نخبة بوست – رجوع ترامب أخبار سيئة، يستطيع البعض التقاط بعض الأرقام والمؤشرات ليُطمئن نفسه ويُطمئننا، إلا أن الواقع غير ذلك، ما ننساه ان ترامب ليس شخصا سياسيًا او حزبيًا، وليس شخصًا اقتصاديا بالمعنى المعروف في العائلات الأميركية الاقتصادية العريقة مثل عائلة روتشيلد أو عائلة روكفلر، هو شخص عصامي متعهد بطولات مصارعة ومطور عقاري، ورغم مؤسسية النظام الأميركي إلا أنه شخص نرجسي لا يرى ولا يسمع إلا نفسه، فالعالم بالنسبة له سوق وفرصة تجارية والتعامل بين الناس صفقات ناجحة او فاشلة، والناس بما فيهم الحكام في العالم هم أشخاص إما ناجحون او فاشلون يحدد موقفه منهم بناء على تقيم ذاتي غالبا ما يكون ساذجًا.
فعلى سبيل المثال، موقفه من الحرب في أوكرانيا ليس موقفًا استراتيجيا أبدًا فهو يراها صفقة فاشلة لأن اميركا تدفع أكثر من اوروبا لتمويل هذه الحرب، ولهذا وعد بإنهائها في يوم واحد، حلف الناتو عبء على اميركا كما يراه، وذلك لان اميركا تمول اغلب ميزانية الحلف، الحروب في منطقة الشرق الأوسط بنظره عبثية لان هناك “قادة فاشلين” ولهذا وعد بإنهاء هذه الحروب، هكذا فقط يرى الأمور، فلا قضايا حقوق إنسان ولا قضايا وطنية وهو مشهور بازدراء القانون الدولي والأمم المتحدة ومؤسساتها وخاصة الأنروا.
ومن جانب آخر فإنه عدو للإسلام السياسي، وأعتقد انه عدو للإسلام عمومًا، ولا ننسى هنا موقفه من جماعة الإخوان المسلمين والتلويح باعتبارها منظمة إرهابية. وقطعًا فإنه لن يمانع باستغلال”الخصام” الشيعي السني والخلاف المذهبي عمومًا لبيع السلاح وإشعال حروب دينية في المنطقة!
العلاقة بينه وبين نتنياهو سيئة، لكن ما قدمه لإسرائيل غير مسبوق، ابتداء من نقل السفارة إلى القدس والاعتراف بضم الجولان والاعتراف بشرعية المستوطنات في الضفة وصفقة القرن التي تعتبر تصفية للقضية الفلسطينية كقضية شعب واعتبارهم سكانا يبحثون عن إسكانات! وفي هذا الصدد فإن بعض المحللين السياسيين يعتقدون ان ما قام به في ولايته الأولى دعمًا لإسرائيل كان «صفقة» لضمان نجاحه في انتخابات عام (2020) التي هُزم بها امام بايدن وأنه قد لا يقوم بنفس الدور في دروته الرئاسية القادمة.
أتفق ان ترامب لن يؤثر كثيرا على العلاقة القائمة بين الأردن وأميركا ولن يؤثر على حجم المساعدات التي تقدم من اميركا للأردن، كما أتفق أنه يمكن التعامل مع ترامب باعتباره “رجل أعمال” يمكن أن تتوصل معه الى صفقات، لكن ترامب قد يعمل على تخليد اسمه – ضربة مقفي- وذلك مثلا بتوسيع أرض إسرائيل – وقد صرح مؤخرًا ان خريطة اسرائيل تبدو صغيرة – او يعمل على تصفية القضية الفلسطينية بدعم إجراءات صهيونية لضم الضفة او إحياء صفقة القرن ودعم تهجير ناعم او إنساني للفلسطينيين وهو ما يعتبر خطرًا وجودياً داهمًا على الأردن.
نعم، الأردن تخطى “ترامبات”ومطبات وتهديدات كثيرة في السابق والأردن ليس حلقة ضعيفة والشعب الأردني جاهز للنضال دفاعا عن شعبه ودستوره ووطنه، لكن الحذر واجب.
غاية القول القانون السائد في التطوير العقاري وترامب مطور عقاري، ان الأهمية في التطوير العقاري هي الموقع والموقع ثم الموقع أما السكان فهم عقبة تزال بدفع المال او بالبلطجة والتهديد والقوة، ما ينساه هؤلاء المطورون العقاريون ان هذه المرة «وقعتهم» مع مواطنين متمسكين بأرضهم وقيمهم وتراثهم، ولن يقهروا لا بالمال ولا بالحروب، بين ذهنية المطورين العقاريين ونضال الشعوب ومقاومتها من أجل حريتها وكرامتها فارق لا يعرفونه ونعرفه نحن والتاريخ يشهد على ذلك جنابك!