نخبة بوست – ساد الجدل في الأوساط السياسية عقب الإعلان عن اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، حيث تباينت الآراء حول دور إيران في هذه التطورات، وبينما يرى البعض أن طهران قد ضحت بحليفها الاستراتيجي، يؤكد آخرون أن هذه الفرضية غير واقعية نظراً لأهمية نصر الله في تعزيز النفوذ الإيراني الإقليمي.
المناصير : إيران متمسكة بحزب الله ولن تتخلى عن نصر الله
وفي هذا الصدد ، نفى النائب الأسبق بسام المناصير ، في تصريح خاص لـ”نخبة بوست”، إمكانية أن تكون إيران قد ضحت بحسن نصر الله، مشيراً إلى أن خسارة نصر الله تمثل ضربة كبيرة لا يمكن تعويضها بسهولة.
وأضاف المناصير أن إيران كانت تبذل جهوداً كبيرة للحفاظ على نصر الله باعتباره ورقة رئيسية لضمان نفوذها في المنطقة، معتبراً أن إيران لن تكون مستعدة للتخلي عنه في ظل التراجع الذي تشهده في العراق واليمن.
رداد: إيران وحزب الله يواجهان اختراقات أمنية واسعة، مما يشير إلى تغيرات في سياسات طهران
في المقابل، أشار الخبير الاستراتيجي عمر رداد، في تصريح خاص لـ”نخبة بوست”، إلى أن النقاش حول صفقة محتملة بين إيران وإسرائيل لتصفية نصر الله بدأ يتصاعد بعد تصريحات الرئيس الإيراني الأخيرة خلال زيارته للأمم المتحدة.
ولفت رداد إلى أن غياب الدعم الإيراني المباشر لحزب الله خلال حرب طوفان الأقصى، واقتصار الموقف الإيراني على التصريحات الإعلامية التحذيرية، قد يشير إلى وجود تغيرات غامضة في العلاقة بين الطرفين.
مدانات: الحديث عن التضحية بنصر الله يهدف لزرع الشكوك
ومن جهة أخرى ، اعتبر المحلل السياسي شادي مدانات، في تصريح خاص لـ”نخبة بوست”، أن الحديث عن تخلّي إيران عن نصر الله جزء من استراتيجية إعلامية لزرع الشكوك في صفوف مؤيدي المقاومة.
وأضاف مدانات أن هذه معركة كبرى، موضحًا أن النظر إلى الأمور من منطق المصلحة يظهر أن التضحية بحزب الله، الذي يمثل مقاومة باسلة تواجه الآن معركة دعم لفلسطين، أمر غير منطقي. وأشار إلى أن الدول العربية والإسلامية لم تصل مواقفها حتى إلى الحد الأدنى من الدعم الذي تقدمه دول مثل فنزويلا وبوليفيا وكوبا وجنوب إفريقيا للقضية الفلسطينية، في حين أن الشعب الإيراني قدّم أكثر مما قدّمته الشعوب العربية.
وأوضح مدانات أن حزب الله ليس مجرد أداة لإيران، بل هو أحد أقوى أدواتها في المنطقة، وأنه من غير المنطقي أن تضحي طهران بهذه الأداة المهمة. بالعكس، مصلحة إيران تكمن في تقوية حزب الله، الذي يعتبر حليفًا قويًا وعضوًا أساسيًا في محور المقاومة.
المومني: إيران لم تضحي بنصر الله، لكن قدراتها محدودة في مواجهة إسرائيل
وعلى صعيد متصل ، أشار عميد كلية الأمير حسين للدراسات الدولية، د. حسن المومني،في تصريح خاص لـ”نخبة بوست”، إلى أن إيران لم تضحي بحسن نصر الله، لكنه أوضح أن قدرات إيران أصبحت محدودة في مواجهة إسرائيل بسبب التوازنات السياسية والعسكرية في الوقت الحالي.
وذكر المومني أن هناك مجموعة من الظروف التي تقيد تحركات إيران، وأبرزها اختلال موازين القوى بينها وبين إسرائيل، مما يجعل اتخاذ قرارات حاسمة أكثر تعقيدًا.
وأوضح أن التطورات الأخيرة المتعلقة بالغرب وأمريكا ساهمت في احتواء إيران بشكل كبير في الأسابيع الماضية. وقد شملت تلك التطورات تقديم صفقات ومفاوضات لإيران، من بينها العودة إلى الاتفاق النووي، مما قد يؤثر على توجهات طهران في المنطقة بشكل عام.
واختتم المومني أن إيران تعتقد جازمة أن الظروف الحالية غير مواتية للدخول في حرب عسكرية شاملة، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأمريكية القادمة، التي تمثل عائقًا كبيرًا.
“ريماكس”: اغتيال نصر الله يغير موازين القوى ويهدد استقرار لبنان
وفيما يتعلق بذلك، تشير دراسة حديثة صادرة عن مجموعة ريماركس للعنف السياسي إلى أن اغتيال نصر الله على يد إسرائيل له تداعيات كبيرة على حزب الله ولبنان والمنطقة بأكملها.
و أوضحت الدراسة أن مقتل نصر الله قد يؤدي إلى أزمة قيادة داخل حزب الله، حيث من الصعب تعويض دوره العسكري والسياسي الذي حول الحزب إلى قوة مرتبطة بشكل وثيق بإيران؛ وأشارت إلى أن الاغتيال يمثل ضربة كبيرة لإستراتيجية إيران في المنطقة، ويضعف دور الحزب في التحولات الإقليمية.
وأما على مستوى لبنان، فقد نبهت الدراسة إلى أن تراجع هيمنة حزب الله في السياسة اللبنانية قد يؤدي إلى عدم استقرار سياسي داخلي وزيادة في التنافس بين الأطراف السياسية المختلفة.
وإقليميًا، أوضحت الدراسة أن اغتيال نصر الله يشكل تحديًا كبيرًا لنفوذ إيران في المنطقة، حيث ستضطر طهران إلى إعادة النظر في استراتيجياتها بعد هذه الضربة الكبيرة. ومن جهة أخرى، يعزز هذا الاغتيال من قدرات الردع الإسرائيلية ويعيد صياغة توازن القوى في المنطقة.
ختاماً ..
ختامًا، يتضح أن اغتيال حسن نصر الله يحمل أبعادًا سياسية وأمنية عميقة على حزب الله وإيران والمنطقة بأكملها؛ بينما تتنوع التحليلات حول مدى تأثير هذا الحدث على نفوذ إيران، يبقى من المؤكد أن هذه التطورات ستفرض على طهران وحزب الله إعادة تقييم استراتيجياتهما في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة.
وبينما تواجه إيران ضغوطًا متزايدة، فإن قدرتها على التكيف مع هذا التحدي قد تحدد مستقبل توازن القوى في الشرق الأوسط.
هذا الجدل يعكس حالة من الغموض حول مستقبل العلاقة بين إيران وحزب الله في ظل التحولات الإقليمية المتسارعة، مما يثير تساؤلات حول مدى استمرار إيران في دعمها لحزب الله كأحد أهم أدوات نفوذها في المنطقة.