نخبة بوست – محرر الشؤون الرياضية
بعيدًا عن الأهمية التاريخية للقاءات المنتخبين الأردني والعراقي لكرة القدم، والتي تميزت دومًا بالإثارة حتى الأنفاس الأخيرة، إلا أن المباراة الأخيرة، المعروفة بـ“غزوة كراج حويدر”، اكتسبت أهمية غير مسبوقة وتجييشًا هائلًا برز على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث طُرحت لغة تهديد بـ“كراج حويدر” وكأنها معركة “ثأر عربي”.
أهمية اللقاء
جاءت أهمية اللقاء من نقطتين أساسيتين: الأولى لغة التصعيد والثأر التي تصاعدت عقب مباراة ربع نهائي كأس آسيا، والتي انتهت بفوز أردني دراماتيكي في الثواني الأخيرة.
أما النقطة الثانية فتكمن بالأهمية التنافسية للقاء في ترتيب المجموعة المؤهلة لكأس العالم 2026، حيث يبدو أن المنافسة على البطاقة الثانية المؤهلة ستنحصر بين الأردن والعراق، بينما أصبح تأهل كوريا الجنوبية شبه محسوم.
التجييش للمباراة: لمصلحة من؟
فمنذ الإعلان عن توزيع المجموعات المؤهلة لكأس العالم، بدأ الجمهور العراقي بالتجييش عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واعتبر المباراة فرصة للثأر، وصل الأمر إلى حد الاستعانة بالأولياء الصالحين والدعاء للفوز. وتحول مصطلح “كراج حويدر” إلى رمز لموقع معركة مقدسة منتظرة، أشبه بفتح تاريخي أو “كربلاء جديدة”.
كما شهدت المباراة زحفًا جماهيريًا بدأ قبل أيام، وامتلأت المدرجات بسعة قياسية بلغت 65 ألف متفرج، منهم 5 آلاف أردني. وأعلنت البصرة عطلة رسمية في يوم المباراة؛ لكن السؤال الأبرز: من خدم هذا التجييش؟
تأثير التجييش على المنتخب العراقي
لقد كان المتوقع أن يستفيد المنتخب العراقي من هذا التجييش، إلا أن الضغط الجماهيري كان له أثر عكسي؛ إذ بدا المنتخب مرتبكًا تحت الضغط النفسي الهائل من داخل الملعب وخارجه، مما انعكس على أدائه الميداني.
تعامل المنتخب الأردني مع اللقاء
وللمرة الأولى تحت قيادة المدرب جمال سلامي، ظهر المنتخب الأردني بتكتيك منضبط وأداء هادئ. قدم شوطًا أول مميزًا وكاد أن يتقدم مرتين، لكنه تراجع في الشوط الثاني تحت ضغط الجمهور العراقي، ولجأ إلى اللعب على المرتدات التي كادت أن تؤتي أكلها لولا التسرع.
وضمن أرض الملعب ؛ كان واضحًا أن المنتخب الأردني استثمر أجواء المباراة بشكل أفضل من نظيره العراقي، ولعب على الأعصاب العراقية بهدوء احترافي، مما زاد من تأزيم موقف المنتخب العراقي.
التعمري والنعيمات: تساؤلات مقلقة
وفي المقابل؛ من أبرز عيوب اللقاء كان غياب الانسجام بين الثنائي موسى التعمري ويزن النعيمات؛ التعمري غلبت عليه الفردية وعدم التركيز، بينما بدا النعيمات بعيدًا عن مستواه المعهود ولم يخلق فرصًا كافية لنفسه. كان قرار استبدالهما موفقًا من المدرب جمال سلامي، خصوصًا مع دخول محمود مرضي الذي أعاد الحيوية للمنتخب ورفع وتيرة الأداء.
لماذا لم يبدأ مرضي “أساسيًا” ؟
لكن يبقى السؤال الأبرز: لماذا لم يشترك محمود مرضي منذ البداية؟ اللاعب أثبت قدرته على تأمين الكرات للمهاجمين وتهديد مرمى الخصم، خاصة من الجهة اليسرى. التفسير الوحيد هو ضعف دكة البدلاء، مما دفع المدرب للحفاظ على أوراقه الرابحة حتى اللحظات الأخيرة، وهو ما حدث بالفعل.
نجوم اللقاء
وفي خطوط الدفاع، تألق يزن العرب بثبات وثقة، وكان صخرةً تصدت لمعظم الهجمات العراقية، بل ساهم في بناء الفرص الهجومية.
لكن في المقابل، أثبت علي علوان جدارته كلاعب من طراز رفيع، وكاد أن يكون العامل الحاسم في بناء الهجمات وتوزيع الأدوار داخل الملعب، ليشكل مع التعمري والنعيمات ثلاثيًا هجوميًا قويًا.
مباراة العودة: مفصل تاريخي
من وضع جدول المباريات بدا وكأنه يقرأ الكف أو يفتح بالفنجان؛ فآخر مباريات الفريقين ستكون المعركة الفاصلة للتأهل إلى نهائيات كأس العالم 2026، شريطة عدم استنزاف أي نقطة مجانية في باقي المباريات، وتحقيق أي نقطة من أمام الشمشون الكوري.
لقاء العودة سيكون تاريخيًا، بل والأصعب في تاريخ المنتخبين؛ تُفتح فيه كافة الاحتمالات، مع توقع أكثر منه أمل بأن المنتخب الأردني اليوم أكثر ثباتًا من العراقي إن لم يقع في الأخطاء.