نخبة بوست – يبدوا أن وزير تطوير القطاع العام مهتم في تحقيق إنجازات عملية ملموسة على أرض الواقع من منظومة التحديث الإداري ، ويترك بصمة إنجاز يشار لها بالبنان وتنسب له وللحكومة التي يعمل بمعيتها، ويظهر ذلك بتجاوبه السريع إنشاء مجلس أمناء لمعهد الإدارة العامة ، وهو بيت الخبرة ونقطة انطلاق وترجمة التحديث والتطوير الإداري ، ويبقى على معالي الوزير في حال صدور نظام المجلس بصيغته القانونية ويأخذ الصفة القطعية بنشره بالجريدة الرسمية ، أن يبدأ مباشرة بإعادة هيكلة المعهد ، وإعادة تسكين كوادره البشرية بعدالة وفق خبراتهم وتخصصاتهم ، والاستفادة من بعض الخبرات غير المفعلة، وإعادة النظر بكوادر المدربين الذين يتم استقطابهم للتدريب في المعهد على أن يكونوا من ذوي الخبرة والكفاءة والتخصص.
حيث أن هناك العديد من الخبرات التدريبية التي يمكن أن تلعب دور كبير في تطوير وتحسين أداء المعهد، من خلال وضع الخطط والبرامج التدريبية ونوعيتها لتنسجم مع مخرجات التحديث الإداري ، وبما ينعكس إيجاباً على الأداء العام للخدمات المقدمة من الوزارات والمؤسسات والدوائر الرسمية بمختلف مهامها، كما على معالي الوزير مهمة كبيرة وصعبة وعاجلة وهي إعادة النظر بمهام وبرامج وعدد مفوضي هيئة الخدمة العامة والإدارة ، وأن تنتقل بعملها من الغرف المغلقة إلى الميدان مباشرة ، فيكفي عقد ورش وعروض الداتا شو ، والمصفوفات والتنظير فيما بينهم.
فالمواطن لغاية الآن وبعد مرور حوالي سنتين لم يلمس نتائج وآثار التحديث الإداري ، فالتحديث والتطوير الإداري يتم بقرار وليس بورش ولجان ومفوضين لأن هذه اللجان والورش هي البيروقراطية بعينها، ومن الأمثلة على ذلك على سبيل المثال لا الحصر، أول خطوة في التطوير الإداري تمت في الأردن كانت من قبل المرحوم الباشا نصوح محي الدين قبل حوالي ما يزيد عن ثلاثة عقود عندما كان مدير عام دائرة الأحوال المدنية والجوازات.
حين لجأ إلى أسلوب القاعات المفتوحة ” الكاونترات” من خلال هدم الجدران بين المكاتب التي كانت عقبة في سرعة إنجاز المعاملات والتي كانت تأخذ عدة أيام ، والمثال الثاني كان في مؤسسة المناطق الحرة حينما لجأ مدير عام مؤسسة المناطق الحرة آنذاك عطوفة علي المدادحة وكنت أعمل بمعيته مديرا لمكتب المدير العام إلى البدء بعملية التطوير الإداري من خلال بناء الهناجر المفتوحة للمكاتب وإنجاز المعاملات ، وفصل معاملات التخليص للمركبات عن البضائع ، ثم عملية حوسبة المعاملات.
وتم هذا التطوير من خلال الجولات الميدانية للمدير العام التي كان يقوم بها مشيا على الأقدام والاستماع لآراء المستثمرين وهمومهم، وآراء الموظفين ، وقبل ذلك بدأنا عملية مكافحة الفساد المالي والإداري والرشوة، وإعادة تسكين وتدوير الموظفين ، بعد نقل العديد منهم إلى بعض الدوائر ، وتحويل بعضهم للمحاكم أو دوائر مكافحة الفساد ، فبدأ العمل في تطوير المؤسسة بعد تنظيف البيت الداخلي من براثن الفساد .
وهكذا استمرت عملية التطوير بقرار وإرادة إدارية داخلية وليس من خلال ورش عمل وعروض تنظيرية، وأصبحت مؤسسة المناطق الحرة جاذبة للاستثمار ومن أفضل المناطق الحرة في المنطقة ، وبعد ذلك بدأت عملية التطوير الإداري في معظم مؤسسات الدولة ، وفي مقدمتها دائرة ترخيص السواقين والمركبات ، فالمطلوب من معالي وزير تطوير القطاع العام الدكتور خيري أبو صعيليك أن يبدأ مباشرة في زيارات وجولات ميدانية للدوائر والاطلاع على الأداء الإداري والخدمات وجودتها ومدى سرعة إنجاز المعاملات للمواطنين لتقييم أداء هذه الدوائر والبدء مباشرة في تحسين مستوى الأداء الحكومي الإداري مباشرة بقرارات وليس من خلال ورش التنظير، من خلال الاستعانة بأصحاب الخبرة والدراية في هذا المجال .
وبذلك نكون بدأنا عجلة التحديث الإداري حقيقياً ، فهل يفعلها معالي وزير تطوير القطاع العام ، أظن أنه قادر على ذلك، ويملك الرؤية والنفس والهمة والإرادة ، علاوة على خبرته النيابية الطويلة وجرأته في إتخاذ القرار المناسب للنجاح ، وها نحن بالإنتظار ، وأن غداً لناظره لقريب ، وللحديث بقية.