نخبة بوست – محرر الشؤون السياسية
في ظل التصعيد العسكري المستمر في المنطقة، تزداد التساؤلات حول التأثيرات النفسية والمعنوية على المقاتلين في حزب الله بعد الأحداث الأخيرة، والتي شهدت عمليات اغتيال لقادتهم، وعلى رأسهم الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
وفي هذا السياق، تبرز أهمية الفهم العميق للعقيدة النفسية والقتالية التي يعتمد عليها هذا التنظيم، وكيفية تأثير هذه الأحداث على استعدادهم النفسي للمعارك المقبلة؛ إذ تتباين التوقعات حول مدى تأثير هذه الصدمات على قدرتهم على الاستمرار في القتال، وسط تعقيدات المشهد السياسي والعسكري في المنطقة.
وفي هذا الصدد، أكد استشاري الطب النفسي د. عبد الرحمن مزهر، في تصريح خاص لـ”نخبة بوست”، أن التنظيمات العقائدية، ومنها حزب الله، تستند إلى أسس أيديولوجية قوية، مما يجعلها قادرة على تجاوز الأزمات النفسية الناجمة عن اغتيال قائدها حسن نصر الله.
وأضاف أن التنظيمات الجديدة، التي تفتقر إلى منجزات راسخة وعقيدة قوية، قد تواجه خطر الانهيار إذا فقدت قائدها المؤسس، إلا أن حزب الله يتميز بعمق عقائدي وتاريخ طويل من الإنجازات.
وأشار مزهر إلى أن حزب الله يمتلك ترتيبات قيادية محددة تجعله قادراً على مواجهة التحديات، تماماً كما هو الحال في تنظيمات المقاومة الأخرى مثل حماس، التي تعتمد على عقيدة الشهادة في مواجهة أعدائها.
وشرح مزهر أن العقيدة التي يتبناها مقاتلو حزب الله تعتمد على فكرة الشهادة كأسمى مرتبة يمكن أن يصل إليها الفرد، مما يجعل استشهاد القائد دافعاً للمقاتلين لمواصلة القتال بشراسة أكبر.
ولفت أيضاً إلى أن هذه العقيدة الدينية تُعزز الروح القتالية للمقاتلين، على عكس التنظيمات التي تعتمد على المقاتلين المدفوعي الأجر أو التي تفتقر إلى أساس عقائدي قوي.
واستشهد مزهر بتجربة حماس التي استمرت مقاومتها وازدادت قوتها بعد “استشهاد” إسماعيل هنية.
وحول تأثير اغتيال قادة الصف الأول في حزب الله، أشار د. مزهر إلى وجود احتمالية لحدوث صدمة نفسية بين المقاتلين نتيجة الشعور بالاختراق الأمني أو عدم الأمان؛ ومع ذلك، أوضح أن التنظيمات العقائدية مثل حزب الله تعتمد على خلايا صغيرة ومستقلة تستطيع العمل بدون الحاجة لتواصل مباشر مع القيادة العليا، مما يساعد في استمرارية العمليات القتالية.
واختتم مزهر تصريحاته بالتأكيد على أن مقاتلي حزب الله لن يتأثروا بشكل كبير باغتيال القادة، بل سيواصلون القتال بشراسة أكبر بسبب عقيدتهم الراسخة والمستمدة من مفهوم الجهاد والشهادة.
ختاماً، بناءً على التحليل النفسي والتنظيمي، يمكن القول إن مقاتلي حزب الله قد يواجهون صعوبات نفسية على المدى القصير نتيجة لاغتيال قادتهم والقصف الإسرائيلي المستمر، لكن العقيدة التي يعتمد عليها التنظيم، إلى جانب ترتيباته الداخلية، قد تساعده في التكيف مع هذه التحديات.
ويبقى من الصعب التنبؤ بشكل دقيق بكيفية تأثير هذه الأحداث على استمرارية واستعداد المقاتلين في المدى البعيد، لكن من الواضح أن التنظيمات العقائدية تمتلك آليات تمكنها من التعامل مع الصدمات بشكل مختلف عن التنظيمات الأخرى.