نخبة بوست – محرر الشؤون المحلية
شهدت الصالونات السياسية الأردنية مؤخرا تصاعدًا ملحوظًا في التوترات بين شخصيات بارزة، حيث دار جدل حاد بين النائب السابق والقيادي في الحزب المدني الديمقراطي قيس زيادين و عضو مجلس الأعيان السابق ومفوض المؤسسين في حزب المحافظين د. طلال الشرفات وقد تركز الخلاف حول قضايا سياسية واجتماعية مهمة، “نخبة بوست” تنشر فيما يلي تفاصيل القصة:
الشرفات من البادية: رسالتكم وصلت والعودة إلى ساحة الموالاة واجب وطني
بدأت القصة عندما قال عضو مجلس الأعيان الأسبق ومفوض المؤسسين في حزب المحافظين د. طلال الشرفات: إن حزب المحافظين “تحت التأسيس” حزب وطني أردني آمن بالهوية الوطنية الأردنية أساسا لانطلاقته المباركة، والحفاظ على قيم المجتمع الأساسية الإيجابية الراسخة هدفاً يسعى الحزب إلى صيانتها من محاولات التغريب والاستهداف، وفكفكة الأسرة والمجتمع.
وأضاف الشرفات في لقاء مع فعاليات تربوية وشعبية في البادية الشمالية: أن حزب المحافظين “تحت التأسيس” حزب مستقل في النشأة والتنظيم والاستقطاب، وأنه لا يتقاطع مع المؤسسات العامة إلّا في مساحات الحرص الوطني والولاء للدولة الأردنية ومؤسسة العرش، وسيكون حزباً ناقداً للسياسات لا للمؤسسات كلما كان في ذلك ضرورة وطنية.
ودعا الشرفات أبناء البادية الذين انحازوا للمعارضة في الانتخابات الأخيرة إلى العودة إلى مساحات الموالاة المُعبرة عن هويتهم السياسية الحقيقية بقوله “رسالتكم الصادمة وصلت، وغضبكم الموجع يُمكن فهمه دون تبريره، وعودتكم إلى مساحات الموالاة الراسخة الأصيلة واجب وطني لا يعلو عليه واجب “في منطقة كانت منذ التأسيس معقلاً للموالاة التقليدية”.
وعبّر الشرفات عن حرص الحزب على إشراك أبناء البادية في منظومة التَّحديث السياسي والعمل الحزبي داعياً الجميع إلى التلاقح الفكري مع كل فئات الشعب وشرائح الوطن من أجل إسماع صوتهم، وتعزيز دورهم في الحياة السياسية، وصنع القرار الوطني بما يمكّنهم من إلزام الحكومات بالالتفات لهم، مبيّناً أنه لا يعتقد أن إهمال الحكومات مقصود وممنهج.
وحذّر الشرفات من خطورة المرحلة على عوامل الاستقرار، ومتطلبات النهوض للدولة بدون توحد الأردنيين، وتماسكهم الخلّاق، ونبذ التعصب والاستقواء، مبيّناً أن عوامل قوة الدولة تكمن في ثالوث التوحد، والالتفاف حول القيّادة، وهويتنا الوطنية الأردنية، داعياً الأردنيين إلى الانتساب لحزب المحافظين مؤسسين لمرحلة وطنية صادقة تتجاوز صلف الأشخاص، وشللية النُّخب، وإهمال الحكومات إلى أفق رجال الدولة الكبار.
وقال الشرفات: إن حزب المحافظين “تحت التأسيس” سيكون حزباً وطنياً ديمقراطياً، وإطاراً تنظيمياً محترفاً ينبذ المال الأسود، والعضوية المشروطة، ويقدّم للدولة نماذج وطنية مخلصة وصادقة، وكفاءات لم تألف السفارات، وتأنف صفقات البيع والشراء التي تشوّه تجربتنا الإصلاحية، وضمير شعبنا النَّقي، وتوجهات ورؤى جلالة الملك في التَّحديث والتَّطوير.
