هاريس أم ترامب .. من سيحسم السباق اليوم إلى البيت الأبيض !؟

*أبو طير: الانتخابات الأمريكية ستؤدي إلى صراع حاد؛ ولن يكون مستغرباً حدوث اضطرابات وأعمال شغب

*شنيكات: من الصعب التكهن بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية؛ و”المجمع الانتخابي” لا يعتمد بالضرورة على من يحصد الأصوات الشعبية

*أبو دية: الديمقراطيون هم الأقرب الآن لتنفيذ سياسة “الحكومة العميقة؛  واللحظات الأخيرة قد تحمل مفاجآت تؤثر على مسار الانتخابات

نخبة بوست – أماني الخماش 

في سباق انتخابي يُعد من الأهم في تاريخ الولايات المتحدة، ووسط مناخ سياسي شديد التعقيد وساحات صراعات متعددة، تتصاعد حدة المنافسة بين مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس ومرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب للوصول إلى سدة الرئاسة الأمريكية ودخول البيت الأبيض، حيث من المتوقع أن تكون نتائج هذه الانتخابات ذات تأثير كبير على المشهد السياسي العالمي.

واللافت في الانتخابات التي تُجرى اليوم هو نتائج استطلاعات الرأي التي تجريها الصحف ومراكز الأبحاث، والتي تُظهر تقارباً كبيراً بين هاريس وترامب، مما يجعل التنبؤ بهوية الرئيس القادم أمراً صعباً ومعقداً، لا سيما أن الساعات الأخيرة قد تحمل مفاجآت تغيّر من ملامح المشهد الانتخابي.

تباين في الاستطلاعات واختلاف بالتوقعات الأمريكية ..

خلال إعداد هذا التقرير تعمّقت “نخبة بوست” في البحث ضمن توقعات ونتائج استطلاعات الرأي حول نتائج الانتخابات الأمريكية، حيث أظهر استطلاع أجراه مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية “CAIR” أن 42% من الناخبين المسلمين يفضلون التصويت لمرشحة الحزب الأخضر جيل ستاين، بينما يفضل 41% انتخاب كامالا هاريس، في حين حصل دونالد ترامب على دعم بنسبة 9.8% من الناخبين.

وفي استطلاع آخر نشرته صحيفة “ذا هيل” الأمريكية، أظهرت النتائج تقدم هاريس على منافسها ترامب بأربع نقاط في ولاية ميشيغان ذات الأغلبية العربية، حيث حصلت على 49% مقابل 45% لترامب.

أما في ولاية بنسلفانيا ذات الأغلبية اليهودية، فقد تقدمت هاريس على ترامب بفارق نقطة واحدة بنسبة 48% مقابل 47%..

بدوره؛ تنبأ المؤرخ والأستاذ في الجامعة الأمريكية آلان ليكتمان – المعروف بتوقعاته الدقيقة للانتخابات الرئاسية الأمريكية – وفقاً لنموذجه الشهير “مفاتيح البيت الأبيض” بفوز هاريس؛ في المقابل، رجح كين جريفين، مؤسس شركة “سيتادل”، فوز ترامب.

أبو طير: الانتخابات الأمريكية ستؤدي إلى صراع حاد

وفي هذا السياق؛ قال الكاتب والمحلل السياسي ماهر أبو طير في تصريح خاص لـ “نخبة بوست” إن الانتخابات التي سيدلي الأمريكيون بأصواتهم فيها اليوم ستؤدي إلى صراع حاد داخل المجتمع بدرجة تفوق كل الانتخابات السابقة، ولن يكون مستغرباً حدوث اضطرابات كالتي وقعت في الانتخابات السابقة، عندما اقتحم أنصار مرشح الحزب الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب مبنى الكونغرس الأمريكي.

وحول الملفات المؤثرة في سير الانتخابات، أكد أبو طير أن هناك قضايا حاسمة داخل الولايات المتحدة، من أبرزها وحدة الأمريكيين والوضع الاقتصادي، إضافة إلى الملفات الدولية التي تشمل روسيا والصين وأوكرانيا وفلسطين.

أما بشأن السيناريو المتوقع للمنطقة بعد الانتخابات الأمريكية، أوضح أبو طير أنه على صعيد المنطقة العربية ستستمر السياسات الأمريكية ذاتها بغض النظر عن هوية الرئيس، لا سيما وأن المنطقة شهدت تدهوراً كبيراً خلال فترة الرئيس الديمقراطي جو بايدن.

وأضاف قائلاً: “إذا فاز ترامب، فستكون سياسته أكثر قسوة وأسرع تنفيذاً دون أي اعتبار للكلفة الجزئية على حلفاء واشنطن في المنطقة، مما يعني أننا أمام مرحلة صعبة في كل الأحوال مع اختلاف الأدوات والسرعة.”

شنيكات: من الصعب التكهن بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية

من جهته؛ أوضح رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية د. خالد شنيكات أن المنافسة في الانتخابات الأمريكية ستكون شديدة للغاية، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم طفيف للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس بنسبة 1.2%، إلا أن هذا الهامش يتسم بعدم اليقين، مما يعني أن النتيجة قد تميل لصالح ترامب نظراً لضيق الفارق.

وأشار شنيكات إلى أن الانتخابات الحالية تصل لأول مرة إلى هذا المستوى من التنافس الشديد، حيث يصعب التكهن بالنتائج حتى يوم الاقتراع؛ لافتا إلى أن النظام الانتخابي الأمريكي، المعروف بـ”المجمع الانتخابي”، لا يعتمد بالضرورة على من يحصد الأصوات الشعبية، بل يركز على الفوز بالولايات ككل.

