نخبة بوسترولا أبورمان

مع اعلان استشهاد الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، في غارة إسرائيلية على بيروت يوم الجمعة، بعد 32 عامًا على رأس جماعته، تزايدت التساؤلات حول خليفته المرتقب.

ورغم السرية والغموض اللذين يكتنفان عملية اختيار القيادات في التنظيمات الشبيهة بـ«حزب الله»، يبرز اسم هاشم صفي الدين كأحد المرشحين الرئيسيين لقيادة التنظيم الحليف لإيران، بعد تأكد اغتيال نصر الله.

صفي الدين هو ابن خالة نصر الله وصهر قاسم سليماني، القائد السابق لـ «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني

وفي هذا االمحور؛ تزايدت التساؤلات حول خليفة نصر الله، خاصة مع الإعلان عن سلسلة استهدافات شملت العديد من القيادات البارزة، في حين يخيم الصمت على وسائل الإعلام التابعة للحزب.

كما برز اسم هاشم صفي الدين في وسائل الإعلام كخليفة محتمل لنصر الله، إذ أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن صفي الدين لم يُقتل في ضربة اغتيال نصر الله؛ مما يجعله المرشح الأقرب لقيادة الحزب إذا تأكدت الأنباء حول مقتل نصر الله.

من هو هاشم صفي الدين “ظل نصر الله”؟

هاشم صفي الدين، من مواليد عام 1964 في بلدة دير قانون النهر بمنطقة صور جنوب لبنان. يشغل منصب رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله، وهو من القادة البارزين في الحزب. يُعتبر صفي الدين ابن عمة الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، وصهر قاسم سليماني.

وبصفته رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله، يشرف صفي الدين على الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية للحزب، ومن بينها إعادة إعمار الضاحية الجنوبية لبيروت التي تعرضت لدمار واسع عقب حرب تموز عام 2006.

صفي الدين يُعد “ظل” نصر الله، حيث شغل موقع الرجل الثاني في الحزب لفترة طويلة؛ ويشتهر أيضًا بتشابه نطقه لكلمة “الراء” مع نصر الله، حيث يعاني كلاهما من لثغة؛ وقد جرى إعداده لخلافة نصر الله منذ عام 1994

خلال ثلاثة عقود، تولى صفي الدين إدارة الملفات اليومية الحساسة للحزب، بدءًا من مؤسساته إلى استثماراته المالية داخل لبنان وخارجه، بينما ترك الملفات الاستراتيجية في يد نصر الله.

تأثر فكره السياسي من خلال دراسته في قم، حيث يُعد أحد المؤيدين لفكرة ولاية الفقيه، رغم أن العديد من شيعة لبنان لا يؤمنون بها.

“ولاية الفقيه” هي نظام ذو صلاحيات سياسية واسعة تشكلت في الفكر الشيعي الإمامي خلال عصر غيبة الإمام الثاني عشر، وتتدخل في تعيين المناصب في مؤسسات الدولة، بدءًا من القضاء وصولًا إلى وسائل الإعلام. وبموجبها، أصبحت المرجعية الدينية مصدرًا للإفتاء والأحكام، وتطورت لتصبح مؤسسة تشرف على شؤون الدولة كما هو الحال في إيران اليوم.

كيف سيكون شكل حزب الله بعد نصر الله؟

بعد الغموض الذي أحاط مصير الأمين العام لحزب الله، تعرضت قيادات بارزة داخل الحزب لعدة استهدافات؛ مما يعزز حالة الاضطراب الراهنة ويشير إلى وجود ثغرات أمنية قد تضعف من قدرة الحزب على التصدي للاستهدافات الإسرائيلية.

وفي الوقت الذي تكتفي فيه إيران بالتصريحات، كان آخرها تأكيدات الرئيس الإيراني في مقر الأمم المتحدة، مسعود بزشكيان، بأن إيران لن تدخل في حرب مع إسرائيل.

يرى مراقبون أن التصريحات الإيرانية الأخيرة تشير إلى احتمال تخلي طهران عن حلفائها في المنطقة، والتركيز على قضايا داخلية مثل الملف النووي ورفع العقوبات الاقتصادية الغربية.

بعض المراقبين يفسرون الموقف الإيراني على أنه انعكاس لضعف إيران وعدم قدرتها على تقديم المساعدات لحلفائها، وخاصة لحزب الله الذي يُعتبر أكبر جماعة مسلحة ضمن “محور المقاومة” – تحالف من الجماعات المسلحة الإقليمية المدعومة من إيران لمواجهة إسرائيل.

ورغم أن إيران تصرح بأن حزب الله يمثل “خطًا أحمر”، لم تُظهر حتى الآن أي نية للرد العملي أو الانتقامي، حتى بعد إعلان نصر الله مؤخرًا أن إسرائيل تجاوزت “كل الخطوط الحمراء”.

ويرى الخبراء أن استهداف القيادات داخل حزب الله ليس أمرًا جديدًا، إذ إن الحزب يتمتع بطابع مؤسسي، وقد تولى نصر الله منصب الأمين العام في عام 1992 بعد اغتيال سلفه عباس الموسوي على يد إسرائيل.

كما يشير البعض إلى أن اغتيال نصر الله سيؤدي إلى حالة من الفوضى والتفكك داخل الحزب، إذ يُعد رمزًا قويًا له على مدى 32 عامًا.

يتوقع الكثيرون أن تشهد العلاقة بين إيران وحزب الله تحولات جوهرية تختلف عما كانت عليه سابقًا.

من جانبه يرى البعض أن عملية اختيار خليفة لحزب الله سيكون صعبا في الوقت الراهن كون إسرائيل استهدفت جميع القيادات المحتملة و البارزة في الحزب، ناهيك عن إمكانية اغتيال القائد القادم فور تنصيبه.

يُذكر أن حزب الله، أو المقاومة الإسلامية في لبنان، هو حزب سياسي إسلامي شيعي مسلح تأسس عام 1982، وهو جزء من “محور المقاومة” الذي تقوده إيران ضد الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما في الشرق الأوسط. يعتمد الحزب على الأيديولوجية الخمينية وولاية الفقيه.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version