زيادين لـ الشرفات: لا نملك ترف توزيع “صكوك غفران”
بدوره؛ رد النائب السابق والمحامي قيس زيادين على الشرفات قائلا: أؤمن دومًا أن من حق كل مجموعة تأسيس حزب يتبنى رؤيتهم طالما يعمل تحت الدستور؛ وأؤمن بالتعددية السياسية وقبول الاختلاف مع الآخر؛ لكن لفت نظري توصيف حزب جديد تحت التأسيس من أحد مؤسسيه الأخ طلال الشرفات.
فالتوصيف لم يصف الحزب ومبادئه، بل كال الاتهامات على كل من يخالفه الرأي، فادعى أنه يملك الحق الحصري للدفاع عن قيم المجتمع وبذلك ممارسة الوصاية، وأنه الحامي للهوية الوطنية الأردنية، وذلك يعني أن أي خلاف على طريقة الحماية الأمثل يعني أن الطرف الآخر ضد الهوية الوطنية.”
وبحسب زيادين فإن الشرفات قسم الأردنيين إلى موالاة وغير موالاة حتى وصفها بالموالاة التقليدية!
باللغة البسيطة، أعطى نفسه الحق بتخوين جزء من الأردنيين، فعكس الموالاة هي الخيانة.
لو يشرح لنا ما هي مواصفات الموالاة؟ فمثلثنا الذهبي كأردنيين هو الملك والجيش والشعب.
هل يعلم الزميل أنه بهذه اللغة يضر بالوحدة الوطنية ولا يفيدها؟
وصف كل أردني يمتلك علاقات طبيعية سياسية مع دول أخرى بأنها محرمة. فهل يريد أن ننعزل عن العالم؟ وهل إذا قمنا بالتحاور مع صناع قرار في دول أخرى نصبح مشبوهين؟”
وتساءل زيادين: هل يعلم أن الأردن يستقبل مساعدات من دول ويتعامل معهم؟ ويؤثر بصناع قرارهم لامتلاكه علاقات متوازنة؟
أعتقد أن الزميل أخطأ في خطواته الأولى وقام بتنصيب حزبه الوليد وصيًا على الناس. وبنى فكرته على مهاجمة الآخرين وتوزيع صكوك غفران.
سؤال: عدم انتمائي لحزبك وعدم إيماني بطرحك التقليدي، ماذا يجعل مني كأردني؟
تاريخنا الأردني وقيمنا التي تدافع عنها كانت، مهما اختلفت، لا تخون الآخر.
تذكر وتأكد أننا إذا اختلفنا نختلف من باب حب الوطن.
يومًا اتهمت التيار المدني بالعمل خارج الدستور، واليوم تقوم بحصر الرأي برؤيتك.
وقال زيادين أنا جزء من تيار يؤمن بالمواطنة وسيادة القانون، وأن الأردنيين يميزهم عن بعضهم الإنجاز. أؤمن بعدم الوصاية خارج القانون. أؤمن بأن العشيرة مكون اجتماعي مهم يجب الحفاظ عليه وإبعاده عن السياسة. أؤمن بالقدرات لا بالمحاصصة.
أتمنى لك التوفيق والسداد والنجاح. وأتمنى أن تطلعنا على محاور الخلاف الإيديولوجي مع مثلاً حزب الميثاق.
وأرجوك كمحب، إن اختلفت مع غيرك من الأحزاب الأردنية أن تبتعد عن توصيف موالاة وغير موالاة.
هذه اللغة لا تصب في وحدة جبهتنا الداخلية التي نحن بأمس الحاجة لها اليوم. فالواجب الوطني “للموالي” بتصنيفك، و”لأردني” بتصنيفي، هو وحدة الجبهة الداخلية، فنحن لا نملك ترف توزيع صكوك غفران.
واختتم بقوله : في النهاية، استعملت كلمة موالاة أكثر من مرة، لذلك عليك تعريفها قبل استعمالها. فمن هم من يحظون بتصنيفك لهم كموالاة؟ لأن كل مقالاتك ضمنيًا تشير إلى من ينتمي للتيار المحافظ سياسيًا.