وفيما يتعلق بالسيناريوهات المتوقعة للمنطقة بعد تحديد هوية الرئيس الأمريكي الجديد، أوضح شنيكات أنه في حال فوز كامالا هاريس، سيستمر النهج السياسي لإدارة بايدن، مع احتمالية أن تكون وعود هاريس بشأن إنهاء الحروب أكثر جدية. وأضاف أن بايدن، على الرغم من دعمه الكبير لإسرائيل، قدّم مساعدات اقتصادية محدودة لقطاع غزة، حيث لا تزال المنطقة تعاني من نقص شديد في المساعدات الإنسانية.

أما في حال فوز ترامب، فقد أشار شنيكات إلى أن ترامب يميل إلى إنهاء الحرب في لبنان، حيث ينظر إلى هذه القضية من منظور إسرائيلي، مؤكداً أنه لو كان رئيساً للولايات المتحدة، لما اندلعت الحرب.

وأضاف أن ترامب قد يتجه لاستئناف الاتفاقيات الإبراهيمية التي شهدت انطلاقتها في عهده، ولن يضغط على إسرائيل لوقف العمليات العسكرية في غزة، لاعتقاده بأن هذه الحرب لا تشكل خطراً كبيراً على إسرائيل مقارنةً بالصراع مع حزب الله، الذي قد يمتد تأثيره إلى تل أبيب.

أما بشأن الملف الأوكراني، ذكر شنيكات أن ترامب قد يميل إلى التوصل إلى صفقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تتضمن احتفاظ روسيا بالأراضي التي احتلتها، والتعهد بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو؛ وقد يعني ذلك تخفيف الدعم الأمريكي الكبير لأوكرانيا، على عكس هاريس التي ستواصل سياسة بايدن في هذا الملف.

وفيما يخص الصين، يرى شنيكات أن ترامب لا يعتبرها خصماً تقليدياً، لكنه قد يسعى للحد من نموها الاقتصادي السريع من خلال إجراءات تهدف إلى كبح تطورها في شتى المجالات.

 أبو دية: الديمقراطيون هم الأقرب للفوز

وفي ذات الصدد؛ أوضح أستاذ العلوم السياسية د. سعد أبو دية أن التوقعات في العلوم السياسية تختلف عن العلوم الأخرى، لأن السياسة تقوم على مبدأ الاحتمال Probability وعند تطبيق ذلك على الانتخابات الأمريكية، حيث يتنافس مرشحا الحزب الجمهوري دونالد ترامب ومرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، نجد أن المؤشرات حتى الآن لم تحسم هوية الفائز.

وأشار أبو دية إلى أنه وفقاً لمبدأ الاحتمال، جاء الحزب الديمقراطي لتحقيق أهداف معينة في الشرق الأوسط، إلا أن تحقيق هذه الأهداف لم يكتمل حتى الآن.

وأوضح أن “الحكومة العميقة” في الولايات المتحدة هي التي تتحكم في الحزبين، ومن الأجدر أن يلتزم الرؤساء بمبادئهم السياسية، إلا أن الواقع يُظهر أنهم مجرد منفذين دبلوماسيين، في حين أن الأهداف الحقيقية تحددها الحكومة العميقة، وعلى رأسها البنتاغون، الذي يتولى مسؤولية أمن الولايات المتحدة وصياغة سياستها الخارجية.

وأضاف: “الديمقراطيون هم الأقرب الآن لتنفيذ سياسة “الحكومة العميقة”، ما لم يحدث جديد قبل يوم الانتخابات؛ ورغم أن اللحظات الأخيرة قد تحمل مفاجآت تؤثر على مسار الانتخابات، فإن هذا الاحتمال ضعيف”.

وفيما يخص السيناريوهات المحتملة للمنطقة في حال فوز هاريس، أشار أبو دية إلى أن نهج الحزب الديمقراطي في الفترة الأخيرة يميل إلى إصدار تصريحات تناقض المصلحة العربية، بينما يقدم الدعم الفعلي للطرف المنافس، مؤكدا أن الواقع سيبقى على حاله ما لم تتدخل أطراف جديدة وقوية، كما حدث في الأزمة السورية حينما دخلت روسيا بثقلها، مما قلب الأحداث وأدى إلى إطالة أمد الأزمة على عكس المتوقع.

واختتم بقوله “الأردن بذل جهوداً دبلوماسية كبيرة لم تُسلط عليها الأضواء، حيث تقدم بمشروع قرار لوقف الحرب على غزة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وصوتت لصالح القرار 120 دولة، ثم ارتفع العدد إلى 150 دولة في الجولة الثانية”.

المنافسة إلى البيت الأبيض ” محفوفة” بالمخاطر

بالمحصلة؛ أوضحت نتائج الاستطلاعات التي أظهرت تقارباً غير مسبوق بين المرشحين أن المنافسة على الوصول إلى البيت الأبيض ستكون محفوفة بالمخاطر، خاصة وأن نتائج الانتخابات قد تشعل أعمال الشغب في الشارع الأمريكي.

ومع ذلك، لن تكون الأمور يسيرة أمام الفائز، إذ تنتظره تحديات كبيرة على المستويين المحلي والدولي؛ فعلى صعيد الداخل الأمريكي، سيتعين عليه بسط سيطرته ونفوذه على مجلس الكونغرس الأمريكي لتمرير قراراته، إلى جانب معالجة قضايا الهجرة والإجهاض والاقتصاد.

أما على الصعيد الخارجي، فيواجه ملفات شائكة وحروباً في ميادين متعددة، تتطلب إدارة حكيمة وحلولاً مستدامة.