* أبو دلو: الأعراف الدولية تستند إلى أن لا يكون هناك أي استهتار أو استهزاء في السلام أو النشيد الوطني
* الماضي: السلام الملكي أداة من أدوات احترام سيادة الدول؛ وحالها كحال السفارات
أثارت حادثة إطلاق الجمهور العراقي لصافرات أثناء عزف السلام الملكي الأردني التساؤلات حول أهمية احترام النشيد الوطني ودلالاته السياسية والقانونية والدبلوماسية الدولية.
النشيد الوطني يعتبر رمزًا سياديًا يعبر عن هوية الدولة وكرامتها، لذلك، يُعد احترامه واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا لا يقتصر على المواطنين فحسب، بل يشمل الضيوف والجماهير الدولية على حدٍ سواء.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هي الإجراءات التي ينبغي اتخاذها حيال هذه التصرفات؟ وما هو موقف القوانين والأعراف الدولية تجاه احترام النشيد الوطني؟
أبو دلو: هذه هي الإجراءات القانونية أمام الأردن ..
وفي هذا الصدد، قال أستاذ القانون العام معاذ أبو دلو في تصريح خاص لـ “نخبة بوست” إن الدولة الأردنية حكيمة بتصرفاتها الدولية ولن تقوم باتخاذ إجراءات دبلوماسية أو دولية؛ كون أن الأمر يتعلق بردة فعل جماهيرية في الملعب، ولم يصدر على مستوى رسمي أو حكومي.
وأضاف أبو دلو بأن الأعراف الدولية تستند إلى أن لا يكون هناك أي استهتار أو استهزاء في السلام أو النشيد الوطني، كما لا يجوز إهانة أي رمزية لهذا النشيد؛ لأن إهانته تؤدي إلى توتر العلاقات الثنائية بين الدول، وخاصة أن الرمز يعد سياديًا للدولة ومرتبطًا بكرامة الدولة وأسس تكوينها.
أما فيما يتعلق بالرد الأردني على هذا الإجراء وفقًا للقوانين والأعراف الدولية، أشار أبو دلو إلى أن المملكة الأردنية تستطيع الإدانة الرسمية بحيث تعبر فيها عن رفضها واستيائها من هذه التصرفات.
وتابع أبو دلو بأن الإجراءات أمام الأردن قد تصل إلى حد تخفيض العلاقات الدبلوماسية، مثل استدعاء السفير الأردني أو تقليص البعثة الدبلوماسية أو تأجيل طلب الفعاليات الرسمية المشتركة والاتفاقيات، أو أن تتوجه بطلب شكوى لدى جامعة الدول العربية أو الأمم المتحدة حيال الاستهتار والاستهانة في موضوع النشيد الوطني من قبل الطرف العراقي أو الجماهير العراقية.
إلا أن أبو دلو أوضح أن الدولة الأردنية لن تقوم بهذه الإجراءات، كون أن الأردن يقدر علاقاته التاريخية مع شقيقه العراقي، ويدرك تمامًا أن مثل هذه التصرفات الخارجة عن المألوف لا يمكنها أن تؤثر على الشعبين الأردني والعراقي، والذين بينهما أوصل وروابط لا يمكن للفتنة أن تمزقها.
وأفاد أبو دلو بأن احترام النشيد الوطني أو السلام الملكي للدول غير منصوص عليه في القانون الدولي ولا في المواثيق ولا في المعاهدات، إنما هو “عرف دولي” يعد أساسًا ومصدرًا من مصادر القانون الدولي، واحترامه نابع من احترام سيادة الدول.
وفيما يتعلق بما يتوجب على العراق أن يقوم به إزاء هذه الأفعال والتصرفات، أوضح أبو دلو أنه كان يتوجب على دولة العراق الشقيق أن تقوم بتقديم اعتذار رسمي عن هذا التصرف وتعزز الأمور اللوجستية والأمنية وترتيبات الأمنية حتى لا تعيد الجماهير مثل هذه التصرفات في قادم الأيام سواء في المحافل السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو الرياضية.
وبين أبو دلو بأن ردة الفعل تلك كانت مفاجئة للأردن على المستوى الشعبي، كون أن الأردن رئة لأشقائه العرب، وكانت اليد المدودة دائمًا للعراق ولم يقصر مع الأشقاء في العراق دائمًا.
