نخبة بوست – بدون قيود، بلا محرمات، بدون الإحساس بالذنب أو المسؤولية، وبدون توقع عقوبات سياسية أو دبلوماسية أو مقاطعات من دول مهما كان وصفها، تتمادى المستعمرة الإسرائيلية اعتماداً على تفوقها الجوي، وسلاح طيرانها المتمكن في استباحة أجواء ثلاثة بلدان عربية: فلسطين، غزة، لبنان، وسوريا مخلفةً الدمار والقتل، بلا أدنى احتجاج إلا من شعوب أوروبية، تقف ضد أنظمتها، خجلةً من ماضي بلدانها الاستعماري.
تقصف بلا حدود، أماكنَ مدنيةً، تمسح أحياءً بكاملها، في غزة، في بيروت، في سوريا، تقتل سكانها، تهدم بيوتها على ساكنيها، بلا رأفة، بل بمباهاةٍ ووحشيةٍ، وعداءٍ لكل ما هو فلسطيني وعربي وإسلامي ومسيحي، بل والعداء لكل ما هو إنسان غير يهودي.
إلى متى يستمر هذا الصمت المعيب، المخجل، الدوني، الذي يفتقد للاحترام للذات الإنسانية، الشراكة في الحياة، وكيف يمكن الصمت على من يقترف قتل الحياة لدى المدنيين وخاصةً لدى الأطفال؟ يتم تدمير الأبنية المدنية بدون ذنبٍ من أصحابها وساكنيها وجيرانهم. كيف يمكن الاستمرار بالصمت وجرائم القتل البشعة واضحة جلية، عبر الطيران العسكري والقذائف المدمرة؟ وكيف يمكن لحزبٍ متمكنٍ مثل حزب الله، لم يفكر، لم يحصل، لم يتمكن من الحصول على دفاعات جوية مناسبة قادرة على التصدي لطيران العدو، وهو يملك هذه القدرة على التسليح؟
الحرب غير متكافئة، نعم، ندرك ذلك، لأن الولايات المتحدة تقوم بتوفير كل قدرات التفوق العسكري والاستخباري للمستعمرة، ولكن من المفترض من قوى المقاومة أن تلجأ إلى الوسائل التي تمكنها من جعل معركة العدو باهظة الكلفة والتكاليف، وقد لا تكون عسكرية، فقد تمكنت الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 أن تفرض على حكومة المستعمرة اتفاق أوسلو قبل أن يستنفد أغراضه الفلسطينية في مفاوضات كامب ديفيد في تموز 2000 التي رفض نتائجها الراحل ياسر عرفات، وقبل أن ينتهك نتائجها شارون ويعيد احتلال المدن الفلسطينية بعد مؤتمر قمة بيروت في آذار 2002، التي سبق وانحسر عنها الاحتلال.
العالم يتضامن مع الفلسطينيين، وها هي اللجنة الثالثة بالأمم المتحدة، المعنية بالشؤون الإنسانية والاجتماعية والثقافية، توافق أول أمس على مشروع قرار يتضمن: حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، ودلالته القوية أن 170 دولة من دول العالم 193 صوتت لصالح القرار، وصوتت ضده 6 دول فقط هي: المستعمرة، والولايات المتحدة، ومعها الأرجنتين وما يسمى ميكرونيزيا، وناورو والباراغواي، مما يؤكد عدالة القضية الفلسطينية وحقوقها المشروعة وتطلعاتها المحقة، مما يزيد من حنق الإسرائيليين وغضبهم وحقدهم، ويتمثل ذلك بحجم الإجرام والقتل ضد المدنيين للتخلص من الديمغرافيا الفلسطينية على أرض فلسطين، وهو برنامج عملي يسعون له، يحتاج لمزيد من اليقظة والوعي، وكيفية مواجهته وإحباطه ليس بالعنتريات بل بالتفكير الواعي والتماسك الوطني، فالكل مستهدف، ولا أحد يتوهم أنه سينجو من شرورهم.