نخبة بوست – شذى العودات
بعد أقل من شهر على الهجمات الإسرائيلية المباغتة التي استهدفت حزب الله وأدت إلى مقتل عدد من قياداته وتدمير أجزاء من بنيته التحتية العسكرية؛ وفي تطور مفاجئ وخطير، نفّذ حزب الله هجومًا جريئًا على قاعدة لواء غولاني التابعة للجيش الإسرائيلي جنوب حيفا، مستخدمًا طائرات مسيّرة هجومية وصواريخ دقيقة، وجاء الهجوم كضربة صادمة للجيش الإسرائيلي.
فالهجوم الذي استهدف القاعدة العسكرية في بنيامينا كشف عن قدرة حزب الله على تنسيق عملياته بشكل متكامل، حيث تمكّن من اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية متعددة الطبقات، وإلحاق خسائر فادحة بالجيش الإسرائيلي.
ومع تزايد القلق الإسرائيلي من تعافي الحزب وعودة قدراته على الردع، توعّد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باستمرار العمليات العسكرية “بلا رحمة” في مختلف أنحاء لبنان، مما يشي بتصعيد مستمر قد يشعل المنطقة بأسرها.
الرنتاوي : حزب الله يستعيد زمام المبادرة ويعيد صياغة قواعد الردع
وفي هذا الصدد ، قال المحلل السياسي عريب الرنتاوي ، في تصريح خاص لـ” نخبة بوست، بأنه من الواضح تمامًا أن حزب الله يسير بخطى ثابتة نحو التعافي؛ في ظل الظروف الحالية، نرى أنه نجح في سد الفجوات في منظومته القيادية والتحكم والسيطرة.
وأوضح الرنتاوي أن تقييم استعادة الردع قد يتحقق مستقبلًا إذا استمرت وتيرة المواجهات الحالية على الجبهة الجنوبية وفي العمق الإسرائيلي، قائلاً:
وحول إمكانية الوصول إلى توازن الردع، أوضح الرنتاوي ان الوصول إلى ردع متبادل يتطلب وقتًا أطول؛ فإسرائيل مصممة على المضي قدمًا في هذه الحرب، وكل طرف يحاول فرض قواعد اشتباك جديدة.
وأكمل بأنه قد نشهد تطورًا كبيرًا في هذا السياق في أي لحظة، خاصة إذا ما قررت إسرائيل توجيه ضربة لإيران؛ السؤال يكمن في ما إذا كانت هذه الضربة ستكون مدمرة أم أن إيران ستتمكن من استيعابها والرد عليها، مما يحافظ على توازن معين بين إسرائيل وإيران.
وأشار إلى أن التحضيرات الإسرائيلية لمواجهة إيران لا تزال غامضة، مضيفًا: “لا نعلم ما هي المفاجأة التي أعدتها إسرائيل في عمليتها العسكرية ضد إيران. كما لا نعلم القدرات الإيرانية الحقيقية للتصدي لهذه الهجمات، سواء باستهداف الطائرات أو إسقاط الصواريخ. الحرب لا تزال في ذروتها، ومن الصعب توقع نتائجها.”
وأردف قائلاً بأن حزب الله، بدعم من حماس وأطراف أخرى، قرر الانخراط في حرب استنزاف طويلة المدى ضد إسرائيل، وتعتمد هذه الاستراتيجية على استهداف الجبهة الداخلية الإسرائيلية، بالاستفادة من القوة الصاروخية للحزب.
وأورد بأن التكتيك الحالي يعتمد أيضًا على تنفيذ عمليات نوعية بين الحين والآخر لرفع تكلفة الحرب على إسرائيل؛ كما أن هذا يساهم في إثارة الجدل داخل إسرائيل حول جدوى هذه الحرب، ويضعف موقف نتنياهو الذي يجد نفسه أمام معضلة استراتيجية.
ونوه الرنتاوي إلى أن الاعتقاد السائد هو أن هذه المعارك ستستمر على الأرجح إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية.
“هجوم غولاني”.. حزب الله يعمّق حرب الاستنزاف ويثقل كاهل الاحتلال
أثبت هجوم حزب الله على قاعدة لواء غولاني أن إسرائيل تواجه حرب استنزاف يومية تتصاعد حدتها، وتثقل كاهلها ماديًا وبشريًا، فالهجوم لم يكن مجرد صفعة عابرة؛ بل أظهر ضعف الدفاعات الإسرائيلية في التصدي للتهديدات المتزايدة من الطائرات المسيّرة والصواريخ، التي تتجاوز دفاعات “القبة الحديدية” المعروفة بفاعليتها، مما يشكل عبئًا إضافيًا على القيادة الإسرائيلية ويؤثر سلبًا على الروح المعنوية للجيش.
وفي ظل محاولات إسرائيل للتصعيد، يبدي مقاتلو حزب الله وحاضنته الشعبية صمودًا كبيرًا، خاصة بعد خسارة أمينهم العام حسن نصر الله؛ بحيث تمكن الحزب من تعزيز دعمه الداخلي عبر تحقيق انتصارات ميدانية، مما يدفع بالمقاتلين لمواصلة القتال ويقوي من التماسك الشعبي حول المقاومة، وهو ما يزيد من تعقيد المعركة بالنسبة لإسرائيل.
ومع استمرار التصعيد من الجانبين، يبدو أن حرب الاستنزاف ستستمر لفترة طويلة، ما يشكل تحديًا مستمرًا لنتنياهو ويفرض عليه اتخاذ قرارات استراتيجية حاسمة في وقت قريب.