وختم حديثه قائلاً: “نتمنى في قادم الأيام أن لا يكون هناك ما يعكر صفو العلاقات ما بين المملكة الأردنية الهاشمية حامية العروبة، والتي عاصمتها عمان تحتضن العروبة، وبين أي دولة عربية وخصوصًا دول الجوار الشقيقة، ومنها العراق.”
الماضي: النشيد الوطني أداة من أدوات احترام سيادة الدول؛ وحالها كحال السفارات
من جانبه؛ قال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الألمانية الأردنية د. بدر الماضي إن السلام الملكي هو أداة من أدوات احترام سيادة الدول وقيمها، وهي حالها كحال احترام السفارات وحمايتها.
ووصف الماضي ما حدث أثناء مباراة الأردن والعراق بالجهل من قبل الجماهير التي لا تراعي فكرة السيادة، ولا يوجد لديها معرفة بما تعنيه هذه القضايا؛ مما يسبب بعض الإشكالات التي تحدث بين الدول، والتي قد تؤدي إلى نزاع بين الدول وقطع العلاقات الدبلوماسية بسبب تصرفات الجمهور، وخاصة إذا كان هذا الجمهور مُعبّأً سياسيًا أو مذهبيًا ضد دولة أو أخرى.
وتابع الماضي حديثه بالقول إن هذه الفئة من الجماهير لا تمثل إلا نفسها، لكنها منتج لتحشيد طائفي ومذهبي وتحشيد سياسي أحيانًا، ولكن في المقابل رأينا حفاوة في الاستقبال لدى أهالي البصرة للّأردنيين.
واستطرد خلال حديثه إلى أمثلة مشابهة مثل تلك الأحداث التي ارتكبت من قبل الجماهير الإسرائيلية في أمستردام، وآخرها إطلاق المشجعين العراقيين لصافرات الاستهجان أثناء عزف السلام الملكي الأردني، الذي أزعج اللاعبين والمسؤولين العراقيين.
وأشار الماضي إلى ردة الفعل الأردنية بأنها لن تكون متسرعة، واصفًا إياها بأنها دائمًا ما تلبس نفسها لباس العقل والمنطق والاحترام، وهي تتصرف وفق القيم التي تعودت عليها، ومن المعايير الأخلاقية التي دائمًا ما كانت تحكم السلوك الأردني، سواء على المستوى السياسي أو الوطني أو الاجتماعي.
وأضاف الماضي أن من المتوقع من الجمهور الأردني أن يتصرف وفقًا لقيمه وعاداته وتقاليده التي تجمع الجميع، وألا يكون مجرد صدى لهتافات وتشجيع لا يمت للرياضة بروحها، ولا يتوافق مع الأخلاق التي اعتادت عليها المجتمعات في التعامل مع بعضها البعض.
وأشار الماضي إلى أن الجمهور الأردني مدعو للتصرف بحكمة، وسيكون على قدر عالٍ من الفهم لواقع الأردن، بحيث لا يصدر عنه أي تصرف يسيء إلى الأردن أولاً، وإلى عاداتنا وتقاليدنا، أو يؤثر سلبًا على مستقبل الرياضة في المملكة، بغض النظر عن تصرفات الآخرين. وهذه نقطة ارتكاز قوية تعبر عن موقف ثابت وصلب للمجتمع الأردني وللدولة الأردنية.
وختم حديثه بأن الأردن دائمًا سيبقى متمسكًا بتصرفاته في هذا الإطار، إطار العقل وعدم الالتفات إلى جهالة بعض الأفراد، ولكن في الوقت نفسه، الأردن يريد من الدولة المعنية أن تتخذ الإجراءات المناسبة من خلال التركيز على أن الرياضة أسمى من قضية الخلافات السياسية أو المذهبية.
تحية العلم: رمز الاحترام والالتزام بالقيم الوطنية
عادة اعتدنا عليها منذ صغرنا؛ ففي الطابور الصباحي بالمدرسة، كنا نقف منتبهين أثناء تحية العلم، نصغي للسلام الملكي، ونقف وقفة ثابتة احترامًا للعلم وللدولة.
لم يكن هذا الفعل موثقًا في قانون المدرسة أو موضحًا على لافتة الإجراءات على الحائط، بل كان عرفًا من أعراف المدرسة التي اعتدنا الالتزام بها، احترامًا منا للدولة وللمدرسة .. ويبقى تصرف الجماهير العراقية “فرديا” ولا يستدعي الوقوف عنده.