نخبة بوست – كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية تفاصيل جديدة بشأن عملية تفجير أجهزة “البيجر” وكيفية التخطيط لها وتنفيذها، مشيرة إلى أن الهجوم لم يدمر صفوف قيادة “حزب الله” فحسب، بل شجع إسرائيل أيضاً على استهداف وقتل أمين عام الحزب السيد حسن نصر الله.
وأوضحت أنه أمام التفوق الإسرائيلي الاستخباراتي بحث “حزب الله” عن شبكات إلكترونية مقاومة للاختراق، إلا أن الموساد توصل إلى حيل دفعت الحزب إلى شراء أجهزة تبدو مثالية، صممها الموساد وقام بتجميعها في إسرائيل.
ولفتت إلى أن الموساد بدأ في تفعيل الجزء الأول من الخطة، بإدخال أجهزة اتصال لاسلكية مفخخة، إلى لبنان منذ ما يقرب من عقد من الزمان، في عام 2015.
وكشفت أن أجهزة الراديو المحمولة ثنائية الاتجاه تحتوي على حزم بطاريات كبيرة الحجم ومتفجرات مخفية ونظام إرسال يمنح إسرائيل إمكانية الوصول الكامل إلى اتصالات “حزب الله”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على مدى 9 سنوات، اكتفى الإسرائيليون بالتنصت على “حزب الله”، مع الاحتفاظ بخيار تحويل أجهزة الاتصال اللاسلكية إلى قنابل في أي أزمة مستقبلية، ولكن بعد ذلك جاءت فرصة جديدة ومنتج جديد “براق”، وهو عبارة عن جهاز اتصال لاسلكي صغير مزود بمتفجرات قوية.
وأوضحت أنه “انتهى الأمر بحزب الله إلى دفع أموال غير مباشرة للإسرائيليين مقابل القنابل الصغيرة التي من شأنها أن تقتل أو تصيب العديد من عناصره”.
ولفتت إلى أنه “لأن قادة حزب الله كانوا على دراية باحتمال الاختراق، لم يكن من الممكن أن تأتي أجهزة الاتصال اللاسلكي من إسرائيل أو الولايات المتحدة أو أي حليف آخر لإسرائيل”، موضحة أنه “لذلك، في عام 2023، بدأ الحزب يتلقى طلبات لشراء كميات كبيرة من أجهزة الاتصال اللاسلكي التي تحمل علامة “أبولو” التايوانية، وهي علامة تجارية معروفة في جميع أنحاء العالم ولا توجد روابط واضحة لها مع المصالح الإسرائيلية أو اليهودية”.
وكشفت أن عرض المبيعات جاء من مسؤول تسويق موثوق به من قبل “حزب الله” وله صلات بـ”أبولو”، موضحة أن “المسؤولة التسويقية، وهي امرأة رفض المسؤولون الكشف عن هويتها وجنسيتها، كانت ممثلة مبيعات سابقة في الشرق الأوسط للشركة التايوانية وأسست شركتها الخاصة وحصلت على ترخيص لبيع مجموعة من أجهزة النداء التي تحمل العلامة التجارية أبولو”.
وأشار مسؤول إسرائيلي مطلع على تفاصيل العملية إلى أنها “كانت على اتصال بحزب الله، وشرحت لهم لماذا كان جهاز النداء الأكبر حجماً والمزود ببطارية أكبر أفضل من النموذج الأصلي”، مضيفا أن “إحدى نقاط الإقناع الرئيسية كانت أن الجهاز ممكن شحنه بكابل، والبطاريات تدوم لفترة أطول”.
وكما اتضح، تم الاستعانة بمصادر خارجية لإنتاج الأجهزة الفعلية ولم يكن لدى المسؤول التسويقي أي علم بالعملية ولم يكن على علم بأن أجهزة النداء تم تجميعها فعلياً في إسرائيل تحت إشراف الموساد، كما قال المسؤولون.
وفقًا للمسؤولين المطلعين، تضمنت أجهزة النداء التابعة للموساد، والتي يزن كل منها أقل من ثلاث أونصات بطارية تخفي كمية ضئيلة من المتفجرات القوية. وقال المسؤولون إن مكون القنبلة كان مخفًا بعناية شديدة لدرجة أنه كان من المستحيل اكتشافه تقريبًا، حتى لو تم تفكيك الجهاز.
وأوضح أحد المسؤولين أنه “كان عليك الضغط على زرين لقراءة الرسالة، وفي الممارسة العملية، كان هذا يعني استخدام كلتا اليدين، وبالتالي ستضرر أيدي المستخدمين وسيكونون غير قادرين على القتال”.
وكشفت الصحيفة أنه لم يكن أغلب كبار المسؤولين في إسرائيل على علم بهذه القدرة حتى 12 أيلول، لافتة إلى أنه “في ذلك اليوم استدعى رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو مستشاريه الاستخباراتيين لعقد اجتماع لمناقشة التحرك المحتمل ضد حزب الله”، بحسب مسؤولين إسرائيليين.
وبحسب ملخص للاجتماع عقد بعد أسابيع من قبل مسؤولين مطلعين على الحدث، قدم مسؤولو الموساد لمحة أولى عن واحدة من أكثر عمليات الوكالة سرية.
ولفتت إلى أنه “مع تصاعد الأزمة في جنوب لبنان، كان هناك قلق متزايد من اكتشاف المتفجرات، واحتمال أن تسفر سنوات من التخطيط الدقيق بسرعة عن لا شيء. وفي نهاية المطاف، وافق نتنياهو على العملية.
وأشارت إلى أنه في الوقت نفسه، اتسع النقاش حول هدف آخر بالغ الأهمية وهو حسن نصر الله نفسه. وأفاد مسؤولون بأن الموساد كان على علم بمكان تواجد نصر الله في لبنان لسنوات وكان يتتبع تحركاته عن كثب، ومع ذلك، امتنع الإسرائيليون عن اغتياله، ليقينهم أن الاغتيال سيؤدي إلى حرب شاملة مع “حزب الله”، وربما مع إيران أيضًا.
وكشفت أنه في 17 أيلول، وبينما كان النقاش محتدماً في الأوساط الأمنية في إسرائيل بشأن ما إذا كان ينبغي ضرب السيد نصرالله، كانت آلاف أجهزة النداء التي تحمل علامة أبولو تدق أو تهتز في آن واحد، في مختلف أنحاء لبنان وسوريا. وظهرت على الشاشة جملة قصيرة باللغة العربية: “لقد تلقيت رسالة مشفرة”. واتبع عناصر “حزب الله” التعليمات بدقة للتحقق من الرسائل المشفرة، بالضغط على زرين.
وأضافت: “في المنازل والمحلات التجارية، وفي السيارات وعلى الأرصفة، مزقت الانفجارات الأيدي. وبعد أقل من دقيقة، انفجرت آلاف أخرى عن بعد، بغض النظر عما إذا كان المستخدم قد لمس جهازه أم لا. وفي اليوم التالي، في 18 أيلول، انفجرت مئات من الأجهزة بنفس الطريقة، مما أسفر عن مقتل وإصابة المستخدمين والمارة”.