نخبة بوست – تتمتع المملكة الأردنية الهاشمية بموقع استراتيجي مهم يضعها في قلب منطقة الشرق الأوسط، ما يجعلها لاعبًا رئيسيًا في استقرار المنطقة والعالم. على مدى عقود، لعب الأردن دورًا محوريًا في امتصاص الصدمات الإقليمية والتعامل مع الأزمات المتتالية التي مرت بها المنطقة، سواء من خلال استضافته لموجات اللاجئين المتعاقبة أو بتصديه للتحديات الأمنية والسياسية التي تهدد استقرار المنطقة. ولذا، فإن دعم الأردن من قِبل الدول الشقيقة والصديقة لا يُعدّ فقط ضرورة ملحّة لدعمه اقتصاديًا، بل هو أيضًا استثمار في استقرار المنطقة والعالم بأسره.

الأردن يشكل دعامة أساسية في الحفاظ على الاستقرار في منطقة تشهد اضطرابات متكررة وصراعات متواصلة. فمن خلال سياساته المتزنة واعتداله في مواقفه، تمكن من الحفاظ على الاستقرار الداخلي بالرغم من البيئة الإقليمية المضطربة. كما يلعب الأردن دورًا دبلوماسيًا بارزًا في بناء جسور التواصل بين الأطراف المتنازعة في المنطقة، وساهم في تعزيز جهود السلم والحوار على الساحتين الإقليمية والدولية.

إضافةً إلى ذلك، يُعتبر الأردن شريكًا استراتيجيًا للدول الكبرى في مكافحة الإرهاب والتطرف، وهو دور يعزز من أهميته كحليف مستقر في منطقة غير مستقرة. ومن هذا المنطلق، فإن الدعم الدولي للأردن ليس فقط دعمًا لبلد صغير من الناحية الجغرافية، بل هو دعم لمنظومة استقرار أوسع تشمل المنطقة برمتها.

رغم التحديات الاقتصادية التي يواجهها، يحافظ الأردن على تصنيف ائتماني جيد من قِبل المؤسسات العالمية، وهو مؤشر على التزامه الكبير بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والبرامج التصحيحية المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. هذه البرامج تهدف إلى تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي وتحقيق نمو مستدام، ولكنها تأتي في سياق مليء بالتحديات الاقتصادية العالمية والضغوط الداخلية.

إن التزام الأردن بهذه البرامج يعكس رغبة جادة في تحقيق نمو اقتصادي أعلى يساهم في خلق فرص عمل جديدة ويولد إيرادات تساعد في تقليص العجز وتسديد الالتزامات المتراكمة للدين العام. ومع ذلك، يظل الأردن بحاجة إلى دعم خارجي لمساعدته على مواجهة هذه التحديات وتحقيق أهدافه التنموية.

يحتاج الأردن لتحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة تُسهم في خلق فرص عمل للشباب الذين يعانون من معدلات بطالة مرتفعة. إن تحقيق نمو اقتصادي قوي يتطلب تدفق استثمارات جديدة ودعمًا ماليًا يمكن الحكومة من تمويل المشاريع الكبرى التي تعزز التنمية الاقتصادية في مختلف القطاعات. فعلى سبيل المثال، يعتبر قطاع الطاقة والمياه والبنية التحتية من القطاعات الحيوية التي تحتاج إلى استثمارات ضخمة لدعم مسيرة التنمية.

وتجدر الإشارة إلى أهمية مبادرات «استبدال الدين» لأغراض التنمية المستدامة، والتي تسمح باستخدام القروض والديون الحالية لتمويل مشاريع تنموية بدلاً من الضغط على الميزانية الحكومية. هذه المبادرات تُعتبر خيارًا استراتيجيًا يساهم في تخفيف عبء الدين مع تحقيق فوائد تنموية ملموسة.

تواصل الحكومة الأردنية تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي التي تهدف إلى تعزيز مختلف قطاعات الاقتصاد وتوسيع قاعدة الإنتاج، بما يتوافق مع المشاريع الكبرى المطروحة في رؤية التحديث. ومع اقتراب موازنة الدولة لعام 2025، التي يتوقع أن تصل أرقامها إلى أكثر من 13 مليار دينار، يتم تخصيص غالبية هذه الموازنة للنفقات الجارية، ما يشير إلى ضرورة دعم الحكومة بمزيد من الموارد لتمويل مشاريع تنموية مستدامة.

تحتاج الحكومة إلى توجيه جزء من هذه الموازنة لتنفيذ المشاريع الكبرى التي تسهم في تعزيز الاقتصاد وخلق فرص عمل، مثل مشاريع الطاقة النظيفة والبنية التحتية والصناعات التحويلية. إن نجاح هذه المشاريع يعتمد بشكل كبير على الدعم المالي والفني الذي يمكن أن تقدمه الدول الشقيقة والصديقة، وكبار المستثمرين من القطاع الخاص المحلي.

إن دعم الأردن من الدول الشقيقة والصديقة يمثل استثمارًا في استقرار المنطقة واستدامة النمو الاقتصادي. فالأردن يشكل ركيزة أساسية في منطقة تعاني من الصراعات والاضطرابات، ودوره في الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي لا يمكن التقليل من أهميته. إلى جانب ذلك، فإن التزام الأردن بالإصلاحات الاقتصادية والتعاون مع المؤسسات الدولية يبرز جديته في تحسين أوضاعه الاقتصادية وتحقيق نمو مستدام.

ولكن لتحقيق هذه الأهداف، يحتاج الأردن إلى دعم دولي مستدام يعزز قدرته على مواجهة التحديات الاقتصادية، ويمكّنه من تنفيذ المشاريع الكبرى التي تدفع عجلة التنمية المستدامة. ونتطلع إلى تسجيل حركة استثمارية نشطة مع نهاية هذا العام وبداية العام المقبل، لا سيما في ظل ما تعكسه الأرقام والبيانات من نجاح واستقرار تجارب الاستثمار في الأردن، التي تؤكد جاذبيته كبيئة استثمارية واعدة تلبي تطلعات المستثمرين.


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version