نخبة بوست – سيقود الفائز في الانتخابات الرئاسية الأميركية التي تجرى الثلاثاء، أمة يبلغ عدد سكانها أكثر من 330 مليون نسمة، لكن نتيجتها سيحددها على الأرجح عشرات الآلاف فقط من الناخبين في عدد قليل من الولايات.
يرجع ذلك إلى أن سبع ولايات فقط من أصل 50 تشهد “تنافسا حقيقيا” هذا العام، في حين أن بقية الولايات محسومة بالفعل سواء للديمقراطيين أو الجمهوريين، وفقا لاستطلاعات الرأي.
من بين تلك الولايات السبع المتأرجحة تبرز بنسلفانيا، وهي الأكثر اكتظاظا بالسكان، باعتبارها الولاية التي ستحدد على الأرجح الفائز بالرئاسة بين الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب.
وتنعكس هذه الحقيقة في استراتيجيات المرشحين إذ يوجهان معظم الإعلانات المدفوعة وفعاليات حملتيهما إلى تلك الولايات السبع التي تتأرجح بين الحزبين السياسيين.
فيما يلي نظرة عن كثب على السبب الذي يجعل مصير السباق الرئاسي بين أيدي مجموعة صغيرة من الأميركيين.
لماذا لا يحسم التصويت الشعبي الانتخابات؟
على النقيض من الانتخابات التي تجرى لاختيار مرشحين على المستوى الاتحادي أو على مستوى الولايات، لا يعتمد التنافس على منصب الرئيس على التصويت الشعبي فحسب. بل يحصل المرشح الفائز في كل ولاية، فضلا عن واشنطن العاصمة، على أصوات المجمع الانتخابي لتلك الولاية، والتي تعتمد إلى حد كبير على عدد السكان.
ويحتاج المرشح إلى الفوز بأغلبية أصوات المجمع الانتخابي البالغ عددها 538 صوتا في البلاد، أو 270 صوتا، وهو أمر ممكن حتى في حالة خسارة التصويت الوطني الإجمالي كما حدث مع ترامب عندما فاز بالبيت الأبيض في 2016.
وفي حالة التعادل 269-269، يختار مجلس النواب الفائز ويحصل وفد كل ولاية على صوت واحد، وهو سيناريو يقول محللون إنه من المرجح أن يصب في صالح الرئيس السابق ترامب.
إذا صوتت كل الولايات باستثناء تلك المتأرجحة كما هو متوقع، فإن هذا من شأنه أن يمنح نائبة الرئيس هاريس 226 صوتا من المجمع الانتخابي فيما يحصل ترامب على 219 صوتا، مع تبقي 93 صوتا للتنافس عليها.
ما الولايات المتأرجحة؟
هناك سبع ولايات يمكن أن تتأرجح لصالح كفة أي من الحزبين يوم الثلاثاء وهي ثلاثي حزام الصدأ ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، ورباعي حزام الشمس أريزونا وجورجيا ونيفادا ونورث كارولاينا.
كانت ولايات ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن بمثابة “جدار أزرق” إذ أيدت المرشحين الديمقراطيين لجيل كامل. لكن في عام 2016، فاز ترامب بفارق ضئيل في الولايات الثلاثة وهو ما ساعد على فوزه المفاجئ على الديمقراطية هيلاري كلينتون.
وبعد أربع سنوات، فاز جو بايدن بالرئاسة بعد استعادة دعم ولايات ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا للديمقراطيين، بينما حقق انتصارات مفاجئة في جورجيا وأريزونا، وهما ولايتان صوتتا تاريخيا للجمهوريين.
ما مدى احتدام هذه الانتخابات؟
هي محتدمة بشكل لا يمكن تصوره. وحتى اليوم ووفقا لأداة تتبع استطلاعات الرأي التي أعدتها صحيفة نيويورك تايمز، فإن جميع الولايات السبع المتأرجحة في حالة تعادل تقريبا. واحتفظ ترامب بتقدمه بثلاث نقاط مئوية في أريزونا بينما في الولايات الست الأخرى جميعها كان الفارق ضمن نطاق نقطة واحدة في المتوسط.
ويبدو السباق أكثر تقاربا مقارنة مع انتخابات 2020. ففي ذلك العام، كان تغيير 43 ألف صوت فقط في ثلاث ولايات، وهو ما يقل عن ثلث نقطة مئوية من إجمالي أصوات الناخبين على مستوى البلاد، من بايدن إلى ترامب كافيا لإعادة انتخاب المرشح الجمهوري.
لماذا تعد بنسلفانيا بالغة الأهمية؟
الإجابة بسيطة وهي أن الولاية لديها 19 صوتا في المجمع الانتخابي أي أكثر من أي ولاية متأرجحة أخرى.
يُنظر إلى بنسلفانيا على نطاق واسع على أنها حاسمة لفرص كل من هاريس وترامب في الفوز بالبيت الأبيض، وتعد الولاية الأكثر احتمالا لتكون “نقطة التحول”، وهو ما يعني الولاية التي تجعل المرشح يتجاوز حد 269 صوتا في المجمع الانتخابي.
إذا خسرت هاريس ولاية بنسلفانيا فسوف تحتاج إلى الفوز إما بنورث كارولاينا أو جورجيا ليكون لديها أي فرصة للفوز. والولايتان صوتتا للديمقراطيين ثلاث مرات إجمالا في العقود الأربعة الماضية.
وعلى العكس من ذلك، إذا خسر ترامب بنسلفانيا فسيحتاج إلى الفوز إما بويسكونسن أو ميشيغان، اللتين صوتتا لصالح جمهوري مرة واحدة فقط منذ ثمانينيات القرن الماضي، وكان ذلك المرشح هو ترامب قبل ثماني سنوات.
تعاملت الحملتان مع بنسلفانيا باعتبارها الولاية الأكثر أهمية، حيث أمضت هاريس وترامب وقتا أطول هناك مقارنة بأي ولاية أخرى. وأنفقت الحملتان وحلفاؤهما 279.3 مليون دولار في الإعلانات المذاعة في بنسلفانيا حتى السابع من أكتوبر تشرين الأول، أي أكثر من ولاية ميشيغان، التي تأتي ثانيا، بفارق يزيد على 75 مليون دولار، وفقا لشركة آدإمباكت لتتبع الإعلانات.
لماذا تحظى دائرة واحدة في نبراسكا بهذا القدر من الاهتمام؟
تمنح 48 ولاية أصواتها بالمجمع الانتخابي على أساس “الفائز يحصل على كل شيء”، لكن ولايتي نبراسكا ومين تخصصان صوتا انتخابيا واحدا للفائز في كل دائرة انتخابية في الكونغرس. في عام 2020، فاز بايدن بواحد من أصوات نبراسكا الخمسة، بينما حصل ترامب على واحد من أصوات مين الأربعة.
يشهد الصوت الوحيد للدائرة الثانية للكونغرس في نبراسكا، الواقعة في مدينة أوماها، تنافسا شديدا إلا أن محللين مستقلين يرجحون فوز هاريس به. وأنفق كلا الحزبين ملايين الدولارات على بث الإعلانات في أوماها.
قد يكون هذا الصوت الانتخابي المنفرد حاسما. إذا فازت هاريس في ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن بينما فاز ترامب في الولايات الأربع المتأرجحة الأخرى – وهي نتيجة منطقية تماما – فإن الدائرة الثانية في نبراسكا ستحدد ما إذا كانت الانتخابات ستنتهي بالتعادل أو بفوز هاريس.