نخبة بوست – محرر الشؤون السياسية
قال الكاتب والمحلل السياسي علي يونس، في تصريح خاص لـ “نخبة بوست”، إن فوز مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية “ليس بالأمر الصعب”، خاصة لأولئك الذين يفهمون كيفية تحول المجتمع الأميركي نحو اليمين واليمين المحافظ؛ موضحاً بأن هذا التحول يأتي نتيجة قضايا تهم الناخب الأميركي، مما يجعل الفوز بالنسبة لترامب ممكناً.
المثير للاستغراب و”التاريخي” هو أن ترامب، سيكون أول رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يحقق انتصارين غير متتاليين في الرئاسة
ترامب.. أول رئيس أميركي يترشح ويفوز بينما يواجه قضايا جنائية
وأوضح يونس أن فوز ترامب بهذه الانتخابات سيمثل سابقة تاريخية، حيث إنه أول رئيس أميركي يترشح ويفوز بينما يواجه قضايا جنائية، وهو أيضاً الرئيس الأميركي الوحيد الذي خضع لمحاولتين لعزله في مجلس الشيوخ خلال فترة رئاسته الأولى، مما يضيف إلى وضعه كرئيس “تاريخي” من منظور سلبي، نظراً لأن هذه القضايا لاحقته أثناء وبعد ولايته.
وأشار يونس إلى أن هناك غضباً واسعاً بين العرب والمسلمين تجاه إدارة الرئيس جو بايدن والحزب الديمقراطي، مؤكداً أن هذا الغضب نتيجة للدعم اللامحدود الذي تقدمه الإدارة الأميركية لإسرائيل، سواء من حيث الدعم العسكري أو السياسي أو المعنوي، في حربها ضد الشعب الفلسطيني، حيث قُتل أكثر من 45 ألف فلسطيني في غزة، واستمرت الحرب حتى الآن وتمددت إلى لبنان.
هذا الغضب، على الرغم من شدته، لم يترجم بشكل ملموس في التأثير على قرارات الإدارة الأميركية
يونس: المجتمع العربي المسلم لا يؤثر بشكل كبير على السياسيين الأميركيين، وذلك لأنهم لا يُنظر إليهم بشكل جدي، كما أنهم لا يسهمون في دعم السياسيين مالياً بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى تفرق أصواتهم بين الولايات
وضرب مثلاً على ذلك بولاية ميشيغان، التي تُعتبر فارقة لو فازت بها كامالا هاريس، كما أشار إلى ولايات أخرى مثل فرجينيا، بنسلفانيا، ويسكونسن، حيث يتم التنافس بشكل قوي بين الجمهوريين والديمقراطيين.
وأضاف يونس أن المعركة في الانتخابات الأميركية تتركز غالباً على عدد قليل من الولايات المتأرجحة، والتي تصل إلى نحو خمس أو سبع ولايات فقط، وتشمل ميشيغان، فرجينيا، ويسكونسن، بنسلفانيا، ونورث كارولينا.
وأشار إلى أن كامالا هاريس كانت تعوّل على الفوز بهذه الولايات لتعزيز فرصها حتى في حال خسارتها لولاية ميشيغان، لكن الصدمة كانت بخسارتها لعدة ولايات منها بنسلفانيا، ويسكونسن، وفيرجينيا، ما جعل فرصها تتراجع.
وأكد يونس أن الطريق إلى البيت الأبيض لا يمر عبر أصوات العرب والمسلمين، حيث لم يكن لأصواتهم تأثير واضح في هذه الدورة الانتخابية، مشيراً إلى أن ترامب حاول الوصول إلى الناخبين العرب والمسلمين والمسيحيين العرب في ولايات مثل بنسلفانيا وميشيغان، حيث ركز على أصوات اللبنانيين، الأرمن، والكلدان العراقيين.
مع ذلك، لم يكن هذا الأمر فارقاً كبيراً بسبب انقسام المجتمع العربي والمسلم والمسيحي الشرقي حول من يدعمونه
وتحدث يونس عن ترشح جيل ستاين من حزب الخضر، التي حصلت على حوالي 35 الف صوت في ولاية ميشيغان، مشيراً إلى أن هذا العدد يعتبر قليلاً بالمقارنة مع إجمالي أصوات العرب والمسلمين في الولاية، والتي تبلغ حوالي 100 ألف صوت أو أكثر.
وتطرق إلى أن هذه العوامل تعزز نظرية أن المجتمع العربي والمسلم لا يتمتع بتأثير قوي في السياسة الأميركية، وذلك بسبب ضعف مشاركتهم السياسية وعدم إسهامهم في دعم الحملات الانتخابية سواء على المستوى الرئاسي أو المحلي، ويرجع ذلك، بحسب يونس، إلى خلفياتهم الثقافية التي نشأوا عليها في دول عربية تفتقر إلى الديمقراطية الحقيقية ولا تتمتع بتقاليد انتخابية أو ثقافة سياسية قوية.
كما أكد يونس أن هذه الخلفية تؤثر على انخراطهم في السياسة الأميركية، حيث يمتنع الكثير منهم عن المشاركة بفعالية، موضحاً أن المجتمع العربي في أميركا هو امتداد للمجتمعات العربية التي قد تكون دكتاتورية أو قمعية أو تفتقر إلى الديناميكية السياسية الموجودة في الديمقراطية الغربية، مما يحد من دورهم في التأثير على مسار الانتخابات.
وفي سياق توضيحه، أشار يونس إلى انتخابات عام 2000 التي جرت بين آل غور وجورج دبليو بوش الابن، حيث لعب المجتمع المسلم في فلوريدا دوراً ملحوظاً بسبب التقارب الشديد بين المرشحين.
الفرق في الأصوات آنذاك كان بضعة مئات أو آلاف، مما جعل لهذا المجتمع أثراً قد يؤثر في فوز أحد المرشحين”؛ هذا الوضع يختلف تماماً في انتخابات 2024، حيث شهدنا دونالد ترامب يكتسح الولايات الحمراء ويحقق فوزاً واضحاً في عدة ولايات من ضمنها فلوريدا وويسكونسن ونورث كارولينا
واختتم يونس بقوله إن ديناميكية الانتخابات الأميركية تعتمد بشكل كبير على مجموعة من الولايات المتأرجحة التي تلعب دوراً رئيسياً في تحديد الفائز، مؤكداً أن الانتخابات الحالية لم تشهد تأثيراً كبيراً لأصوات العرب والمسلمين، وهو ما يوضح حجم التحديات التي تواجه هذه الفئات في التأثير على السياسة الأميركية.