نخبة بوست – الملك الحسين ظاهرة قيادية مدهشة، برهنت مسيرته وحكمه طيلة 47 عامًا على أن المُلْكَ يقوم على المحبة والكرامة والعدل والصفح والإنصاف، لا على الاستبداد والظلم.
كان متساميًا مترفعًا سريعًا اتصاليًا، وتجلى ذلك في ولعه بالطيران، وسباقات السرعة، والدراجات النارية، والراديو، والتزلج على الماء، والتنس.
كان أقصى رد فعل له، عندما يسمع ان أحدهم شتمه، قوله: الله يصلحه !!
وجه الملك الحسين رسالة تحقير ووخز إلى نتنياهو في 9 آذار 1997، حذر فيها من نتائج بناء المستوطنات، تبرهن احداث اليوم على دقة ما توقعه:
كتب الملك: ( إذا كانت نيتك استدراج إخوتنا الفلسطينيين، إلى مقاومة مسلحة حتمية، فما عليك إلا أن ترسل جرافاتك لإقامة المستوطنات …).
كانت لجنة إعمار المسجد الأقصى تعاني من نقص مالي، فأرسل أبو عبد الله إلى لجنة الإعمار الهاشمي، رسالة بتاريخ 11 شباط 1992 جاء فيها:
« … فإنه ليسعدنا أن ننقل إليكم تبرعنا الشخصي، مقدمًا لهذا العمل العظيم باسم أسرتي الهاشمية سليلة آل البيت وحاملة رسالته.
وإذ علمنا منكم أنَّ ما هو متوفر لديكم هو مبلغ 1.2 مليون دينار، فإنني أضيف لهذا المبلغ ما مقداره 8.249 مليون دولار تبرعًا شخصيًا مني ومن أسرتي الهاشمية».
كان المبلغ هو ثمن بيت الملك الحسين في لندن، باعه عندما علم بحاجة المسجد الأقصى إلى المال، فحمل معالي الصديق نبيه شقم، رئيس التشريفات الملكية «الشيك» ثمن البيت، وقدمه إلى لجنة إعمار المسجد الأقصى.
حينذاك كتب الصديق هاشم القضاة: «إنّ من يبيع بيته ليعمّر بيوت الله، لن يخذله الله أبدًا».
الملك الحسين من أكثر القادة الذين تعرضوا إلى سوء الفهم، وإلى الظلم المفرط. لكن الذين ناصبوه العداء، عادوا إلى امتداحه، بعد أن تبينوا حقيقته، وخاصة الرئيس جمال عبد الناصر، الذي امتدحه في برقيته الشهيرة، بعدما شتمته إذاعة «صوت العرب» القاهرية، أكثر من 15 سنة، وَصَمَته خلالها بالخيانة والعمالة والرجعية، إلى آخر أوصاف ذلك الزمن العربي المقيت الغابر، زمن الهزائم والانكسارات والنكبات.
جاء في برقية الرئيس جمال عبد الناصر إلى الملك الحسين بالحرف الواحد:
«أخي الملك حسين، عندما يكتب التاريخ سوف يذكر لك جرأتك وشجاعتك. وسوف يذكر للشعب الأردني الباسل أنه خاض هذه المعركة فور أن فرضت عليه، دون تردد ودون أي اعتبار إلا اعتبار الواجب والشرف.
بقي لي وأنا أعلم كل جوانب الظروف التي نمر بها أن أعبر لك عن كل تقديري لموقفك الشجاع ولإرادتك الحاسمة وللبطولة التي أظهرها كل فرد في الشعب الأردني والجيش الأردني».