نخبة بوست- الاستقواء على الدولة ممنوع، والاستقواء على الناس ممنوع ايضا، فالأول يؤدي إلى الفوضى والثاني يؤدي إلى التشظي، علاقة الإخوان بالدولة منذ خمسة وسبعين عاما علاقة حب وكره في الوقت ذاته، واعتقد أن سلوك الإخوان وحالة الاستقواء على الدولة التي صدرت عن الإخوان إبان الربيع العربي ما يزال طعمها تحت اللسان، وتستدعى بقوة في حادثة مثل حادثة البحر الميت وبيان الإخوان الذي تلاها، والذي بدا وكأنه « إعلان الجهاد» من طرف الإخوان.
خطورة بيان الإخوان الأول، ليس في تنطعه السياسي فقط، فقد أقر الإخوان بذلك حيث سارعوا إلى الرجوع عنه، بل إن خطورته تكمن في استعراض لأخذ دور الدولة في إعلان حالة عسكرية مع الكيان الصهيوني وهذا أمر دستوري تحتكره الدولة، فان إعلان الحرب بموجب الدستور هي صلاحية حصرية لجلالة الملك.
الحكومة في أول « بيان سياسي» للدكتور جعفر حسان ذكرت بأن الأردن هي من أوائل الدول التي ساندت الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، وأشار بيان رئيس الحكومة إلى جهود جلالة الملك الشخصية والمباشرة في هذا الصدد، كما ذكر بيان الحكومة الإخوان أن الدولة أقوى من الأغلبية التي حصلوا عليها في البرلمان، وان الدولة أدرى بمصالحها العليا وان لها وحدها حق إدارة المشهد العسكري والدبلوماسي. ولحسن الحظ فإن قيادة الإخوان سلمت بهذه الرسالة، فقد أكد قادة الإخوان في تصريحات متعددة لهم بأنهم تحت لواء القيادة والدولة والجيش ونفوا بكلام واضح نيتهم لـ«إعلان الجهاد» أو التحريض عليه من جانب واحد!
الأصوات التي دعت إلى إخراج الإخوان من الملة او تلك التي دعت لحل البرلمان ممن يدعون احتكار الدفاع عن الأردن أخفقوا في رؤية المشهد، فرغم استقرار البلد وسيادة المؤسسات الدستورية وصلابتها، إلا أن دعوات الشق واستعداء فصيل بما له من قاعدة شعبية مناصبة العداء له عبث يخفي عمى إستراتيجي لا يصب حتما في مصلحة الوطن!.
هناك أولويات في ساحة المعركة للخصومة، كما أن هناك أولويات للولاء ولا موجب أبدا اليوم لخلق خصوم وأعداء « محليين»، فإن الحفاظ على الجبهة الداخلية يحتاج كثيرا من التضامن وكظم الغيظ، وفي كل الأحوال يحتاج ضمان الحريات وحقوق الإنسان.
آخر الكلام، الأردن في ساحة معركة وهو مستهدف جغرافيا وديمغرافيا ودستوريا، وهذا الفهم صار محل توافق من الجميع؛ الشعب والأحزاب والحكومة والدولة، وهذا التوافق هو أول شرط لتمتين الجبهة الداخلية أما ثاني وأهم شرط هو قيام حوار جاد وحقيقي بين الحكومة والأحزاب والنخب السياسة على إدارة المشهد بما في ذلك توزيع الأدوار وتأطير سلوك الجميع فإن دعم المقاومة لم يعد محلا للنقاش، ولكن كيف ندعمها وكيف نتضامن ونحمي الأردن كل من موقعه حسب خطة متفق عليها، صار ضرورة تمليها المصلحة العليا للوطن.
لنتعلم من أعدائنا فتطرف بن غفير يستخدم من قبل نتنياهو للتلاعب بأميركا ومضاعفة دعمها للكيان الصهيوني. الموقف عندنا يحتاج الكثير من الحكمة وبعض من «المكر» الحكومي كما يحتاج الى ابتعاد الآخرين عن المراهقة السياسة، الحكومة والإخوان تخاطبوا عبر بيانين، وحان الوقت جنابك لجلوسهما وبقية الأحزاب على بيان واحد.