور علي فخرو إلى أن ما يعيشه الوطن العربي من وضع فوضوي كارثي، يجعل من الضروري السعي لاستشراف مستقبله للخروج من هذا الواقع، مشيرا إلى بوادر وعي شبابي سياسي جديد بالنسبة لموضوع الوجود الصهيوني في فلسطين المحتلة وأساليب مواجهته، والعلاقة مع القوى الاستعمارية الغربية، وعجز أنظمة الحكم العربية في التعامل مع السّاحتين.
وأشار فخرو الى انعكاس هذه الفوضى على الساحة الثقافية والسلوكية الاجتماعية العربية مما دفع لانفجار الولاءات الطائفية والقبلية واللغوية والمناطقية العرقية، مؤكداً أن الكثير من قوى المجتمع المدني العربية، وعلى الأخص السياسية والعمالية والمهنية منها، باتت تدرك أن تراجع فاعليتها في الواقع العربي المعاش هو واحد من أهم الأسباب وراء شلل أنظمة الحكم العربية في إيجاد حلول لتلك المشاهد.
فيما أكد المفكر العربي فهمي هويدي من مصر ضرورة البدء من فهم الواقع العربي ورؤية جوانبه والتأسيس على ذلك لا سيما في ظل الأزمة الكبرى في العالم العربي، معتبراً أن عملية 7 أكتوبر أظهرت انكشاف للعالم بأسره العربي والغربي والأمريكي وبالأخص العالم العربي ، وأظهر شباباً عربياً واعياً يمثلون الحاضر والمستقبل يمكن الرهان عليهم، مع ضرورة البحث في مستقبل العالم العربي في ظل ما يواجهه من حالة تشرذم وغيابه سياسياً والاختراق الإسرائيلي لمجتمعات عدد من الدول العربية في عدة مجالات بما في ذلك الجانب الثقافي.
في حين أكد نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق الدكتور جواد العناني أن الحرب في غزة في أكتوبر كانت فحصا حامضيا لهذه الأمة، وضرورة البحث عن نقاط مضيئة عربياً سعياً لخلق تحول واضح رمع ضرورة الاستثمار في العنصر الشبابي العربي، لافتاً إلى النقاشات الغربية التي كانت تتحدث عن تقسيم لعدة دول عربية، متسائلاً إن كان الواقع في العالم العربي سيقى على حاله بعد حرب غزة.
كما أوضح العناني أن الحرب في غزة أظهرت وجود تفاوت وازدواجية في الألم العربي تفصل بين الشعوب والأنظمة الحاكمة، مشيراً إلى أنه ومنذ عام 1973 فإن الحروب في العالم العربي تقوم به منظمات وليس دول وباتت هذه الحروب تمتد لشهور طويلة، فيما بات العالم العربي يخضع لتأثير ثلاث دول غير عربية وهي إيران وتركيا والكيان الإسرائيلي فيما العالم العربي يعيش حالة شرذمة وانقسام.
وتقام أعمال الندوة على يومين تشمل خمس جلسات نقاشية حيث تضمنت الجلسة الأولى للندوة التي أدارها رئيس الوزراء الأسبق عدنان بدران بعنوان “التحولات العربية- العربية المحتملة 2025-2035” ورقة بعنوان “التحولات المحتملة في الأمن القومي والقُطري العربي 2025-2035” قدمها أستاذ العلوم السياسية الدكتور حمدي عبد الرحمن من مصر، وورقة بعنوان “التحولات المحتملة في التعاون والعمل العربي المشترك 2025-2035″ قدمها الوزير البحريني الأسبق الدكتور علي فخرو، وورقة بعنوان” – التحولات المحتملة في المجالس الإقليمية العربية 2025-2035 و تحديات الوحدة والانقسام، التحولات الجيوسياسية ومستقبل الاتحاد المغاربي (2025-2035″ قدمها الدكتور يوسف الصوّاني أستاذ العلوم السياسية في ليبيا.
فيما ضمت الجلسة الثانية من الندوة التي أدارها الدكتور الصادق الفقيه أمين عام منتدى الفكر العربي من السودان بعنوان ” التحولات المحتملة في الإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي في العالم العربي 2025-2035″، ورقة بعنوان “تجربة اتجاهات ومحاولات الإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي الدروس والعبر 2011-2024” قدمها أستاذ العلوم السياسية الدكتور أحمد سليم البرصان، وورقة بعنوان “التحولات المحتملة في الانتقال الديمقراطي والإصلاح السياسي 2025-2035” قدمها مدير وحدة الدراسات في المركز العربي للبحوث والدراسات الدكتور عبد الفتاح ماضي من مصر.