نخبة بوست – مشروع نوعي كبير تقوده نخبة من الباحثين والخبراء في مصر لإنتاج دليل الاقتصاد المصري Handbook of the Egyptian Economy، وهو مشروع مستمر منذ نحو أربعة أعوام يغطّي 20 قطاعاً ومحوراً اقتصادياً، ويقوم عليه ما يزيد على 80 باحثاً متخصصاً وأكاديمياً، وبمراجعة نوعية ممّا يربو على 40 خبيراً وممارساً ومختصين أكاديميين. وعلى مدى ثلاثة أيام، عُقِدَ خلال الأسبوع المنصرم مؤتمرٌ في الجامعة الأمريكية في القاهرة تناول مخرجات الدليل عبر جلسات متخصِّصة عدّة، نوقِشَ خلالها مخرجات الدليل وعُرِضَ ضمن مشروع حمل اسم «مصر: التنمية الاقتصادية والسياسات»، الذي استهدف بدوره عرض صورة متكاملة حول تطوُّر الاقتصاد المصري في القطاعات المختلفة التي تشمل الاقتصاد الكلي، والتمويل، وقطاعات السياحة والصناعة والزراعة، وسوق العمل، وذلك بهدف الاستفادة من دروس ذلك التطوُّر عبر الزمن في استشراف مستقبل الاقتصاد والفُرص المستقبلية أمامه.
ومن المتوقَّع أن يصدر العمل عن جامعة هارفرد، في شكل كتاب يحمل مسمّى «دليل الاقتصاد المصري». وسيحوي الكتاب 14 وحدة تغطّي كافة الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المعاصرة في الاقتصاد المصري، والتي تمَّ بحثها من قِبل الباحثين، ومراجعتها من قِبل المختصين والخبراء، وتحوي على سبيل المثال لا الحصر: الاقتصادي السياسي المعاصر، الموارد الاقتصادية، دور الحكومة والحاكمية الرشيدة، السياسات الكلية، القطاعات الاقتصادية الزراعية والصناعية والخدمية، السياسات الاجتماعية، مصر والاقتصاد العالمي، الفقر والمساواة، الأبعاد المكانية للتنمية، وأخيراً وليس آخراً استشراف المستقبل في ظل تحديات ومتطلبات التوجُّهات الكبرى، والمُربكات العالمية، والاستدامة، والمحدّدات. هذا العمل النوعي الذي أُتيح لي مراجعة أحد مكوناته الأربعة عشر، والمشاركة في نقاش نوعي تفاعلي خلال المؤتمر، هو نواة مهمة لاستشراف مستقبل الاقتصادات.
وقد أشار الدكتور محمود محي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لأجندة التمويل 2030 ووزير الاستثمار السابق والمدير التنفيذي الأسبق في صندوق النقد الدولي، الذي يقود هذا الجهد، إلى أهمية هذا الجهد في استشراف مستقبل الاقتصاد المصري، وهو جهد فريد من نوعه عربياً، وقد تمَّ تنيفذ مشاريع مشابهة صدرت في كتب متخصِّصة في كلٍّ من البرازيل والهند وكوريا الجنوبية، لتكون بوصلة مستقبلية لتلك الاقتصادات. الشاهد أنَّ هذا الجهد النوعي هو نموذج مطلوب لكافة الاقتصادات العربية؛ فهو تسجيل لمسيرة عمل معاصرة وعلى مدى عقود، وهو مختبر نوعي للوصول إلى استشراف نوعي، علمي، أكاديمي، ومعرفي، للاقتصادات المختلفة. الاقتصادات التي تُسجّل مسيرتها أقدر على التعلُّم من دروس الماضي، ورسم واستشراف مستقبلها الاقتصادي والاجتماعي؛ لأنَّ للماضي دروساً، وفيه لبِناتٌ يمكن البناء عليها، وللمستقبل استشراف لا يمكن الوصول إليه بعيداً عن الماضي، أو انسلاخاً عنه.