نخبة بوست – كتب: د. حازم الناصر ( وزير أسبق)

سوق وطني طوعي للكربون يعني بيع أرصدة الكربون المنتجة من أنشطة صديقة للبيئة مثل زراعة الغابات، والطاقة المتجددة، وإنتاج المياه المحلاة التي تعتمد على الطاقة المتجددة، والمباني الصديقة للبيئة، وغيرها من الأنشطة، إلى الشركات التي تسعى إلى تقليل انبعاثات الكربون عبر آليات للتعويض.

وتُعتبر أسواق الكربون الطوعية و/أو الامتثال للمادة السادسة من اتفاقية باريس لمكافحة التغير المناخي جزءًا هامًا من الجهود التي تبذلها الحكومات الوطنية لتنفيذ الأطر التنظيمية اللازمة للمشاركة في أسواق الكربون للحد من التغير المناخي. وكون أرصدة الكربون إحدى الحلول الناجعة لتجنب الانبعاثات، فهنالك رغبة كبيرة من الدول والشركات لشراء أرصدة الكربون حتى تتمكن من إدامة مشاريعها من خلال الإبقاء على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والغازات الأخرى الناتجة عنها.

ولأن الأردن من الدول المتقدمة في التحول الرقمي جنبًا إلى جنب مع شباب واعد ينتهج الابتكار وريادة الأعمال من أجل مستقبل زاهر، في ظل وجود العديد من المشاريع التي من شأنها زيادة أرصدة الكربون مثل مشاريع الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة الطاقة، وتوليد الطاقة من غاز الميثان من خلال محطات الصرف الصحي ومزارع الأبقار ومشاريع التشجير والحصاد المائي، وتحلية المياه، واستخدام الطاقة المتجددة في ضخ المياه، وغيرها من المشاريع التي من شأنها جميعًا توفير بيئة حاضنة لشباب ريادة الأعمال لتقديم مشاريع في هذا الصدد، واقتباس الخبرات اللازمة لتمكين هذه الفئة من الانطلاق نحو الأسواق الإقليمية والعالمية.

الا أن هذا يتطلب من الجهات المعنية إطلاق العنان لهذه الطاقات دون الكثير من القيود، بما في ذلك عدم الحاجة للانتظار الى موافقة الدول على البند السادس من اتفاقية باريس التي تركز على تطوير أسواق الكربون، لاسيما وأن المطروح سوق طوعي يمهد شبابنا الواعد لأسواق الامتثال الإلزامية.

ولإعطاء فكرة عن حجم هذا السوق وضرورة كسب شبابنا المبدع الخبرات اللازمة ضمن المعايير والبروتكولات المعتمدة للتتبع والتحقق الإضافة والإستدامة، فإنه وحسب ” بلومبرغ إن إي إف” المتخصصة في أبحاث الطاقة، فمن المتوقع أن يصل الطلب على تعويضات الكربون إلى 1.2 مليار طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في نهاية القرن الحالي و5.38 غيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في عام 2050، وتتراوح الأسعار في سوق الكربون ما بين 8 -30 دولار للطن من “مكافئ ثاني أكسيد الكربون سابق الذكر.

ولتفعيل مشاريع سوق الكربون الطوعي لريادة الاعمال لا بد لبعض الصناعات والنشاطات الاقتصادية الوطنية التي تشارك في تلوث البيئة الوطنية وتزيد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من مد يد العون لهذه المشاريع التي تعنى بزيادة ارصدة الكربون، والتي ستستفيد من هذه الأرصدة مستقبلا للوصول الى الحياد الكربوني أو صافي الانبعاث الصفري من الغازات الدفيئة، لا سيما وان التزام مثل هذه الشركات بالحياد الكربوني قادما لا محالة عاجلا ام اجلا، في ظل اهتمام عالمي بتفعيل وتطبيق اتفاقيات التغير المناخي. ومن اهم الشركات الوطنية المعنية في هذا السياق مصفاة البترول ومحطات توليد الكهرباء التي تعتمد الوقود الاحفوري وشركة مناجم الفوسفات وشركة البوتاس العربية وشركات الأسمدة التابعة لهما ومصانع الحديد والاسمنت والمدن الصناعية الكبرى مثل سحاب ومدينة الحسن الصناعية في أربد والقسطل والقطرانة.. الخ.

وللوصول إلى هدف إنشاء سوق طوعي للكربون يحفز شباب الوطن على الابتكار وريادة الأعمال، فعلى هذه الأنشطة الاقتصادية التي تساعد في انبعاث الغازات التي تزيد من الاحتباس الحراري تخصيص موازنة سنوية من أرباحها لهذه المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وقد تكون الحاضنة الأنسب لهذه المبادرة “مركز التميز للريادة والابتكار التابع لجامعة الحسين التقنية” والذي تدعمه وترعاه مؤسسة ولي العهد المعظم (حفظه الله ورعاه) كمركز حاضن للأفكار المبتكرة وللشركات الناشئة.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version