نخبة بوست – ثلاثة أيام تفصلنا عن انتخابات الرئاسة الأمريكية التي ينتظرها العالم يوم الثلاثاء المقبل 5 نوفمبر/ تشرين الثاني، والتي سيعلن خلالها عن الفائز بهذه الانتخابات.. إما الديمقراطية كامالا هاريس، وإما الجمهوري دونالد ترامب.. وفوز أحدهما يعني الكثير للأمريكيين، ويعني الكثير لمعظم دول العالم ومنها إقليمنا الملتهب الذي قد يزداد اشتعالا في حال فوز ترامب، وقد يأخذ منحى التهدئة والتسويات المتعددة في حال فوز هاريس.
نتيجة الانتخابات الأمريكية التي ستظهر خلال الأيام القليلة المقبلة لا تعني بحد ذاتها -على الفور- بدء مرحلة جديدة، ذلك أنه سيصاحبها انتخابات لأعضاء الكونغرس (البرلمان والشيوخ) والتي يسعى كل حزب للحصول على أغلبية تريح الرئيس الفائز من نفس الحزب. وستعقد قرارات الرئيس إذا لم يكن من نفس الحزب المسيطر على الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ.
كذلك فإن الرئيس الفائز أمامه أكثر من شهرين قبل تنصيبه رسميا في 20 يناير/ كانون الثاني 2025، ومن ثم اختيار فريق إدارته من وزراء الخارجية والدفاع والأمن القومي وغيرها من المناصب.. بمعنى أن الرئيس المقبل بحاجة إلى عدة أشهر لحين اكتمال ترتيبات الإدارة وأولويات الملفات الداخلية والخارجية.
ورغم كل ذلك فإن إعلان الفائز في الانتخابات الأمريكية خلال الأيام القليلة المقبلة، يعني للأمريكيين وللعالم ولنا في الشرق الأوسط تحديدا عناوين كثيرة للمرحلة المقبلة.. نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
1 – في الوقت الذي يتفق فيه الحزبان الديمقراطي والجمهوري – بل ويتسابقان في الساعات الأخيرة قبل التوجه نحو صناديق الاقتراع – على الدعم المطلق لإسرائيل والدفاع عنها، إلا أن لكل من المرشحين رؤيته وطريقته وآلياته في ذلك الدعم.. فدونالد ترامب داعم مطلق لإسرائيل بلا تحفظات، ويؤمن بحقها في الدفاع عن نفسها، وبحقها في التوسع «لأن مساحتها الجغرافية لا تتناسب مع دورها الإقليمي» – كما يرى -، ولذلك فمن المتوقع أن يدعم إسرائيل – لا بل سيسارع – بالاعتراف بضم الضفة الغربية ويهودية الدولة ولا أظنه سيحول دون خططها وبرامجها التوسعية ولن يكون حجر عثرة في طريق التهجير.
2 – أولويات ترامب، هي أولويات نتنياهو، وهي الضغط باتجاه «السلام الاقتصادي»، والمضي قدما بخطط التطبيع، مقابل مشاريع اقتصادية تنموية إقليمية عالمية سبق الإعلان عنها.
3 – ترامب لا يؤمن بحل الدولتين، ولا يؤمن بأي حق للفلسطينيين، ويؤيد إنهاء «الأونروا» وهو الذي كان أول من أوقف دعمها خلال فترة رئاسته، كما أن فترة رئاسته السابقة شهدت نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، إضافة لما عرف وقتذاك بـ«صفقة القرن».
4 – في المقابل فإن الديمقراطية كامالا هاريس، تدعم بالمطلق إسرائيل أيضا، وإدارة بايدن دعمت كل ما ارتكبته إسرائيل من جرائم في غزة ولبنان، لكنها في خطابها «الانتخابي – خصوصا في الولايات السبع المتأرجحة -» حاولت «مغازلة» الناخبين العرب والمسلمين وحتى الملونين ومن هم ضد ما يجري من مجازر في غزة.. بتصريحات تؤكد فيها ضرورة التوصل لاتفاق لوقف الحرب دون أن تضغط لتنفيذ الأمر لأسباب بعضها انتخابي، فهي تريد كسب أصوات الأقليات من الأمريكيين العرب والمسلمين، دون أن تخسر في المقابل أصوات الأمريكيين اليهود.
5 – هاريس – والديمقراطيون عموما – يتحدثون عن «حل الدولتين» بعكس ترامب الجمهوري – وإن كان مجرد حديث لا يحمل رؤية أو برنامجا عمليا يؤكد صدقية هذا الكلام.
6 – الديمقراطيون مع أمن إسرائيل أولا في الإقليم – كما الجمهوريين – لكن الديمقراطيين ينظرون إلى المصالح الأمريكية في الإقليم ومع دول المنطقة بما فيها الأردن ودول الخليج، فهم – وإن اضطروا لمسايرة نتنياهو في كل ما أراده في مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسية – فهم لن يكونوا تحت أية ضغوط انتخابية – في حال فوز هاريس – تجعلهم يجاملون نتنياهو على حساب مصالحهم مع دول الإقليم.. التي يرى الديمقراطيون أنهم يخدمون من خلالها أيضا مصالح إسرائيل – وليس مصلحة نتنياهو الشخصية – فحفاظهم على علاقات جيدة مع دول الإقليم والخليج تحديدا يساعد على «السلام الاقتصادي» والمضي قدما بالمشاريع التنموية الإقليمية الكبرى، وبما يسحب البساط من تحت أقدام الاستثمارات الصينية المتزايدة بمنطقة الخليج.
*باختصار:
1 – فوز أي من المرشحين لن يقلل من دعم إسرائيل، لكن أسلوب ذلك الدعم قد يختلف بين «ترامب الجمهوري» الذي يعتبر شعار «أمريكا أولا» الذي يرفعه يعني «إسرائيل وبعدها الطوفان».. وبين «هاريس الديمقراطية» التي ترى أن مصلحتها ومصلحة إسرائيل تتطلب مزيدا من الدبلوماسية وإعطاء القليل لكسب الكثير.. حتى وإن كان ذلك القليل مجرد وعود وكلام.
2 – سيناريوهات الحلول تختلف بالتفاصيل بين ترامب وهاريس فيما يتعلق بملفات: (غزة ولبنان والملف الإيراني).. كما باقي الملفات الساخنة في العالم وفي مقدمتها «الحرب الروسية الأوكرانية».. وحتى ملف «الصراع مع الصين».
3 – رغم سخونة وأهمية كل الملفات الخارجية المذكورة، إلا أن النتيجة النهائية يحسمها الناخب الأمريكي – بل المجمع الانتخابي الأمريكي (523 ناخبا) وكل هؤلاء معنيون بالشأن المحلي الأمريكي أولا وأخيرا.. وإن الثلاثاء لناظره قريب!