في عملية عسكرية، أكدت إذاعة الجيش الإسرائيلي اليوم مقتل قائد حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، في منطقة تل السلطان برفح، وتفيد المعلومات المتاحة بأن الاغتيال حدث نتيجة تدمير المبنى الذي كان يتواجد فيه عناصر المقاومة، وذلك خلال اشتباك مع جنود الاحتلال.
وقد أدت هذه الأحداث إلى تباين في المعلومات بين التأكيد والنفي، حيث انتشرت صور عبر وسائل التواصل الاجتماعي تتطابق مع ملامح السنوار؛ مما ترك الوضع غامضًا حتى تأكيد الخبر بشكل رسمي، بنعي نجل إسماعيل هنية يحيى السنوار.
سيناريو اغتيال السنوار
في حين دارت العديد من السيناريوهات حول عملية مقتل السنوار؛ إذ ذكرت مواقع عبرية أن الجيش الإسرائيلي يزعم أن طائرة بدون طيار تم إرسالها لمكان المبنى في حي تل السلطان برفح، وهي من تعرفت على ما يمكن أن يكون جثة السنوار قبل أن يصل الجنود إلى هناك، كما تم جلب المحققين الذين حققوا مع السنوار للتعرف على جثته قبل إجراء فحص الحمض النووي.
أما إذاعة جيش الاحتلال، فأشارت إلى أن الاشتباك المشتبه بوجود السنوار فيه وقع في حي تل السلطان برفح، وكان يرتدي جبة عسكرية تحتوي على مخازن رصاص وعدد من القنابل اليدوية إلى جانب قيادي ميداني آخر.
وتابع مكتب رئيس وزراء الاحتلال بالإشارة إلى طلب بنيامين نتنياهو من سكرتيره العسكري أن يأمر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بإبلاغ عائلات الأسرى في غزة بأنه لا توجد مؤشرات على إصابة أي أسير في الاشتباك.
وجاء ذلك بعد تأكيد أنباء إعلان الجيش الاحتلال الإسرائيلي عن اغتيال السنوار، تبعها أنباء عن فحص الـ DNA لجثة يُعتقد أنها للسنوار، دون أي تصريحات من جانب الحركة المقاومة الإسلامية بشأن تأكيد أو نفي الخبر.
العبادي: فرضيات عملية الاغتيال بين خرق أمني ومحض الصدفة
في حين اعتبر الخبير الاستراتيجي إبراهيم العبادي أن خبر اغتيال السنوار ليس مفاجئًا، على اعتبار أن السنوار هو المطلوب الأول للأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ودائمًا ما كان الجيش الإسرائيلي يسعى إلى تحديد مكانه وتصفيته، إلا أن تداعيات العملية أهم من الحديث عنها.
وأشار العبادي إلى وجود فرضيتين تتعلقان بعملية الاغتيال، الفرضية الأولى تفترض أنها كانت نتيجة لاختراق أمني استخباري، حيث تمكنت أجهزة الاستخبارات من تجنيد عملاء في الداخل، وتحديداً في مدينة رفح حيث تمت العملية، إذ تشير هذه الفرضية إلى أن هناك عملية اختراق أمني، مما سمح بتحديد موقعه، وبالتالي قامت وحدة من الجيش الإسرائيلي بالاشتباك معه ومع مرافقيه؛ مما أدى إلى اغتياله واغتيال مرافقيه.
أما الفرضية الثانية وفقا لـ العبادي تشير إلى أن الاشتباك مع وحدة الجيش الإسرائيلي، والذي أسفر عن مقتل السنوار ومرافقيه، حدث بالصدفة أثناء خروجه من منزل في المربع الشرقي لمدينة رفح؛ إذ يُعرف هذا المربع بأنه تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي نتيجة عمليات اجتياح المدينة، وتفيد هذه الفرضية بأن الاشتباك وقع بشكل غير مخطط، حيث قامت الوحدة بتصفية ثلاثة أشخاص، واثبتت التحقيقات لاحقاً أن إحدى الجثث تعود للسنوار، التي تم نقلها إلى تل أبيب لفحص الحمض النووي “دي إن إيه”.
ولفت العبادي إلى وجود معلومات تشير إلى أنها أُرسلت العينية إلى جهة في أوروبا للتأكد من هويتها، وهذه الفرضية تفيد بأن بأن عملية الاغتيال كانت نتيجة لظروف عابرة.
فيما لفت العبادي بحديثه لموقع “نخبة بوست “حول أنباء تفيد بأن عملية الاغتيال وقعت بالأمس وليس اليوم، كانت حركة حماس على علم بذلك، واليوم تم التأكد من أن هذه الجثة تعود لشخص السنوار.
السبايلة: اغتيال يحيى السنوار لن يؤثر بشكل كبير على المستوى العسكري للحركة
وعلى صعيد متصل، أوضح المحلل السياسي عامر السبايلة أن مقتل قائد حركة حماس يحيى السنوار لن يؤثر بشكل كبير على المستوى العسكري للحركة.
وأشار السبايلة إلى أن هذا الحادث يمثل ضربة جديدة لحماس على المستوى السياسي، إذ ستضطر الحركة إلى التركيز على الجانب السياسي والسعي لتحقيق مكاسب جديدة وحلول للنزاع، خاصة أن القيادة العسكرية لها تعرضت لضغوط كبيرة؛ مما يقلل من قدرتها على الاستمرار في الصراع وبالتالي، قد تتجه حماس نحو البحث عن تسويات سياسية.
أبوزيد: الهياكل التنظيمية لحماس قوية وقادرة على الاستمرار رغم غياب الأفراد
من جانبه، أكد المحلل الاستراتيجي نضال أبو زيد أنه وفي ظل تناول وسائل الإعلام لموضوع مقتل السنوار، من الضروري التأكيد على أن المقاومة في غزة ليست مرتبطة بشخص واحد ولا تعتمد على فرد معين.
وتابع أبوزيد أنه ورغم الرمزية الكبيرة لمقتل السنوار، فإن ذلك لن يؤثر على الهيكل التنظيمي أو أسلوب القتال، وهذا ما أثبتته التجارب السابقة لحركات المقاومة، مثل حزب الله، وبالتالي وفقا لأبوزيد فإن استمرار العمل والنضال يعتمد على بناء مؤسسات قوية وليس على الأفراد فقط.
وتابع أبو زيد إنه لا ينبغي الاعتماد على شخص معين أو شخصية محددة في التنظيمات، لأن هؤلاء الأفراد يدركون أنهم قد يتعرضون للاغتيال أو الاستشهاد في أي وقت، مما يمكن أن يؤثر سلبًا على هيكل التنظيم. لذلك، يتم بناء التنظيمات بعيدًا عن تجسيدها في شخص واحد.
وأضاف أبو زيد أن المقاومة ستستمر في عملها المعتاد نظرًا لأن المقاومة التي تقاتل بنظام “العقد القتالية” وليس بنظام “عمودي”، وبالتالي لكل عقد قتالية طاقم يقوم بالتخطيط والتنفيذ بمعزل عن القيادة الرئيسية، لأن هذا الشكل من العمليات يقوم على أن التخطيط والتنفيذ مركزي.
واختتم أبو زيد بأن تأثير هذه العملية قد يعطي الاحتلال، خاصة بنيامين نتنياهو، نوعًا من نشوة النصر التي قد تدفعه إلى أما النزول عن الشجرة أو ارتكاب مزيد من عمليات القتل والإجرام والتدمير، لا سيما أن أحد أهداف الحرب الرئيسية في قطاع غزة، وهي تحرير الأسرى، لم يتحقق بعد.