وإذا كان ذلك غير صحيح، عليك وصف المصطلح لنعرف، والإشارة بوضوح لمن تقصد. لأن استعمال هكذا مصطلح بكثرة يعني أن غير الموالين كثر جدًا.”
الشرفات رداً على زيادين : في فضاءات الموالاة العاقلة “نحن حرّاس الهوية”
من جانبه؛ رد الشرفات على زيادين بقوله: إن الحزب اختار الانحياز للوطن والهوية الوطنية الأردنية، وأن ساحات العمل الوطني مشرعة لكل الأردنيين، والحكم في كل الاجتهادات، والرؤى، ووجهات النظر هي صناديق الاقتراع في كل اختبار ديمقراطي، وإرادة الأردنيين هي الفيصل في الحكم على هذا الرأي أو ذاك.
وقال الشرفات إن زيادين دأب على مهاجمة الفكر الوطني المتزن الذي يحفظ للوطن لونه، وهويته، وقيمه الراسخة التي تأنف التغريب والانحياز للأجنبي أجراً أم تبرعاً، وأن اي محاولة لتفكيك المجتمع، وتقويض سيادته هي خيانة للوطن لا يمكن تفسيرها أو تبريرها، لا سيما وأن الصراع الأبدي على مفهوم هوية الدولة وسيادتها سيبقى عنواناً وفارقاً في التمييز بين الوطني والمواطن.
وأبدى الشرفات استغرابه من إمعان زيادين على مهاجمة الفكر الوطني الملتزم رغم حرص تيار الموالاة والوسط المحافظ المتنور على استيعاب كل القوى الناشئة التي ما زالت تتلمس طريقها في الفضاء السياسي، وتسعى بأمل لتوظيف افكارها -التي نختلف معها- في المشهد العام، مؤكداً أن الحرية المطلقة مفسدة مطلقة؛ لأنها تقوّض القيم، وتغتال السيادة الوطنية.
وأضاف الشرفات أن الوطن وحده من يملك منح “صكوك الغفران” لأبنائه عند انحراف سلوكهم السياسي، أو شذوذه عن معايير الوطنية الحقّة، ويقبل توبتهم الحقيقية عند عودتهم إلى جادّة الصواب وصدق الانتماء. وأن ما يقوله الساسة هنا أو هناك مجرد اجتهادات ورؤى لا تغادر مساحات الاختلاف المشروع أو المناكفة التي لا معنى لها.
وقال الشرفات: إن من أبسط حقوقنا الاعتزاز بهويتنا الوطنية، وتمسكنا بثوابتنا التي لا نحيد عنها لمغنم أو لمغرم، وأن مفهوم الموالاة التقليدية ثقافة أصيلة لا تستطيع القوى الحالمة إدراكها مهما مارست من أساليب التقّية والاستعماء أو الاختباء في مصطلحات ومضامين هي لنا تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً نذود عنها بالمهج والأرواح من أجل الوطن.
وبيّن الشرفات أن العلاقة السياسية مع الدول والسفارات هي حق حصري للدولة بسلطاتها ومؤسساتها، ولعل الارتماء في أحضان الغير سلوك نشاز تأنفه النفس الوطنيّة السويّة، مشيراً إلى أنّ المثلث الذهبي الذي أشار إليه زيادين “الملك، والجيش، والشعب” هو ما يوجب الرصانة السياسية، والانضباط الوطني.
وقال الشرفات “إنني لم اتهم الحزب المدني الديمقراطي بشيء ولم أصدر حكماً، ولكني أبديت رأياً في مسألة الحرية التي أشارت إليها مبادئ الحزب، واجتزاء مواد من الدستور كمبادئ دون الإشارة إلى التزام الحزب بكل مضامين الوثيقة الدستورية، وهذا رأي كان يمكن الرد عليه وتوضيح موقف الحزب منه دون صلف”.
“نخبة بوست” تتساءل هل سنشهد خلال الايام المقبلة مزيدا من المقالات والردود الهجومية أم سيكتفي زيادين والشرفات بهذا الحد !؟